أثار تعيين الاقتصادي التركي، محمد شيمشك، وزيرًا للمالية في الحكومة التركية الجديدة، الكثير من التوقعات حول مسار الاقتصاد التركي في المرحلة المقبلة.
هذه التوقعات تأتي بناء على نقطتين، الأولى أن شيمشك كان بالفعل أحد أبرز الوجوه الاقتصادية في حكومة أردوغان بين 2009 و2015، والثانية بسبب تصريحاته حول الخطوات التي سيتخذها لتحسين الاقتصاد.
وفي أول تصريحاته بعد استلام مهامه، اعتبر شيمشك، أن تركيا ليس لديها خيار سوى “العودة إلى العقلانية”.
وجاءت تصريحات شيمشك خلال تسلمه الوزارة من سلفه، نور الدين نباتي، اليوم الأحد 4 من حزيران.
شيمشك أشار إلى أن الاقتصاد التركي القائم على قواعد واضحة، “سيؤدي إلى الازدهار المالي المنشود للبلاد”.
حديث شيمشك إلى الصحفيين، هو الأول منذ إعلانه وزيرًا للمالية من قبل الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أمس الأحد، وحمل خطوطًا عريضة لتوجهاته خلال الفترة المقبلة.
وستمنح الوزارة الأولوية للاستقرار المالي الكلي، من خلال تعزيز الجودة والقدرة المؤسسية، وفق شيمشك، الذي أشار إلى بدء دراسات لبرامج متوسطة المدى.
وأضاف أن الشفافية وقابلية التنبؤ، والامتثال للمعايير الدولية، ستكون مبادئ أساسية تهدف لرفع مستوى الرفاه الاجتماعي.
وحدد في حديثه الأهداف الرئيسية التي ستعمل عليها وزارته والمتمثلة بإرساء الانضباط المالي وضمان استقرار الأسعار وخفض التضخم إلى خانة الآحاد.
ماذا تعني تصريحات شيمشك؟
وصول شيمشك إلى وزارة المالية التركي، قد يشير إلى تغير السياسات الاقتصادية للرئيس التركي خلال الفترة المقبلة، والتي اعتمدت في أساسها على خفض أسعار الفائدة.
وكالة “رويترز” قالت في خبر مقتضب حول تعيين شيمشك، في 3 من حزيران، إن هذا الأمر قد يمثل خروجًا عن السياسات الاقتصادية غير التقليدية في عهد أردوغان.
وشهدت السنوات الثلاثة الماضية، انخفاضًا لقيمة الليرة التركية أمام الدولار الأمريكي، من 8.5 إلى 20.9 ليرة للدولار الواحد. ومع ذلك استمر أردوغان بخفض سعر الفائدة، عكس السياسات التقليدية التي تعتمد على رفع الفائدة لكبح جماح التضخم.
في خبر ثان أوردته الوكالة، قالت إن تعيين شيمشك، يعني إشارة واضحة إلى عودة الحكومة التركية إلى سياسات أكثر تقليدية.
وسبق لشيمشك المولود في عام 1967، في ولاية “باتمان”، جنوب شرقي تركيا، أن تولى وزارة المالية التركية بين عامي 2009 و2015.
تصريحات وزير المالية التركي الجديد، أثارت ردود فعل متباينة من قبل سياسيين واقتصاديين أتراك.
وتعقيبًا على تصريحات شيمشك، غرّد البروفيسور التركي، عزيز تشيليك في “تويتر”، إنه يمكن فهم حديث شيمشك على أنه من سيحدد الحد الأدنى للأجور في الفترة المقبلة، لا وزير العمل.
كما سيكون من الصعب زيادة الحد الأدنى للأجور، بما في ذلك زيادة مرتبات الخدمة المدنية والمعاشات التقاعدية، فيما قد يكون هناك ارتفاع طفيف في معدل البطالة، للحد من التضخم.
ونقل موقع “Haber Global” الاقتصادي، عن مؤسسة “جولدمان ساكس”، إحدى أكبر مؤسسات الخدمات المالية والاستثمارية في أمريكا، توقعاتها في مرحلة شيمشك.
وبحسب المؤسسة، فمن المتوقع أن تشهد الليرة التركية انخفاضًا جديدًا أمام الدولار الأمريكي، لتصل إلى 22 ليرة، ثم 28 ليرة للدولار الأمريكي الواحد، خلال عام.
هذه التوقعات المتشائمة، لا تتصل بوصول شيمشك، الذي يملك نفوذًا واسعًا في عدد من المؤسسات المالية العالمية، بل بسبب الظروف الاقتصادية العامة أيضًا.
وسبق لشيمشك أن صُنف من قبل مجلة “Foreign Policy”، ضمن 500 شخصية الأكثر نفوذًا في العالم.
واعتبر الكاتب أردوغان سوزور، في مقال نشره في صحيفة “Sozcu” التركية، في 3 من حزيران، أن أولى التحديات التي ستواجه شيمشك هي “منح الثقة للمستهلكين والأسواق، من خلال تعيين ثلاثة رؤساء في ثلاث مؤسسات.
والمؤسسات هي البنك المركزي التركي، ومؤسسة “تورك ستات” المتخصصة ببيانات السوق الاقتصادية (التضخم والنمو الاقتصادي والبطالة)، بالإضافة إلى مؤسسة “جي أم بي”، التي تهدف لجذب المستثمرين الأجانب إلى تركيا.
كما توقع أن يكون هناك تغيير جذري في كبار موظفي وزارة المالية، لإرسال رسالة إلى الأسواق أن التعيينات على أساس الجدارة والكفاءة.
ويملك شيمشك تاريخًا طويلًا في العمل ضمن الأسواق الأوروبية، فبالإضافة لنيله شهادة الماجستير في العلوم المالية من جامعة إكستر البريطانية عام 1993، عمل في مؤسسات مالية في أمريكا وبريطانيا.
ومن هذه المؤسسات، مؤسسة “UBS” للأوراق المالية، في نيويورك، وكان كبير الاقتصاديين، ومحلل بنك “دويتشه بندر” للأوراق المالية.