في اليوم العالمي للبيئة.. نفايات عشوائية واحتطاب مستمر بدرعا
يوافق اليوم، الاثنين 5 من حزيران، اليوم العالمي للبيئة، الذي يتزامن في العام الحالي مع انتشار كبير لمكبات النفايات العشوائية، وقطع جائر للأشجار بمدينة درعا جنوبي سوريا، وسط تقصير من البلديات والجهات الرسمية في ترحيل القمامة أو منع الاحتطاب.
واشتكى عدد من السكان بمناطق مختلفة في درعا من تردي الواقع الخدمي، وخاصة مسألة التقصير في ترحيل القمامة إلى أماكن مخصصة في مكبات بعيدة عن المدن.
وقال وليد (40 عامًا) من سكان بلدة تل شهاب في ريف درعا الغربي، إن القمامة منتشرة بشكل عشوائي على جوانب الطرق الرئيسة، وعلى مداخل البلدة، في ظل تهاون من قبل البلدية التي تتذرع بنقص مادة المازوت تارة، وبتعطل الآليات تارة أخرى.
وأسهم هذا التقصير بلجوء السكان إلى ترحيل القمامة لمكبات عشوائية، “في منظر غير لائق وغير صحي”، لتكون منبعًا لانتشار الأوبئة والأمراض، وفق الشاب.
وقال أحمد (35 عامًا)، إن مكبات القمامة غربي مدينة طفس غربي محافظة درعا تشكّل تلوثًا بيئيًا مضرًا بالأحياء الغربية من المدينة.
وأضاف أن من المفترض ترحيل القمامة إلى مكبات بعيدة عن البلدة، والتعامل معها إما بتدويرها، وإما بطمرها لا حرقها، إذ تنبعث منها روائح كريهة ومناظر مقززة.
في حين قال عضو لجنة محلية بدرعا البلد، إن عجز حكومة النظام السوري عن القيام بمسؤولياتها، دفع المجتمع لتشكيل لجنة محلية مهمتها متابعة قطاع الخدمات في المدينة عبر جمع تبرعات أهلية، ومن ضمن مهامها ترحيل القمامة.
احتطاب جائر
في تأثير سلبي آخر على البيئة والتنوع البيئي، لا يزال القطع العشوائي للأشجار مستمرًا في درعا، وطالت عمليات القطع المحميات الحرجية، وتزداد التجاوزات على الأشجار بداية فصل الشتاء، إذ يلجأ السكان لقطع الأشجار لاستخدامها في التدفئة.
وتعتبر تحركات الضابطة الحرجية التابعة لمديرية زراعة درعا خجولة، إذ نظمت 23 ضبطًا منذ بداية العام الحالي، بحسب ما قاله رئيس دائرة الحراج في مديرية زراعة درعا، جميل العبد الله، لوكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) في 2 من حزيران الحالي.
وأضاف العبد الله أن الضبوط توزعت على مخالفات تتعلق بالقطع، والتشويه، وقلع الغراس، وتركزت المخالفات في مدينتي درعا ونوى.
تبلغ مساحة الأشجار الحرجية في درعا عشرة آلاف و324 هكتار تحريج صناعي، و300 هكتار تحريج طبيعي، تتركز في وادي معرية في حوض اليرموك.
وقال زهير (28 عامًا) من سكان حوض اليرموك في ريف درعا الغربي، لعنب بلدي، إن المستفيد الأكبر من عمليات الاحتطاب هم التجار الذين احتكروا كميات الحطب، ولجؤوا إلى قطع الأشجار في الأحراش والأماكن العامة.
وأضاف أن بعض السكان يلجؤون إلى قطع حاجتهم من الأشجار، أو البحث عن الجذور أو بقايا الأغصان الأشجار ومخلّفات تقليم الحقول.
وقال عبد الهادي (26 عامًا)، الذي يقطن غربي درعا قرب حرش جلين الذي تعرض لعمليات قطع، إن عمليات الاحتطاب يحتكرها تجار لهم علاقاتهم سواء مع النظام السوري، أو مع قادة الفصائل في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام.
وأضاف أن قطع الأشجار بغرض التجارة يؤثر على الثروة الحرجية بشكل أكبر من قطعها لتغطية حاجة الأشخاص إلى التدفئة.
كما يؤثر قطع الأشجار على انعدام الأماكن السياحة، إذ كان يقصدها السكان في أيام العطل للترويح عن النفس وقضاء يوم كامل في الطبيعة.
من جهتها، إيمان (30 عامًا) من سكان مدينة درعا، قالت إن عائلتها كانت تخرج للتنزه في ريف درعا سواء إلى بحيرة “المزيريب” المحاطة بالأشجار، أو إلى زيزون، أو تل شهاب، أو حوض اليرموك، إلا أن التغيرات التي طرأت على المنطقة من جفاف البحيرات والينابيع وقطع الأشجار أثرت على جمالية المنطقة، وسبّبت تراجع السياحة المحلية فيها.
قطع الأشجار يهدد الغذاء والكائنات
يؤثر القطع الجائر للأشجار على حياة السكان وصحتهم بشكل كبير، نظرًا إلى الفوائد الكبيرة التي تحققها من توفير الهواء النقي والإسهام في الحد من تغير المناخ.
الصحفي السوري المختص بالقضايا البيئية زاهر هاشم، قال إنه يمكن لشجرة واحدة امتصاص حوالي 150 كيلوغرامًا من ثاني أكسيد الكربون سنويًا، وإن زراعة الأشجار في المدن تسهم بتنقية الهواء من الملوثات والجسيمات الدقيقة التي تضر الجهاز التنفسي.
وأوضح هاشم، في حديث إلى عنب بلدي، أن الأشجار توفر بعض أنواع الغذاء مثل الفواكه و”المكسرات”، وتنظم تدفق المياه وتحسن من نوعيتها، وتساعد على تماسك التربة ومنع انجرافها وتقليل العواصف الترابية وتحسين الصحة الجسدية والنفسية.
وأضاف هاشم أن الغابات تحتاج إلى عقود طويلة للتعافي، حيث لا تقل مدة التعافي عن عشرة إلى 25 عامًا، وتعتبر موطنًا لنحو 80% من التنوع البيولوجي، لذلك فإن قطع الأشجار يهدد الكائنات الحية التي تعيش في الغابات بفقدان موطنها، وتصبح بعض الكائنات الحية عرضة للافتراس نتيجة ذلك.
ويهدد قطع الأشجار بانقراض بعض الكائنات الحية نتيجة فقدان غذائها، ويؤثر على الثروة النحلية، إذ تتغذى طلائع النحل على أزهار الأشجار، وفق هاشم.
ويؤثر فقدان الغطاء النباتي على النحل، إذ تعتبر بعض أنواع الأشجار مصدرًا لغذائه، ويؤدي فقدان النحل إلى نقص إنتاج العسل الذي يعتبر من المغذيات المهمة للإنسان، ويُستخدم في صناعة المنتجات الغذائية والدوائية والتجميلية، كما أن التناقص في أعداد النحل له تأثير عكسي على النباتات، حيث يحدث نقص في المحاصيل الغذائية والأزهار التي تعتمد على النحل للتلقيح.
“دحر التلوث البلاستيكي”
أطلقت الأمم المتحدة “دحر التلوث البلاستيكي” شعارًا لهذا العام، بمناسبة اليوم العالمي للبيئة، الذي يشرف عليه برنامج الأمم المتحدة للبيئة منذ عام 1973، وتستضيف دولة كوت ديفوار فعالياته الاحتفالية للعام الحالي.
يحتفل العالم في 5 من حزيران من كل عام باليوم العالمي للبيئة، تأييدًا للجهود الرامية للحفاظ على التنوع البيئي، وحماية البيئة من أخطار التلوث.
وقالت الأمم المتحدة، إن أكثر من 400 مليون طن من اللدائن البلاستيكية تُنتج سنويًا في جميع أنحاء العالم، نصفها تقريبًا مصمم للاستخدام مرة واحدة فقط، ولا يعاد تدوير سوى أقل من 10% منها.
وينتهي المطاف بما يتراوح بين 19 و23 مليون طن سنويًا منها في البحيرات والأنهار والبحار، وهذا يعادل 2200 ضعف تقريبًا من وزن برج “إيفل”.
وغالبًا ما تنتهي اللدائن البلاستيكية الدقيقة، وهي جزيئات صغيرة يصل قطر الواحدة منها إلى خمسة ملمترات في الطعام والشراب والهواء، كما تشير التقديرات إلى استهلاك كل شخص على هذا الكوكب أكثر من 500 ألف جزيء بلاستيكي سنويًا، وربما أكثر من ذلك بكثير إذا حُسبت الجزئيات البلاستيكية في الهواء.
اقرأ أيضًا: نبش القمامة مصدر دخل في سوريا.. العائدات يحددها التجار
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :