بعد المخدرات.. النظام يبتز دول الجوار باللاجئين
ربط مسؤولون في النظام السوري، على هامش القمة العربية، مسألة عودة اللاجئين بإعادة الإعمار والحاجة لتأهيل البنية التحتية، في إشارة للعرب حول مطلبهم بعودة آمنة للسوريين من دول الجوار.
وقال نائب وزير الخارجية السوري، أيمن سوسان، في 18 من أيار الحالي، قبل يوم من اجتماع القمة العربية بجدة، إن “عودة المهجرين لها متطلبات، وعلى العرب تقديم العون من أجل توفير البنى التحتية والخدمات لعودتهم”.
واعتبر سوسان أن النظام “قام بكل ما يترتب عليه” من أجل عودة اللاجئين، بما في ذلك “مراسيم العفو والمصالحات”.
بدوره أكد وزير الخارجية، فيصل المقداد، عقب اجتماع وزراء الخارجية العرب التحضيري للقمة ذلك بالقول، “نتطلع لأن يكون الدور العربي فاعلًا في مساعدة اللاجئين السوريين بالعودة إلى بلدهم، ومما لا شك فيه أن عملية إعادة الإعمار ستسهل هذه العودة، ونرحب بأي دور ستقوم به الدول العربية في هذا المجال”.
ذريعة للدعم الاقتصادي
جاء الرد العربي على دعوات النظام عبر تأكيد الجامعة العربية، ضمن قرارات القمة العربية في جدة، ضرورة تعزيز الظروف المناسبة لعودة اللاجئين السوريين، والالتزام بالحفاظ على سيادة سوريا ووحدة أراضيها، بينما اعتبر العرب أن الظروف “باتت أكثر ملاءمة لعودة آمنة وكريمة للاجئين السوريين في لبنان” بشكل خاص.
الباحث في الاقتصاد السياسي، الدكتور يحيى السيد عمر، قال لعنب بلدي، إن إعادة سوريا إلى الجامعة العربية بقيادة رئيس النظام السوري، بشار الأسد، تمت بناءً على مبادرة عربية عمادها السعودية، والمبادرة في جوهرها تقوم على مبدأ “الخطوة بخطوة”، معتبرًا أن الخطوة الأولى كانت من قبل العرب، ومن المنتظر أن تبدي دمشق بخطوة من جانبها.
ويرى السيد عمر، أنه حاليًا يجري التركيز من خلال المبادرة على إيقاف تصدير المخدرات، ولاحقًا ستكون الخطوة التالية بإعادة اللاجئين السوريين.
ولم يشهد ملف إعادة اللاجئين أي تطورات من جانب النظام منذ التقارب العربي، في حين شهد ملف المخدرات عدة تحركات مثل مداهمة تاجر مخدرات لأول مرة في درعا، في 14 من أيار الحالي، كما استهدف طيران حربي يعتقد أنه أردني أحد تجار المخدرات بريف درعا في ذات الشهر، بالرغم من استمرار تدفق المخدرات للدول المجاورة والخليجية.
وحول الاستراتيجية التي يتبعها النظام مع العرب، أوضح السيد عمر أن النظام يدرك احتمال توقف المبادرة العربية في حال عدم جديته بتنفيذ خطوات فعلية، لذلك فهو يسعى لإرضاء العرب وفي ذات الوقت لتحقيق أكبر قدر من المكاسب في ظل أدنى حد من التنازلات، عن طريق الحصول على خطوات عدة من الدول العربية مقابل خطوات قليلة من قبله.
ويسعى النظام للحصول على دعم اقتصادي بذريعة أن البنية التحتية ومستوى المعيشة لا يسمح باستقبال اللاجئين، وفق الباحث في الاقتصاد السياسي، وعلى الدول العربية تقديم دعم اقتصادي لتمكنه من هذه الخطوة، ومن خلال هذا المنطق بالوعود يسعى النظام لدفع العرب إلى تنفيذ عدة خطوات، دون تنفيذ حقيقي منه على أرض الواقع.
وتقف العقوبات الغربية كحاجز أمام أي منحة قد تقدمها دولة ما للنظام، بما فيها إعادة الإعمار، إذ أكد الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، حسام زكي، في 12 من أيار الحالي، عدم نية الدول العربية، التصادم مع الولايات المتحدة الأمريكية في موضوع إعادة الإعمار.
“براغماتية النظام”
يعتبر خطاب إعادة الإعمار مقابل عودة اللاجئين جديدًا على النظام السوري، إذ سابقًا كان يروج لجاهزيته على استقبالهم ويقيم المؤتمرات لهذا الهدف، أما حاليًا فقد تحول الخطاب حتى وصف المقداد اللاجئين السوريين بـ “العبء” الذي يجب أن يتحمله “الوطن” دون الآخرين.
الباحث في الاقتصاد السياسي، يحيى السيد عمر، قال إن النظام سابقًا كان يدعو وبشكل مستمر لعودة اللاجئين، وهذه الدعوة كانت في إطار “الخطاب السياسي”، فلا هو قادر على استقبالهم، ولا هم راغبون بالعودة في ظل الظروف الراهنة.
وأوضح السيد عمر أنه حاليًا وبعدما بات “إلزامًا عليه التهيئة لعودتهم”، تراجع عن دعوته وأصبح يطالب بدعم اقتصادي لتنفيذ ذلك، وهنا تظهر “البراغماتية الواضحة لحكومة النظام”، على حد وصفه.
وبحسب أرقام المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن عدد اللاجئين السوريين في دول الجوار تخطى 5.3 مليون لاجئ خارج سوريا، و6.7 مليون نازح داخليًا.
ويتوزع أكبر عدد للاجئين السوريين في تركيا بـ 3.38 مليون لاجئ، وفي لبنان والأردن نحو 1.5 مليون لاجئ.
وبخصوص أولية إعادة الإعمار بالنسبة للاجئين، فمن غير الممكن عودتهم في ظل غياب بنية تحتية، وفقدان موارد الطاقة وأزمات معيشية أخرى، وفق السيد عمر، إذ أن الموارد الحالية لدى حكومة النظام لا تكفي السوريين الموجودين في مناطق سيطرته.
ولن يعود اللاجئون إلا في حال وجود ضمانات أمنية وسياسية لهم، إذ أن الثقة معدومة بين السوريين وبين حكومة النظام، إلا في حال إرغامهم على العودة كما يحدث في لبنان، بحسب السيد عمر.
وكانت منظمات حقوقية دولية قد حذرت من تعرّض العائدين لانتهاكات جسيمة من جانب سلطات النظام السوري، وقالت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، في تقرير لها، صدر في تشرين الأول 2021، إن اللاجئين السوريين العائدين إلى سوريا من لبنان والأردن بين عامي 2017 و2021، واجهوا انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان واضطهادًا على يد قوات النظام والمليشيات التابعة لها.
وأكدت المنظمة أن سوريا ليست آمنة للعودة، مشيرة إلى أنها وثقت 21 حالة اعتقال واحتجاز تعسفي، و13 حالة تعذيب، وثلاث حالات اختطاف، وخمس حالات قتل خارج نطاق القضاء، و17 حالة اختفاء قسري، وحالة عنف جنسي.
استطلاع المفوضية السامية بشأن اللاجئين السوريين ونواياهم بخصوص العودة إلى سوريا، الصادرة في 23 من أيار الحالي، تظهر أن 93.5% من اللاجئين لا يميلون للعودة خلال 12 شهرًا، كما أن 51.3% منهم لا يميلون للعودة خلال خمسة سنوات، و32% منهم لا يتأملون العودة إلى سوريا أبدًا.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :