سلط المبعوث الدولي إلى سوريا، غير بيدرسون، الضوء على تسارع النشاط الدبلوماسي في سوريا خلال الشهر الماضي معتبرًا أنها “خطوات إيجابية”.
وقال بيدرسون، خلال إحاطة قدمها باجتماع لمجلس الأمن، الثلاثاء 30 من أيار، أن اجتماعات عمان وجدة وموسكو مع النظام “أكدت أهمية الحل السياسي”، داعيًا إلى إعادة انعقاد جلسات “اللجنة الدستورية”، معتبرًا أن الحاجة صارت ماسّة لـ”بناء الثقة على الأرض” وإقامة وعملية سياسية حقيقية.
بيدرسون قال أيضًا، إنه سيواصل العمل لتسهيل حل سياسي، “بقيادة وملكية سورية يعيد سيادة سوريا واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها ويلبي احتياجاتها، وتطلعات الناس المشروعة”.
واعتبر المبعوث الخاص لسوريا أن الحوار مع النظام السوري، نظر في القضايا الواردة في القرار “2254”، وهو ما يؤكد على أهمية الحل السياسي في سوريا، فضلًا عن المناشدات بإعادة اجتماع “اللجنة الدستورية” والعمل من أجل “المصالحة الوطنية”.
وشدد بيدرسون على أن معالجة مصير المعتقلين والمختفين والمفقودين “قضية أساسية للمضي قدمًا في سوريا”، لافتًا إلى ضرورة اتخاذ “خطوات ملموسة” وذات مغزى لتحقيق هذه الغاية.
وأشار إلى ما اسماه “نقاطًا مشتركة وملموسة يركز عليها العديد من اللاعبين، ويمكن مناقشتها بشكل هادف وتطويرها”، إذ يتطلع بيدرسون إلى إشراك الأطراف السورية في هذه النقاط.
اللجنة الدستوية متوقفة
في تموز 2022، أعلن غير بيدرسون عن تحضيرات لعقد الجولة التاسعة من “اللجنة الدستورية السورية”، لكن مسار مفاوضات اللجنة لم يتجاوز جلستها الثامنة حتى اليوم، بينما تتهم روسيا بعرقلتها للمسار.
المتحدثة باسم مكتب بيدرسون، الصحفية جينيفير فانتون، قالت، في 16 من تموز 2022، عبر حسابها في “تويتر“، إن بيدرسون يأسف لأن “عقد الدورة التاسعة للهيئة المصغرة للجنة الدستورية، التي يقودها ويملكها السوريون وتسهلها الأمم المتحدة في جنيف، في الفترة من 25 إلى 29 من تموز 2022، لم يعد ممكنًا”.
اقرأ أيضًا: روسيا تجعل من “جنيف” إسفينًا في محادثات “الدستورية السورية”
وتتكون “اللجنة الدستورية” من ثلاثة وفود (وفد المعارضة، وفد النظام السوري، وفد ممثل عن منظمات المجتمع المدني السورية) بهدف وضع دستور جديد لسوريا وفق قرار الأمم المتحدة “2254”، القاضي بتشكيل هيئة حكم انتقالي، وتنظيم انتخابات جديدة.
ويعتبر القرار “2254” مرجعًا أساسيًا للعملية السياسية في سوريا، وينص على تشكيل حكم انتقالي “شامل وغير طائفي”، ثم وضع دستور جديد للبلاد، وتنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية بموجب الدستور الجديد خلال 18 شهرًا.
سجال روسي أمريكي
الجلسة الدورية التي عقدت في مجلس الأمن شهدت سجالًا روسيًا أمريكيًا واتهامات متبادلة بالمسؤولية عن أعمال عنف في سوريا، إذ اتهم ممثل روسيا فاسيلي نيبينزيا، أمريكا بدعم مسلحين وزعزعة استقرار سوريا.
