درعا.. عشاق الشاي يراقبون الأسعار كأنها “بورصة”
يقتصد محمد سعيد في تناول الشاي، بعد ارتفاع سعر الكليو إلى 110 آلاف ليرة سورية ولأنه يستهلك بشكل رئيسي مادة السكر بعد ارتفاع سعر الكيلو منه إلى تسعة آلاف ليرة في السوق، في محافظة درعا جنوبي سوريا.
“أخشى ألا نستطيع صنعه إذا استمر ارتفاع سعره، إلى جانب سعر السكر”، بهذه الكلمات أبدى الرجل الأربعيني انزعاجه من ارتفاع سعر السلعة، خلال حديثه لعنب بلدي.
كان محمد يقاطع حديثه بين الحين والآخر برشفة شاي، ثم ينقل الإبريق الذي تحول لونه إلى الأسود من يد إلى أخرى لتمريره على موقد الحطب وتسخينه مجددًا.
ويتربع الشاي على رأس قائمة رغبات أبناء محافظة درعا من المشروبات، إذ يعتبر حاضرًا في جميع أوقات النهار، وإلى جانب وجبتي الإفطار والعشاء، وتعتبر فئة العمال الأكثر إقبالًا على شرب الشاي، ومحمد واحد منهم، لكن عمال المياومة لا تتعدى أجورهم 15 ألف ليرة سورية، وبالنظر إلى أسعار المواد الأساسية لصناعة الشاي.
بلهجته الحورانية، قال محمد إن صناعة إبريق من الشاي تحتاج إلى 100 غرام من السكر وما يقارب عشرة غرامات من الشاي، ويضاف إلى ذلك استهلاك للغاز المنزلي، ما يجعل من إعداده بالوتيرة المعتادة في حوران، ثقيلًا من حيث المصروف المادي.
وأصدرت وزارة التجارة الداخلية في حكومة النظام في أيار الماضي، قرارًا برفع أسعار أسطوانات الغاز المنزلي والصناعي، عبر “البطاقة الذكية” بوزن عشرة كيلوغرامات إلى 15 ألف ليرة، وسعر الغاز “الحر” بـ 50 ألف ليرة.
وحددت أيضًا سعر مبيع أسطوانة الغاز الصناعي، الموزع عبر وخارج “البطاقة الذكية”، بوزن 16 كيلوغرامًا بـ75 ألف ليرة سورية.
مشروب شعبي
يتميز الشاي كمشروب شعبي لسكان درعا بثقل مذاق السكر فيه، إذ يفضله السكان حلو المذاق بشكل يمكن القول إنه مبالغ به، ما يجعل من تكاليف إعداده مرتفعة مع استمرار ارتفاع أسعار السكر.
في الصباح الباكر تضع ياسمين (38 عامًا) إبريق الشاي على موقد الحطب في حديقة منزلها تمهيدًا لإعداد وجبة الإفطار.
تحدثت ياسمين لعنب بلدي وصوت طقطقة أعواد الحطب في الموقد الذي تستعمله لتوفير الغاز المنزلي يطغى على صوتها، إن استعمالها الرئيس للسكر هو في صنع الشاي فقط.
وأضافت أن الحلويات المعدة في المنزل خرجت من قائمة تفضيلات الطبقة الفقيرة في المحافظة، في محاولة لتوفير السكر الذي يتضاعف سعره يومًا عن يوم، ودائمًا ما يأتي التجار وأصحاب المحال على ذكر الدولار، عند السؤال عن ارتفاع سعر السكر.
لا دولار في جيوب فقراء درعا
يتابع سكان من محافظة درعا كل لحظة أسعار السكر المرتبطة بتغيرات سعر صرف الليرة السورية مقارنة بالدولار الأمريكي، واصفينها بـ”البورصة”.
ويقتصر اهتمام الطبقة الفقيرة من السكان، وعمال المياومة، بأسعار الصرف لربطها بسعر السكر والشاي، وبعض الحاجيات الأساسية الأخرى، بحسب ما رصدته عنب بلدي من أحاديث المدنيين في درعا.
وشهدت أسعار السكر ارتفاعًا ملحوظًا في السوق المحلية في درعا مؤخرًا تزامنًا مع تراجع قيمة الليرة السورية أمام الدولار الذي لا يملكه معظم أبناء المحافظة بحسب محمد السعيد، لكن الاهتمام مرتبط باحتياجات السكان الأولية، ولا علاقة له بما يعرف بـ”البورصة العالمية”.
ووصل سعر تصريف الليرة السورية مقابل دولار إلى 8975 ليرة سورية بحسب موقع “الليرة اليوم”، المختص برصد حركة العملات الأجنبية.
السكر بكميات قليلة
مع موجة الغلاء التي ضربت معظم المواد الأساسية، ومنها السكر، أصبح سكان محافظة درعا يشترون المادة بشكل يومي، بعد أن كانوا يخزنونها في منازلهم، ويشتروها بكميات كبيرة.
ويصل سعر كيس السكر (50 كيلوجرامًا) إلى 420 ليرة سورية أي ما يعادل ثلاث أضعاف متوسط راتب الموظف في سوريا.
أشار محمد سعيد إلى بقايا كيلو السكر الذي اشتراه في حقيبة بلاستيكية سوداء، وقال، “كنت سابقًا اشتري السكر بـ(الشوال) أما اليوم اشتري السكر بالكيلو والشاي بالأوقية (200 جرام)”.
عبد الحميد يملك دكانًا صغيرًا للمواد الغذائية غربي درعا، قال لعنب بلدي إن بعض السكان صاروا يشترون السكر بكميات صيرة تصل إلى نصف كيلوجرام، وأحيانًا بكميات أقل.
وأضاف أن مبيعات السكر في دكانه الصغير اختلفت عن السابق إثر ارتفاع سعره.
وفي تموز 2022، أصدرت وزارة المالية في حكومة النظام السوري قرارًا رفعت بموجبه الحد الأدنى للسعر الاسترشادي لمادة السكّر الأبيض المكرر إلى 600 دولار أمريكي للطن الواحد، ومادة السكّر الخام إلى 500 دولار للطن الواحد.
وأثرت الحرب الروسية الأوكرانية في آذار 2022، على توافر مادة السكر في الأسواق العالمية ومنها سوريا، إذ باتت تشهد قلة في كميات السكر المطروحة بالسوق ما أسهم في ارتفاع سعرها.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :