التدخين في تركيا.. إفراط في التعاطي يدخل السلعة ميدان السياسة
برنامج “مارِس” التدريبي – أسمى الملاح
“أنت تدخن مِثل تركي”، عبارة تشير إلى نمط حياة يعيشه مدمنو التدخين وشاربو السجائر بكثرة، وفيها تشبيه بالمدخنين الأتراك الذين يُعرفون بشرب السجائر بشراهة.
دخلت السجائر ميدان السياسة وفي خطابات السياسيين في تركيا، خاصة مع ارتفاع أسعارها وفرض ضرائب عليها من قبل الحكومة الحالية، ووعود من المعارضة التركية التي تسعى للفوز بالمقعد الرئاسي، بتخفيض الضرائب على السجائر والكحول أيضًا.
وتعد السجائر واحدة من الاختلافات بين المتنافسَين على الانتخابات الرئاسية في تركيا، والتي دخلت جولتها الثانية، بتنافس الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان، والمرشح الممثل عن المعارضة كمال كليجدار أوغلو.
تدخين بشراهة
تركيا واحدة من أكثر البلدان انتشارًا للتدخين، واحتلت في 31 أيار 2022، في اليوم العالمي للامتناع عن التبغ، المرتبة الأولى في ترتيب معدلات التدخين بين السكان الذين تزيد أعمارهم عن 15 عامًا.
وزاد إنتاج التبغ في تركيا عام 2022 مقارنة بعام 2021، بنسبة 15%، ووصل إلى 82.3 ألف طن وفق ما نشرته “هيئة الإحصاء التركية” (Tuik).
وبلغ عدد لفافات التبع المباعة في تركيا، خلال عام 2022، 116.75 مليار لفافة وفق “هيئة تنظيم سوق التبغ والكحول“.
في 2016، أظهرت بيانات “هيئة تنظيم سوق التبغ والكحول” التركية (حكومية)، أن قيمة ما أنفقه الأتراك على تدخين التبغ خلال السنوات العشر الماضية، بلغت 257 مليار ليرة تركية، مشيرة إلى أنها “تكفي لبناء عشر محطات نووية”.
واستهلك الأتراك خلال الفترة المحددة، نحو 1.416 ترليون لفافة تبغ، ويكفي المبلغ المذكور لتمويل بناء عشر محطات نووية، أو بناء 11 سدًا مثل سد “مصطفى كمال أتاتورك”، أكبر سدود تركيا على نهر “الفرات”.
وفي حسبة أخرى يعادل المبلغ المذكور، تنفيذ 46 مشروعًا كـ”نفق مرمراي”، الذي يربط الطرف الأوروبي من مدينة اسطنبول بالطرف الآسيوي عبر نفق تحت قاع مضيق “البوسفور”، وذلك وفق حسبة أجرتها وكالة “الأناضول” التركية.
الدخان حاضر في خيارات الناخبين
قبل انطلاق الجولة الأولى للانتخابات التركية، تداولت صفحات على وسائل التواصل الاجتماعي تسجيلًا مصورًا، لشبان أتراك أعربوا عن رغبتهم في انتخاب المعارضة، فقط من أجل خفض أسعار الدخان والمشروبات الكحولية.
المواطن فولكان أتش، قال في حديث لعنب بلدي، إنه يشتري علبة السجائر بقيمة عشر ليرات تركية في العراق حين يسافر، بينما يبلغ سعرها في تركيا أكثر من 30 ليرة تركية، وهو أمر لايعجبه في السياسة الحالية.
من جهتها المواطنة قدر إشك لا تعتبر أن ارتفاع أسعار الدخان أو المشروبات الكحولية مشكلة، وقالت لعنب بلدي إن الانتخابات يجب أن تتوجه لضرورة تحسين المجتمع للأفضل وهو الأهم بالنسبة لها.
اتخذ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إجراءات عبر السنوات، لضبط التدخين والمشروبات الكحولية، منها حظر التدخين في الأماكن المغلقة، وفرض ضرائب على هذه المنتجات، واعتاد الرئيس المعروف بكرهه للكحول والسجائر، على حث الأتراك من أجل الإقلاع عن التدخين وشرب الخمر.
وفي اليوم العالمي للامتناع عن التبغ، في 2022، قال أردوغان إنهم لم يصلوا بعد إلى المستوى المطلوب فيما يتعلق بمكافحة التبغ رغم وفاة 100 ألف شخص سنويًا في تركيا بسبب الأمراض الناجمة عن استخدام منتوجات التبغ.
