آخر سفير تركي في دمشق تحدث عن تفاصيل زيارة وفد تركي إلى حماة في 2011
“دفنوا في الحدائق”.. تفاصيل الزيارة الأخيرة لداود أوغلو إلى دمشق
تحدث السفير التركي السابق في سوريا، عمر أوهون، عن تفاصيل آخر زيارة لوزير الخارجية التركي الأسبق، أحمد داود أوغلو إلى دمشق ولقائه رئيس النظام السوري، بشار الأسد، في 9 من آب 2011.
ووفق التفاصيل التي نشرتها مجلة “المجلة” السعودية، الاثنين 12 من حزيران، شملت الزيارة أيضًا مدينة حماة (وسط سوريا) ولقاءات مع متظاهرين وذوي ضحايا قتلوا على يد قوات الأمن، بمن فيهم من قالوا أنهم دفنوا موتاهم في حدائق
وقال أوهون إن داوود أوغلو وصل على متن طائرة خاصة، موفدًا من قبل الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ضمن وفد شمل عددًا من المسؤولين الأتراك واتجه مباشرةً إلى القصر الجمهوري على سفح جبل قاسيون.
زيارة حماة.. قبور في الحدائق
بعد لقاء استمر لساعات بين الأسد وداوود أوغلو، غادر الأخير دمشق متفائلًا بتجاوب النظام السوري مع خارطة طريق تركية لنزع فتيل الأزمة في سوريا، مع اتفاق بين الطرفين على زيارة وفد من السفارة التركية إلى مدينة حماة.
لم يذكر أوهون سبب اختيار حماة تحديدًا لزيارتها، إلا أن الزيارة جاءت بعد أيام من اقتحام الجيش السوري للمدينة في 31 تموز 2011.
ونقل أوهون مشاهداته عن المدينة في تلك الفترة بعد أشهر قليلة على اندلاع الثورة السورية.
وشهدت حماة مظاهرات أسبوعية، طالبت برحيل النظام السوري وإسقاط الأسد، وعرفت بالعديد من الأهازيج الثورية، خاصةً تلك التي غناها إبراهيم القاشوش.
تكون الوفد التركي حينها من أوهون، وموظفين في السفارة التركية، وفريق أمني، بالإضافة إلى القنصل التركي العام في حلب، بالإضافة إلى مسؤولين في النظام السوري، لم تُذكر أسماؤهم.
أبرز ما ذكره أوهون، لقاؤه بعدد من ذوي الضحايا في مسجد السرجاوي، حيث التقى من 50 إلى 60 شخصًا، بينهم ذوو ضحايا قالوا إنهم دفنوا موتاهم في حديقة بجانب المسجد، لأنه لم يُسمح لهم بنقلهم إلى المقابر.
وبلغ عدد القبور في الحديقة، 16 قبرًا وفق أوهون، فيما تحدث شخصان عن وفاة ولديهما، بينهما فتاة تبلغ الرابعة من عمرها فقط.
وشهد مسجد السرجاوي في حماة، خلال مظاهرات 2011، اشتباكات عنيفة بين المتظاهرين وقوات الأمن التابعة للنظام السوري، التي اقتحمت المسجد وحطمت محتوياته.
أوهون ذكر في مقاله أنه التقى محافظ حماة حينها، عباس النعيم، في مكتبه، وشاهد آثار رصاص عند مدخل المكتب، تعود لـ”هجمات من قبل جماعات مسلحة” وفق ما أخبر نعيم، أوهون.
شملت زيارة أوهون حينها، أحياء قبق والحميدية وسرجاوي والصابونية، ومبان حكومية محترقة، بالإضافة إلى مشفى الحوراني الذي عُرف حينها بمعالجته لجرحى المتظاهرين، وتعود ملكيته للطبيبة فداء الحوراني.
وكانت المشفى حينها بنوافذ محطمة وجدران مليئة بآثار الرصاص، فيما نقل أوهون عن مواطنين سوريين التقاهم بأن اشتباكات دارت بين قوات الأمن ومعارضين سوريين حاولوا حماية المشفى
واستخدم النظام في اشتباكاته ناقلات جند من طراز “BMP-1” مع رشاشات ثقيلة ومدافع مصفحة مضادة للطائرات من طراز “ZSU-23″، بالإضافة إلى دبابات في محيط المدينة وساحتها الرئيسية، وفق ما نقله أوهون عن شهود عيان.
وأضاف أيضًا أن “اللواء 47” دخل مدينة حماة واستخدم أساليب قمع قاسية ضد المتظاهرين، فيما حوّل مصنع السيراميك خارج المدينة إلى مركز اعتقال تسمع منه صرخات المعتقلين.
وأرسل أوهون تقريرًا إلى وزارة الخارجية بعد الزيارة قال فيه “شهدت مدينة حماة مأساة أخرى، حيث قتل وأصيب كثير من الأشخاص من المعارضة، والبعض من النظام، كنا قادرين على التحرك في حماة دون قيود” إذ حافظ الأسد على وعده بهذا الصدد، انسحبت المركبات المصفحة ولكن إلى مواقع قريبة، ومن المرجح أنها ستعود إذا اقتضى الأمر، تنتشر الوحدات العسكرية وقوات الأمن بوضوح في المدينة وعند حواجز التفتيش وغيرها”.
انتقادات وخارطة طريق
سبق زيارة أوهون إلى حماة، لقاء جمع بين داود أوغلو والأسد، استمر لسبع ساعات، تضمن الحديث عن العلاقات السورية- التركية، و”المصير والتاريخ والمستقبل المشترك” بين سوريا وتركيا.
كما شمل تجارب تركيّة مع “النظام الحزبي المتعدد” والانتقال السياسي منذ عام 1950، مع الإشارة من قبل داود أوغلو إلى وجوب حماية المواطنين من “الإرهاب”.
لكن داوود أوغلو حينها، وفق أوهون، قال إنه “من غير الصحيح أن نسمي الجميع بالإرهابيين ونتعامل معهم على هذا النحو” لأن هذا من شأنه أن يفاقم الوضع.
وردّ الأسد حينها أن “قواته الأمنية تحارب الإرهاب، ربما ارتكبت بعض الأخطاء تعود لقلة الخبرة، وعوقب بعض أفراد الأمن على أفعالهم”، مشيرًا إلى إجراء إصلاحات مع استمرار القتال “ضد الإرهابيين”.
داود أوغلو سأل الأسد حول إمكانية عودة بعض المعارضين السوريين الممنوعين من العودة إلى بلادهم للمشاركة في عملية حوار شامل، في إشارة إلى “الإخوان المسلمين” وآخرين، دون ذكر أسماء محددة.
وكان رد رئيس النظام بأنه ليس هناك ما يمنع عودة أنصار المعارضة أو المعارضين السياسيين من التقدم إلى السفارة للحصول على جوازات سفر سورية أو تجديدها والعودة، لكن من خالف القوانين سيحاسب وفقًا لها.
وأضاف الأسد، وفق أوهون، أن المعارضين “للأسف يفضلون عدم العودة لأنهم يخافون، وأن اللقاءات والاجتماعات التي عقدتها المعارضة داخل سوريا تثبت أن المخاوف عير مبررة”.
بعد ذلك عقد الأسد وأوغلو لقاءً ثنائيًا مغلقًا لثلاث ساعات، ثم استدعوا المشاركين في الاجتماع مجددًا، وقال داوود أوغلو حينها إنه قدم خارطة طريق للأسد وقبل بها، ثم غادر داود أوغلو في المساء.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :