تقترب أنقرة وواشنطن من الوصول إلى إبرام اتفاق “مؤقت” من شأنه تخفيف العقوبات الأمريكية على إيران، مقابل خفض الأخيرة أنشطة تخصيب اليورانيوم، بحسب ما ذكره موقع “ميدل إيست آي“.
وفي حين نفى الجانبان الاقتراب من أي اتفاق، نقل الموقع المختص بقضايا الشرق الأوسط، الخميس 8 من حزيران، عن مسؤول إيراني وشخص مقرب من المفاوضات، لم يسمهما، أن محادثات مباشرة جرت بين الطرفين على الأراضي الأمريكية، ما يمثل “تطورًا ملحوظًا” في العملية الدبلوماسية بين الجانبين.
وأضاف أن الموقف الأمريكي لا يزال مترددًا في إعادة الانضمام إلى الاتفاق النووي الموقع عام 2015 المعروف باسم “خطة العمل الشاملة المشتركة”.
وترأس الوفد الإيراني سفير إيران المعين مؤخرًا لدى الأمم المتحدة أمير سعيد إرافاني، والذي لعب أيضًا دورًا محوريًا في المراحل الأولى من محادثات المصالحة الإيرانية السعودية في بغداد، في حين شارك على الجانب الأمريكي المبعوث الأمريكي الخاص إلى إيران روبرت مالي، في عدة اجتماعات وجهًا لوجه مع إرافاني.
وقالت المصادر، بحسب “ميدل إيست آي”، إن المفاوضات أحرزت تقدمًا كبيرًا، إذ توصل الجانبان إلى اتفاق “مؤقت” ينتقل إلى رؤسائهما.
ونص الاتفاق على التزام إيران بوقف أنشطتها لتخصيب اليورانيوم التي تزيد نسبتها عن 60% ومواصلة تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمراقبة برنامجها النووي والتحقق منه.
وبالمقابل، سيُسمح لطهران بتصدير ما يصل إلى مليون برميل من النفط يوميًا والحصول على دخل اقتصادي، وفك الأموال المجمدة في الخارج، شريطة استخدام هذه الأموال في شراء مجموعة من العناصر الأساسية حصرًا، بما في ذلك الطعام والأدوية.
الأطراف تنفي
قالت وكالة “رويترز” للأنباء إن الولايات المتحدة وإيران نفيا، أمس الخميس، تقريرًا تحدث عن أنهما على وشك إبرام “اتفاق مؤقت” تكبح طهران بموجبه برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات.
ونقلت الوكالة عن متحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض قوله إن “هذا التقرير كاذب ومضلل”، في إشارة إلى المقال المنشور عبر موقع “ميدل إيست آي”، واعتبر أن “أي تقارير تتحدث عن صفقة مؤقتة كاذبة”.
وألقت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة من جانبها بظلال من الشك على التقرير قائلة، “تعليقنا مماثل لتعليق البيت الأبيض”.
يبحث المسؤولون الأمريكيون والأوروبيون عن طرق لكبح برنامج طهران النووي منذ انهيار المحادثات الأمريكية الإيرانية غير المباشرة بشأن إحياء الاتفاق النووي لعام 2015 بين الأطراف المشاركة فيه، إيران، وبريطانيا، والصين، وفرنسا، وألمانيا، وروسيا، والولايات المتحدة.
وقال مسؤولان إيرانيان لـ”رويترز”، لم تسمّهما، إن المفاوضات أحرزت تقدمًا، لكن لا يوجد اتفاق وشيك حتى الآن، وقال ثالث إن مالي وإرفاني التقيا ثلاث مرات على الأقل في الأسابيع الماضية لكنه لم يذكر تفاصيل.
ونقلت الوكالة عن مسؤول إيراني وصفته بـ”كبير” (لم تسمّه) أن بعض التقدم شهدته المفاوضات، وتبادل الجانبان الاقتراحات والرسائل، مشيرًا إلى وجود الكثير من التفاصيل التي يحتاج الجانبين إلى مناقشتها.