ويستقبل أردوغان المقلعين عن التدخين بالقصر الرئاسي بأنقرة، ويمتلك فيه خزانة كبيرة من علب السجائر التي يأخذها من المدخنين، وحصل عندما كان رئيسًا للوزراء عام 2010، على “الجائزة العالمية الخاصة بمكافحة التدخين” المقدمة من قبل منظمة الصحة العالمية.
في كانون الثاني الماضي، رفعت الحكومة التركية أسعار المشروبات الكحولية والسجائر بنسبة 22.9%، وانتقدها رئيس حزب “الشعب الجمهوري”، والمرشح الحالي للرئاسة كمال كليجدار أوغلو.
وقال كليجدار أوغلو عبر “تويتر“، في 8 من كانون الثاني الماضي، إن “زيادة المشروبات الكحولية تخويف وقسوة، لا يجوز للدولة أن تحاصر أو تضايق أو تعكر صفو أسلوب الحياة”، وتابع أوغلو أن هذه “واحدة من القضايا المهمة التي سأحلها من خلال إعادة ترتيب الضرائب في ستة أشهر”.
ملايين الوفيات سنويًا
في كل عام يموت أكثر من ثمانية ملايين شخص بسبب تعاطي التبغ، وتتركز معظم تلك الوفيات في الدول المنخفضة والمتوسطة الدخل، التي غالبًا ما تكون هدفًا لتسويق التبغ بشكل مكثف.
ويسبب النيكوتين الموجود في التبغ الإدمان، ويعتبر تعاطي التبغ عامل خطر رئيسًا لأمراض القلب والأوعية الدموية والجهاز التنفسي، وأكثر من 20 نوعًا مختلفًا أو فرعيًا من السرطان، وحالات صحية منهكة أخرى، وفق منظمة الصحة العالمية.
وللتبغ تأثير مميت على غير المدخنين، فالتعرض للدخان غير المباشر يتسبب بوفاة 1.2 مليون شخص سنويًا، ويموت 65 ألف طفل سنويًا بسبب أمراض مرتبطة بالتدخين غير المباشر، كما أن التدخين في أثناء الحمل قد يسبب ظروفًا صحية مزمنة لدى الأطفال.
وتحصي منظمة الصحة العالمية وجود ما يقدّر بـ1.3 مليار شخص يستخدمون منتجات التبغ حول العالم، 80% منهم في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.
وبحسب المنظمة، فالتبغ يسهم في الفقر عبر تحويل إنفاق الأسرة من الاحتياجات الأساسية، كالغذاء والمأوى، إلى التبغ، مشيرة في الوقت نفسه إلى صعوبة كبح سلوك الإنفاق كون التبغ يسبب الإدمان، كما يسبب الوفاة المبكرة والعجز لدى البالغين في سن الإنتاج بالنسبة للأسرة، ما يسبب انخفاض دخل الأسرة وزيادة تكاليف الرعاية الصحية.
إلى جانب ذلك، فالتكلفة الاقتصادية الإجمالية للتدخين، والتي تتراوح بين النفقات الصحية وخسائر الإنتاجية، تصل إلى نحو 1.4 تريليون دولار أمريكي سنويًا، أي 1.8% من إجمالي الناتج المحلي السنوي في العالم، 40% منها في البلدان النامية.
نصائح وتوصيات
منظمة مكافحة التدخين نشرت عبر موقعها الإلكتروني الرسمي جملة من النصائح حول سبل الإقلاع عن التدخين، أبرزها الاعتراف الشخصي بالإدمان، والخروج من حالة الخلط بين حب التدخين والتعامل معه كخيار.
وخلال الأيام الأولى من الإقلاع، يمكن الإكثار من شرب الماء والسوائل للمساعدة في طرد النيكوتين والسموم الأخرى من الجسم، والابتعاد عن الكحوليات والسكر والقهوة في الأسبوع الأول على الأقل، كونها تحفز الرغبة لتدخين سيجارة.
مضغ العلكة وامتصاص أعواد القرفة وتناول أطعمة منخفضة السعرات الحرارية كالكرفس والجزر والتفاح، وتناول الطعام ببطء، وشرب الشاي بالنعناع بعد وجبة العشاء، وممارسة الرياضة، والجلوس في البخار، كل تلك الأمور من شأنها المساعدة أيضًا في الإقلاع عن التدخين.
اقرأ أيضًا: الإدمان العابر للتاريخ.. في مديح السجائر
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :