عروة قنواتي
ساعات قليلة وتنتهي أغلب المواسم المحلية الأوروبية على صعيد بطولة الدوري، وأكثرها قد عرفت أبطالها ومراكزها الأوروبية للموسم المقبل، والأندية الحزينة بهبوطها للدرجة الثانية والسعيدة بصعودها إلى الطابق الممتاز.
وإن كان نادي اليوفي قد فُجع مجددًا بخصم نقاط له في الدوري نتيجة الأحكام القضائية الصادرة بحق النادي، إلا أن أبناء يوفنتوس كانوا على معرفة مسبقة بأن هذا الأمر سيحدث والقنبلة الموقوتة ستنفجر عاجلًا أم آجلًا، لكن بعض الأندية فاجأت الجميع بل وأدهشت نفسها ومحيطها بفقدان التركيز وضياع بعض الفرص التي كانت بالمتناول. وهنا تكمن الصدمة في قلعة الأنفيلد وقلعة أليانز آرينا.
فعلًا، عندما لا ينفع اللوم صاحبه، تغدو المبررات والعناوين تحصيل حاصل، وهذا ما جرى مع نادي ليفربول وهو يودع مسابقة دوري أبطال أوروبا ليكون ضيف مسابقة الدوري الأوروبي في الموسم المقبل، بعد أن طارت بطاقات البطولة الأغلى بأيدي السيتي وأرسنال ونيوكاسل والمان يونايتد. أسابيع طويلة و نزيف الريدز داخل وخارج ملعبه غير مفهوم وغير مبرر، فأن يبتعد الفريق عن المنافسة على بطولة الدوري فهذا طبيعي، وأن يخرج مبكرًا من الشامبيونزليج فهذا وارد، وألا يحصد أي بطولة ثانوية في إنجلترا فهذا ممكن، لكن أن يبقى في الأسابيع الأخيرة من عمر البريميرليج أسير هدايا الخصوم وتحت رحمة سقوط نيوكاسل يونايتد أو مانشستر يونايتد، فهذا ما لم يكن بالحسبان مهما حاول السيد يورغن كلوب ترطيب الأجواء وإظهار القناعة في المنافسة للموسم المقبل أوروبيًا ومحليًا، ومهما كانت عبارات النجم محمد صلاح حزينة وتلامس المشاعر، فما حصل قد حصل وانتهى الأمر.
استسلام مجموعة يورغن كلوب كان واضحًا مع نهاية مرحلة الذهاب، وعلى الرغم من الصحوات المؤقتة والمخدرة التي ظهر فيها الفريق، فإن إحباطًا سيطر على أجواء الفريق وتراجعًا في الأداء ظهر للقاصي والداني، كانت نتيجته أن يرحل الفريق باتجاه الدوري الأوروبي، البطولة التي لم تعد بطولة ثانوية بشكلها الكامل لأنها باتت موطئ قدم مؤقت لكثير من الأندية الكبرى صاحبة التاريخ الكروي في السنوات الأخيرة.
البوابة الثانية التي تصدعت كانت بوابة النادي الألماني العريق بايرن ميونيخ، المسيطر على بطولة الدوري الألماني ومعظم ألقاب الكأس والسوبر منذ تسع سنوات وحتى اليوم، المرعب لأوروبا في السنوات الماضية، وعلى الرغم من أن المواسم السابقة كانت تحمل ترنحًا في أداء البافاري بمرحلة الذهاب ووصوله إلى المركز السابع أحيانًا نتيجة ضغط المنافسة والمباريات في عديد البطولات أو لإصابة بعض اللاعبين المهمين في الفريق، فإنه و مع رهان عشاق الأندية الألمانية المنافسة أيضًا، كان يعود للصدارة ويحسم المسابقة قبل عدة أسابيع.
هذه المرة تقلّب المشهد كثيرًا وتبعثرت الصور، وطار السيد ناغليسمان “بليلة ما فيها ضو قمر”، وبقرار السادة أوليفر كان وحسن صالح حميديتش ليحل مكانه السيد توماس توخيل، والسبب المعلَن من مجلس الإدارة هو الحفاظ على حظوظ الفريق بكل المسابقات التي ينافس عليها، دوري، كأس، شامبيونزليج، لذلك تم اتخاذ هذه الخطوة السريعة وإجراء العمل الجراحي السريع، فماذا كانت النتيجة؟
السيد توماس توخيل ومنذ وصوله فاز على بوروسيا دورتموند فقط، وهو أكبر إنجاز حققه بعد ساعات من توقيعه عقد العمل مع البافاري، ليفقد بعدها الكأس ويخرج من ربع نهائي المسابقة ومن دوري أبطال أوروبا أمام مانشستر سيتي، ويخسر في الجولة قبل الأخيرة من البوندسليغا بشكل صادم أمام لايبزيغ. وهنا تقدم دورتموند الذي لن يجد أجمل وأفضل وأكمل من هذه الهدية ليعتلي الصدارة ويرفع كأس المسابقة في الجولة الأخيرة، ولأن الحظ كما يخالفك أحيانًا يحالفك في الأوقات الصعبة، تقبّل البافاري هدية ماينز وعدم استعداد دورتموند لتقبّل أنه بطل الموسم بعد عقد من الزمن، فكانت اللحظات الأخيرة من المباراتين درامية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى. فاز البافاري وتعادل دورتموند وظل حسن صالح حميديتش فرحًا منتصرًا بما يحفظ ماء الوجه.
لربما لم يكلف تراجع ليفربول ومستواه في الموسم الحالي السيد يورغن كلوب منصبه، فهو ما زال مديرًا فنيًا للفريق، ويبدو أن ثقة الإدارة بأسلوبه مستمرة، ولكن بالتأكيد ما حصل مع البافاري سيكلف السيد أوليفر كان الرئيس التنفيذي للنادي منصبه قريبًا جدًا، لأن وزن النادي الألماني في ألمانيا وأوروبا لا يسمح بمخططات “عشوائية” مهما كان الاسم الذي خطط لمسيرة الفريق ومهما كان وزنه التاريخي على مستوى الكرة الألمانية والأوروبية.
“هاردلك” للبافاري خروجه المرير من دوري الأبطال ومن بطولة الكأس ومحاولة رأب الصدع ببطولة الدوري، و”هاردلك” للريدز صدمات الموسم الحالي، “هاردلك” أيضًا لعشاق دورتموند ما وصل إليه فريقهم الأول وآمال ملامسة اللقب مجددًا لولا عناد ماينز وضياع الفرص في موقعة لا يمكن أن تصدق، ومبارك من القلب لعشاق الكرة الجميلة عودة نيوكاسل يونايتد إلى مسابقة دوري أبطال أوروبا.