القنيطرة – زين الجولاني
يشتكي المزارع حسن محمد من أهالي ريف القنيطرة الشمالي، من ارتفاع أجرة العمال بموسم الحصاد في أرضه البالغة 50 دونمًا، مقسمة على القمح والشعير والعدس والحمص والكرسنة.
وقال المزارع لعنب بلدي، إنه يدفع نصف ما ينتجه محصوله أجرة عمال حصاد هذا العام، إذ بلغت أجرة حصاد الدونم من 85 ألفًا إلى 100 ألف ليرة سورية.
وتابع أن قيمة ما سيدفعه أجرة حصاد فقط عن أرضه كاملة تصل إلى خمسة ملايين ليرة سورية، وحاله في ذلك حال معظم المزارعين في المنطقة ذات الطبيعة الجبلية والوعرة، التي يصعب دخول الحصادات الحديثة إليها.
ويضاف إلى تكاليف أجرة الحصاد، أجرة حراثة الأرض سابقًا، وأجرة نقل المحصول وجرشه لاحقًا، وفي حال دخلت الحصادات إلى بعض الأراضي أو قسم منها، تبلغ أجرة حصاد الدونم حوالي 40 ألف ليرة سورية، وتعد مقبولة وتعادل نصف ما يدفعه المزارع للعمال.
ويلجأ عدد من المزارعين إلى عدم جلب عمال أو حصادة، والاعتماد على عدد من أفراد العائلة، وتقتصر التكاليف على جلب جرار لنقل المحصول، وإيجار فرز الحبوب عن القش (التبن).
ويدفع المزارع لصاحب الجرار أجرة نقل الدفعة الواحدة 50 ألف ليرة سورية، و75 ألفًا أجرة فرز المحصول (درّاسة).
فرصة عمل وكسب
في الوقت الذي يشتكي فيه المزارعون من ارتفاع أجور اليد العاملة، يمثّل موسم الحصاد فرصة لجني الأموال من قبل بعض العمال لتأمين احتياجات عائلاتهم.
أيمن المحمود، شاب متزوج منذ عام تقريبًا، لديه استدعاء للانضمام لقوات النظام (خدمة إلزامية)، ويقطن في قرى ريف القنيطرة الشمالي، لجأ إلى العمل في موسم الحصاد هذا العام، لسد احتياجات عائلته.
وقال لعنب بلدي، إنه يخرج صباحًا إلى العمل ويعود في الظهيرة ليرتاح بضع ساعات ثم يتابع عمله “الشاق” بعد الظهر، ويحصد يوميًا ما يقارب نصف دونم من القمح أو الشعير، ويحصل على مبلغ 50 ألف ليرة سورية.
وأوضح الشاب أن هذا الأجر يسد احتياجاته اليومية دون زيادة، ويكفي أحيانًا لشراء وجبة غداء في ظل غلاء الأسعار وسوء وتردي الوضع المعيشي والاقتصادي بالمنطقة وفي سوريا بشكل عام.
أما سليم محمد، وهو شاب يعمل مع أمه وإخوته في أرضه المزروعة قمحًا والتي تبلغ خمسة دونمات، فقال إن المزارع الذي لا يعمل بيده لن يستطيع توفير شيء من المال وقد يخسر أحيانًا.
وأوضح سليم أن أجرة الحصّادين تصل إلى 100 ألف ليرة على الدونم، والحصادة الآلية من 40 إلى 60 ألفًا، وهو أمر مكلف للمزارع.
أجور عالية وأسعار غير مرضية
تختلف أجور الحصادات الآلية من محافظة لأخرى في مناطق سيطرة النظام، وارتفعت 15% عن الموسم الماضي، وفق ما قاله رئيس مكتب الشؤون الزراعية في الاتحاد العام للفلاحين، محمد الخليف، لجريدة “الوطن” المحلية.
وتحدث الخليف عن عدم وجود رضا كامل من الفلاحين في المحافظات عن السعر الذي حددته حكومة النظام لتسلّم محصول القمح، وهو 2800 ليرة سورية لكل كيلو، لافتًا إلى أنهم كانوا يتوقعون أن يكون السعر أكثر من ذلك، وأن تكلفة كيلو القمح للفلاح كانت بحدود 2400 ليرة.
وفي 18 من نيسان الماضي، حددت حكومة النظام سعر شراء كيلو القمح من المزارعين بحدود 0.3 دولار أمريكي (2300 ليرة سورية)، واصفة السعر بـ”المشجع”، على الرغم من كون قيمته أقل من الذي حددته عام 2022 (0.5 دولار)، وكان حينها يعادل نحو ألفي ليرة سورية.
ورفعت اللجنة الاقتصادية في حكومة النظام سعر شراء المادة بعد نحو ثلاثة أسابيع من القرار الأول، وحددت سعر الكيلوغرام الواحد بـ2500 ليرة سورية، يضاف إليها مبلغ 300 ليرة كـ”حوافز تشجيعية”، ليصل السعر النهائي إلى 2800 ليرة للكيلو الواحد، بعد انتقادات حادة بأن السعر لا يتناسب مع التكاليف.
ولا يزال معظم المزارعين يعتبرون أن السعر لا يصل إلى الحد الأدنى من نفقات الزراعة، وسط ارتفاع تكاليف الحصاد هذا العام بنسبة 100%، فضلًا عن ارتفاع تكاليف الإنتاج من تأمين البذار والمحروقات والمياه وغيرها.
التسليم لغير الحكومة “سرقة”
صحيفة “الثورة” الحكومية قالت، في 23 من أيار الماضي، إن محافظة القنيطرة خصصت مركزين لتسلّم القمح من المزارعين في بلدتي خان أرنبة وسويسة، وتم تحديد ثلاثة أيام في الأسبوع (السبت، الثلاثاء، الخميس) للتسلّم بهدف تخفيف الأعباء عن المزارعين.
وذكرت الصحيفة أن محافظ القنيطرة، معتز أبو النصر جمران، شدد على تسلّم كل حبة قمح من الفلاحين وعدم التهاون بذلك، مؤكدًا أن تسليم القمح لغير مراكز مؤسسة الحبوب يعتبر سرقة للحق العام، متوعدًا بفرض أشد العقوبات في هذه الحالة والتحويل للقضاء، ولا سيما بعد أن قامت المحافظة بتأمين جميع مستلزمات الإنتاج الزراعي من محروقات وبذار وأسمدة، وفق الصحيفة.
وأوضح مدير زراعة القنيطرة، المهندس رفعت موسى، للصحيفة، أن مساحة القمح المزروعة هذا العام بلغت 38450 دونمًا ما بين مروي وبعلي، وأن عمليات شراء محصول القمح تبدأ اعتبارًا من 1 من حزيران الحالي ولغاية آب المقبل.
وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) نقلت، في 25 من أيار الماضي، عن مدير زراعة القنيطرة، أن المساحة المزروعة بالقمح بلغت نحو 12150 دونمًا، دون أي توضيحات بشأن ما إذا كان الرقم للبعلي أو المروي.