مفاوضات يسيطر عليها الجمود
منذ العام الماضي، تحاول فرنسا وألمانيا وبريطانيا حث إيران للموافقة على إعادة إحياء الاتفاق النووي، وأوضحت في أحدث بيان مشترك بينها في أيلول 2022، أن النص النهائي للاتفاق جاهز، لكن إيران “اختارت عدم اغتنام هذه الفرصة الدبلوماسية الحاسمة”.
وقالت الحكومات الثلاث في بيان مشترك، إن إيران أثارت بدلًا من ذلك قضايا منفصلة، وتواصل تصعيد برنامجها النووي بطريقة تتجاوز أي تبرير مدني مقبول.
وردًا على البيان، قال الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، إن البيان “غير بناء، ويتعارض مع حسن النوايا”، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الإيرانية “إرنا” حينها.
ومع كل عرقلة في المفاوضات، تعلن إيران عن نيتها رفع نسبة تخصيب اليورانيوم، إذ يراها الغرب تقترب أكثر فأكثر من إنتاج قنبلتها النووية الأولى، كما حصل في 14 من نيسان 2021، عندما أعلن مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية وكبير الوفد الإيراني المفاوض، سيد عباس عراقجي، البدء بتخصيب اليورانيوم بنسبة 60%، بحسب “إرنا“.
وفي حزيران 2022، فشلت مبادرة قطرية بكسر جمود المفاوضات بين الجانبين عندما استضافت المفاوضات المتعلقة بالملف النووي في الدوحة، دون نتائج تذكر.
وفي 11 من آذار 2022، أعلن الاتحاد الأوروبي تعليق التفاوض في فيينا “نظرًا إلى عوامل خارجية”، مشيرًا إلى أن الأطراف المعنيين سيواصلون التباحث بشأن الاتفاق.
ماذا يعني تخصيب يورانيوم أعلى؟
ينص الاتفاق النووي الإيراني مع الغرب الذي وقعته إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، عام 2015، على أن تخصّب إيران اليورانيوم بنسبة 3.67%، بينما بدأت إيران منذ مطلع عام 2021، بالتخصيب بنسب وصلت إلى 20% في منشأة “فوردو”، جنوب مدينة قم وسط البلاد.
ومن شأن التخصيب بنسبة 60% أن يجعل إيران قادرة على الانتقال بسرعة إلى نسبة 90% وأكثر، وهي المعدّلات المطلوبة لاستخدام هذا المعدن الخام لأغراض عسكرية.
ولطالما نفت إيران عزمها على حيازة السلاح النووي، متحدثة عن محظور أخلاقي وديني.
ويستخدم اليورانيوم المخصب في المفاعلات النووية، وكذلك في الأسلحة النووية، ويمكن استخدام اليورانيوم المنخفض التخصيب في محطات الطاقة النووية، بينما يبلغ مستوى تخصيب اليورانيوم لإنتاج الأسلحة 90%، وهو ما تقترب منه إيران مع وصولها إلى نسبة تخصيب 60% لليورانيوم.
وتمتلك إيران عددًا من المنشآت والمواقع النووية الداخلة في تنفيذ برنامجها النووي الطموح، منها مفاعل “أراك” لإنتاج الماء الثقيل، ومحطة “بوشهر” النووية، ومنجم “غاشين” لليورانيوم، ومحطة “أصفهان” لمعالجة اليورانيوم، ومنشأة “فوردو” لتخصيب اليورانيوم، وموقع “بارشين” العسكري، ومنشأة “نطنز” لتخصيب اليورانيوم.
وكانت الولايات المتحدة انسحبت من الاتفاق النووي مع إيران في أيار 2018، لأن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وجد أن الاتفاقية “بشعة، وأحادية الجانب، وما كان ينبغي أبدًا التوصل إليها”، بحسب تعبيره.
وقال الرئيس الإيراني، حسن روحاني، عقب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي عام 2018، إن إيران قد تعاود تخصيب اليورانيوم دون حدود إذا اقتضت الضرورة.