تدور أحداث رواية “الشيطان الذي بداخلنا”، للشاعر والروائي التركي الراحل صباح الدين علي، حول قصة حب بين شخصيتين مختلفتين تكافحان للبقاء على قيد الحياة.
يستخدم الكاتب أسلوب الحوار والمحادثات الداخلية للأشخاص والتحليل النفسي في شرح العواطف والمشاعر.
يتساءل بطل الرواية، “عمر”، بشكل مستمر عن نفسه والرغبة، ليجد حلولًا للأحداث والفشل، ويعتقد أن المشكلات سببها الشيطان الذي بداخله.
يلتقي “عمر” بـ”ماجدة” مصادفة، ويشعر أنها فتاة أحلامه، ويكتشف أنها قريبته التي جاءت إلى اسطنبول كي تُحسِّن من ظروف حياتها.
“ماجدة” فتاة جميلة موهوبة بالعزف، وتُكمل دراستها في المعهد الموسيقي.
يدرس “عمر” ويعمل، لكنه لا يُكمل شيئًا بدأه، إذ ينطلق دائمًا بتأثير انفعالاته التي لا تلبث أن تخفت وتنتهي.
على الجانب الآخر من الرواية، الصادرة عام 1940، تمثّل حكاية “بدري” مع “ماجدة” الوجه الآخر للعاطفة، إذ لا تشبّ هذه العاطفة بينهما وتنتهي بسرعة، إنما تنمو نمو الزمن البطيء، إذ افتتن بموهبتها والتزامها، ولو أن ما دفع بهما للانتباه إلى خصوصية ما تجمعهما، جاء من مجتمع المدرسة الضيّق الذي هابَ اقتراب الأستاذ من التلميذة.
على هامش حكاية “ماجدة”، التي تبدأ مع “بدري” وتنتهي معه، مرورًا بقصة قصيرة مع “عمر”، نقرأ حكاية الصرّاف الذي اضطر إلى الاختلاس بسبب قريبه، ومن ثم لجأ إلى “عمر” كي يجد له مخرجًا، لكن “عمر” استغله بدوره، فأخذ ماله، ودفع به إلى الهروب من العدالة، وفي هذه الحبكة البسيطة، التي تحدث على هامش الرواية، يمكن اختبار مقولتها بعيدًا عن الحب، فالشيطان الذي بداخلنا هو الاستجابة للمخاوف، بدلًا عن مواجهتها.
الشيطان لا يتمثّل فقط في الرغبات، وإنما في غياب مقاومتها والانسياق وراءها، ومن ثَم لتسحق الشخصيات رحى الندم، ومعها منطق الحياة الذي يؤجّجه صراع أبدي بين الملاك والشيطان، وهو الصراع المحتدم داخل شخصيات الرواية، ما أعطاها تميزها وجعل منها نصًا يُقرأ في كل وقت.
يعد صباح الدين علي أحد أبرز الكتّاب الأتراك، ولد عام 1907 في بلغاريا.
أُلقي القبض على الروائي صباح الدين عام 1948، بسبب بعض كتاباته، وسُجن لمدة ثلاثة أشهر، ولكونه تحت المراقبة الدائمة أراد الهروب الى خارج تركيا، ووفقًا للمعلومات الواردة عن المؤلف في الكتاب، يقال إنه قُتل وهو يحاول التسلل عبر الحدود.
صدرت النسخة المترجمة إلى العربية من رواية “الشيطان الذي بداخلنا” عن “منشورات المتوسط”، عام 2021، وترجمها أحمد زكريا وملاك دينيز أوزدمير.