الممثل الروسي قال، إن “السياسة التدميرية” لواشنطن تهدف إلى استخدام المسلحين ضد “السلطات السورية الشرعية”، وناشد الأمم المتحدة تقديم تقرير حول تأثير العقوبات على الوضع الإنساني في البلاد.
وأشار إلى أن التفويض المتعلق بآلية المساعدة الإنسانية عبر الحدود ينتهي في 10 من تموز المقبل، مضيفًا، “لا نرى أي سبب على الإطلاق لتمديدها”.
ممثلة الولايات المتحدة في المجلس ليندا توماس جرينفيلد، قالت من جانبها، إن وفد بلادها سيعمل للحصول على ترخيص لمدة 12 شهرًا لجميع نقاط العبور الحدودية من خلال تمديد قرار إدخال المساعدات في تموز المقبل.
وأضافت، أن على النظام السوري أن يعلن على الفور إبقاءه المعابر مفتوحة حتى آب 2024 على الأقل أو طالما دعت الحاجة.
الممثلة الأمريكية في المجلس أشارت أيضًا إلى الغارات الجوية المستمرة على مخيمات النازحين من قبل النظام وروسيا، معتبرة أن عقوبات الولايات المتحدة ستظل سارية.
اقرأ أيضًا: اللجنة الدستورية.. لا “قشّة” بديلة ترعاها الأمم المتحدة
ممثل النظام يهاجم الوجود الأمريكي
ممثل النظام السوري في مجلس الأمن بسام الصباغ، بدأ حديثه حول دعم الدول العربية لسوريا في الحفاظ على “سيادتها ووحدة أراضيها، والتغلب على الظروف الصعبة”.
ووصف، الصباغ، ما جرى في سوريا بـ”الحرب الإرهابية” و”العقوبات الاقتصادية غير القانونية”.
وأشار الممثل ممثل النظام السوري إلى الاجتماع الرباعي في موسكو في 10 من أيار الحالي، مع وزراء خارجية روسيا، وإيران، وتركيا، الذي أكد أيضًا على الالتزام بـ”سيادة سوريا”.
وفي المقابل، لا تزال القوات الأمريكية موجودة بشكل “غير قانوني” على الأراضي السورية، وتدعم “ميليشيات انفصالية” في الشمال الشرقي (في إشارة إلى قوات سوريا الديمقراطية) وتنهب النفط والثروة السورية، بحسب الصباغ.
وفي سياق آخر تطرق الصباغ إلى ما تقوم به إسرائيل من عمليات قصف داخل الأراضي السورية، واصفًا إياها بالانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
كيف يرى النظام مسار بيدرسون
قال وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد، خلال مقابلة مع قناة ““روسيا اليوم” إن “القرار الدولي (2254)، أسهم الأصدقاء في صناعته، سينفذ منه ما يهم سوريا، وعلى هذا الأساس نسعى إلى الحل السياسي الذي يستلزم القضاء على الإرهاب وإعادة إنعاش الأوضاع الاقتصادية، وإزالة العقوبات غير الأخلاقية وغير المبررة المفروضة من الدول الغربية”.
وأشار إلى أن مقاربة “خطوة بخطوة”، التي كان طرحها المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون، “لم نتحدث عن خطوة مقابل خطوة بل تحدثنا عن اتخاذ خطوات في الوصول إلى حلول للأوضاع التي مرت بها سوريا نتيجة تصديها للهجمة الإرهابية التي تعرضت لها، والمدعومة من قبل بعض الدول الأوروبية والحكومات الإرهابية التي ما زالت تصر على مقاطعة الشعب السوري حتى هذه اللحظة”.
شدد الوزير بحكومة النظام على أن سوريا لن تطبّع علاقاتها مع “بلد يحتل أرضها مثل تركيا”، إذ تعمل دمشق على التشاور وعقد بعض الاجتماعات للوصول إلى إنهاء الوضع “الشاذ” على الأرض السورية، وهو تصريح متكرر لدبلوماسية النظام خلال الأشهر القليلة الماضية.
اقرأ أيضًا: تنازل العرب.. ماذا يقدم النظام السوري بالمقابل