مصير أموال المودعين السوريين ببنوك لبنان جراء الإجراءات الأوروبية
اتخذ الاتحاد الأوروبي خطوتين، خلال الأسبوع الماضي، تجاه الأزمة المالية في لبنان، وذلك عبر إصدار مذكرتي توقيف فرنسية وألمانية ضد حاكم مصرف لبنان المركزي، رياض سلامة.
ويبدو أن الاتحاد الأوروبي ذاهب نحو اتخاذ خطوات أكبر، بمحاسبة من يعتقد أنهم مسؤولين عن “اختلاس أموال المودعين” في المصارف اللبنانية.
وبالإضافة إلى مذكرات التوقيف، والتي تهدف إلى التحقيق مع رياض سلامة للاشتباه بارتكابه جرائم فساد مالية، تشمل غسيل الأموال والتزوير والاختلاس، بدأت مصارف أوروبية بإيقاف تعاملها مع المصارف اللبنانية.
وذكرت صحيفة “الأخبار” اللبنانية، اليوم الأربعاء 24 من أيار، أن هناك توقعات باتخاذ مصارف أخرى لخطوات مشابهة.
وتأتي خطوة المصارف الأوروبية بالتزامن مع ما نشرته وكالة “رويترز“، الثلاثاء 23 من أيار، حول إمكانية وضع لبنان على “القائمة الرمادية” للدول الخاضعة للرقابة.
ونقلت “رويترز” عن ثلاثة مصادر مطلعة، أن هذه الخطوة تأتي بسبب ممارسات تتعلق بغسيل الأموال وتمويل الإرهاب.
ووفق الوكالة، فإن إضافة لبنان إلى “القائمة الرمادية”، ستمثل ضربة أخرى كبيرة لدولة تعاني من تدهور مالي منذ 2019.
ويرى الباحث في الاقتصاد، الدكتور فراس شعبو، أن مخاطر العجز في المصارف اللبنانية تشهد ارتفاعًا كبيرًا، لذا من الطبيعي أن تتخذ المصارف الأوروبية هذه الخطوة، وهو دليل أن الوضع السوداوي أصبح أكثر سوادًا.
كما أن الخطوات الأوروبية، ستؤثر على مصير أموال المودعين السوريين واللبنانيين في المصارف اللبنانية.
تأثير على المودعين والاقتصاد السوري
لجأ الكثير من السوريين لنقل أموالهم من المصارف السورية إلى نظيرتها اللبنانية بعد الاضطرابات الأمنية في عام 2011، وكذلك إلى دول أخرى كمصر وتركيا والإمارات العربية المتحدة.
واستمر الأمر كذلك حتى عام 2019، حين شهد لبنان اختفاء مليارات الدولارات من أموال المودعين اللبنانيين والأجانب على حد سواء.
وحول تأثير الخطوات الأوروبية ضد المصارف اللبنانية، على أموال المودعين السوريين واللبنانيين، والاقتصاد في سوريا ولبنان كذلك، ذكر الباحث شعبو، أن هذه التأثيرات تأتي أولًا بسبب استعانة التجار السوريين بالمصارف اللبنانية، وحتى الميليشيات العسكرية أيضًا.
ويؤدي تداخل الاقتصادين السوري واللبناني وعدم إمكانية العزل بينهما، لتحويل الخطوات الأوروبية إلى ضغوط جديدة عليهما، خاصةً وأن النظام المصرفي اللبناني كان متنفس الاقتصاد السوري، وفق شعبو.
ولا يختلف الوضع الاقتصادي في لبنان كثيرًا عن الوضع الاقتصادي في مناطق سيطرة النظام، إذ يشترك البلدان في المعاناة من انخفاض قيمة العملة أمام الدولار الأمريكي، وارتفاع أسعار المواد الأساسية، بما فيها المحروقات والأدوية.
ولا توجد أرقام دقيقة لحجم ودائع السوريين في المصارف اللبنانية، ففي حين قدرها رئيس النظام السوري بشار الأسد بـ60 مليار دولار، تذهب تصريحات مسؤولين لبنانيين إلى أرقام أقل من ذلك بكثير.
ونقل موقع “المدن” اللبناني في تشرين الثاني 2020، عن رئيس لجنة الرقابة على المصارف اللبنانية، سمير حمود، أن حجم الودائع السورية في لبنان، يبلغ ثمانية مليارات دولار فقط، من أصل 40 مليار هي حجم الودائع الأجنبية.
وأشار شعبو في حديثه مع عنب بلدي إلى أن الاقتصاد اللبناني يتداعى نتيجة اصطفافات سياسية وفساد مستشر وسوء إدارة، وبالتالي ستكون هناك ارتدادات عكسية.
ومنذ انتهاء ولاية الرئيس اللبناني السابق، ميشيل عون في 2022، لم يُنتخب أي رئيس ولا حكومة للبنان.
شعبو يرى أن المصرف المركزي اللبناني قد يستخدم سياسية “تقليم الودائع”، القائمة على منح نسبة مئوية من قيمة المبالغ المودعة للفرد أو المؤسسة، مقابل تقديم تنازل عن باقي المبالغ.
وأضاف، أن هذا الأمر قد يحصل في المستقبل، رغم أنه من الغير المؤكد اتباع الحكومة اللبنانية لهذه السياسة بشكل واسع، نظرًا لما قد يصدر من رد فعل من الناس، كالمظاهرات أو غيره.
وعلى المصارف اللبنانية أن تعترف بحجم الخسائر والفجوة الحاصلة، وقد يتم تفضيل للبنانيين على الجنسيات الأخرى، وفي كل الأحوال إن استعاد المودعون السوريون أموالهم، فستكون استعادة جزئية لا كلية، بحسب شعبو.
وشهدت المصارف اللبنانية خلال العامين الماضيين، سلسلة اقتحامات للبنوك نفذها مودعون لبنانيون غاضبون لاستعادة أموالهم، ما أدى إلى إقفال البنوك لأبوابها عدة مرات.
وتبلغ قيمة الدولار الواحد، 94 ألف و450 ليرة لبنانية، وفق موقع “الليرة اليوم“، المختص بأسعار صرف العملات.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :