لغلاء العلف والدواء
مربو طيور الزينة بدرعا يتخلون عنها
درعا – حليم محمد
“ما زلت أحتفظ بالقفص فارغًا، وأفتقد صوت العاشق والمعشوق كل صباح”، هكذا عبّر محمد (18 عامًا) عن تأثره، بسبب اضطراره إلى التخلي عن شغفه بتربية الطيور في منزله.
باع محمد طير “عاشق ومعشوق” بعد تربية استمرت أكثر من ثلاث سنوات، موضحًا لعنب بلدي أنه لم تعد هناك أهمية لتربية الطيور، فهناك أمور أهم منها، كتربية الدجاج لتأمين البيض، وخاصة بعد غلائه بالأسواق المحلية، إذ وصل سعر طبق البيض إلى 30 ألف ليرة سورية.
قال محمد، وهو طالب في الصف الثالث الثانوي، إن تربية الطيور أصبحت مكلفة لغلاء الأعلاف، إذ يحتاج كل طير إلى ما لا يقل عن 30 ألف ليرة ثمنًا للطعام كل شهر.
وبعد أن كانت هواية ومصدر دخل لكثير من السكان في محافظة درعا، جنوبي سوريا، تخلى كثيرون عن مهنة تربية الطيور جراء غلاء الأعلاف، وتراجع القدرة الشرائية للسكان، وفقدان التواصل بين مناطق المحافظة والمحافظات الأخرى.
عزوف عنها هواية ومهنة
اكتفى سعيد (40 عامًا)، من سكان مدينة طفس في ريف درعا الغربي، بتربية طير من الحجل، وثلاثة طيور من الحمام، بعد أن كان يمتلك محلًا في درعا يضم عشرات الطيور من الحمام والحجل والكناري والحسون.
وقال سعيد الذي يشتغل بأعمال المياومة الزراعية حاليًا، “إن مهنة تربية الطيور هواية قبل أن تكون مصدر رزق، ولكن تكاليف التربية من أعلاف وأدوية دفعتني لبيع جميع الطيور”.
وحول أسباب عزوف الرجل عن هوايته ومهنته الأصلية، أوضح سعيد أن سعر العلف تحوّل إلى عامل خسارة تترتب على المربي، فلكل طير نوع من الأعلاف، بحسب سعيد، فـ”البريق” للكناري، و”الدخن” لـ”العاشق والمعشوق”، و”القنبز” للحسون، ويحتاج كل طير إلى ما يقارب الكيلو من هذه البذور شهريًا.
ويصل سعر كيلوغرام “الدخن” إلى 13 ألف ليرة سورية، و”البريق” إلى 18 ألف ليرة سورية، و”القنبز” إلى 40 ألف ليرة سورية.
من جهته، قال محمد (42 عامًا) وكان يعمل في تجارة الطيور قبل خمس سنوات، إنه ترك المهنة واكتفى بتربية “عاشق ومعشوق”، ويعمل بمهنة الحلاقة الرجالية حاليًا.
“من الأسباب التي دفعتني لاعتزال المهنة غلاء الأعلاف، وكساد سوق البيع بسبب انكفاء السكان عن شراء الطيور”، أضاف محمد.
في حين كان لدى عبد السلام (20 عامًا) مجموعة من الطيور كالكناري، و”طيور الجنة”، و”العاشق والمعشوق”، تخلى عنها جميعًا واكتفى بطائر كناري واحد يضعه في قفص على جدار غرفته.
وقال عبد السلام لعنب بلدي، إن التربية مكلفة، وهذه الطيور مجتمعة تحتاج إلى ما لا يقل عن 100 ألف ليرة سورية فقط ثمن أعلاف.
ويعمل عبد السلام في أعمال المياومة الزراعية بأجرة يومية لا تتعدى 15 ألف ليرة (الدولار الأمريكي الواحد يساوي تسعة آلاف ليرة سورية).
انقطاع التواصل مؤثر
اتفق بعض مربي الطيور ممن تواصلت معهم عنب بلدي على تأثير الأوضاع الأمنية على تربية الطيور، فلم يتمكن بعضهم من مواصلة زيارة سوق الطيور في محافظة درعا، جراء السطوة الأمنية للنظام، والمخاوف من الاعتقال والسَّوق للخدمة العسكرية الإلزامية، ما خلق حالة انقطاع تواصل بين بعض المناطق لتأثير الوضع الأمني على تحركات المواطنين التي اختصرها بعضهم بما هو ضروري، تجنبًا للمرور على الحواجز.
هذه المعطيات تركت تأثيرها بالضرورة على أسواق الطيور التي افتقر بعضها لنوعيات فريدة من الحمام، بالإضافة إلى طيور الحجل.
يصل سعر طير الحجل إلى 800 ألف ليرة، حاليًا، في درعا، وسعر بعض أنواع الحمام (البغدادي والبريملي) إلى مليوني ليرة سورية، بينما يصل سعر الكناري الأكثر شعبية إلى 50 ألف ليرة سورية.
وكان المدير التنفيذي للنادي السوري لطيور الزينة والحيوانات الأليفة، إيهاب الزباد، أكد لوكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، في نيسان الماضي، أن أهم المعوقات التي تواجه مربي طيور الزينة هو غلاء الأعلاف، وعدم توفر اللقاحات والأدوية المكفولة.
وقال الزباد، إن هدف النادي يتركز على تطوير سلالات الطيور الموجودة، والحفاظ على السلالات البديلة، وإقامة دورات وبرامج توعية للمربين حول طرق التربية الصحيحة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :