ركز ممثل المعارضة في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التركية، كمال كليجدار أوغلو، حملته على وعود بترحيل اللاجئين السوريين فور وصوله إلى السلطة، مستخدمًا معلومات مغلوطة في سبيل ذلك.
ويمثل كليجدار أوغلو ستة أحزاب سياسية تركية في تحالف واحد، ومدعوم من أحزاب أخرى، في مواجهة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الذي تقدم في الجولة الأولى من الانتخابات لكنه لم يحصل على أغلبية 50% +1، ليتسلم الرئاسة.
ومن المقرر إجراء الجولة الثانية بين المرشحين في 28 من أيار الحالي.
المرشح الرئاسي المعارض، نشر مساء السبت 20 من أيار، عبر حسابه في تويتر تسجيلًا مصورًا وأرفقه بجملة “لم تعد هذه انتخابات، إنها استفتاء” داعيًا الشباب للتصويت له.
وتمحور التسجيل الدعائي حول اللاجئين السوريين المقيمين في تركيا، مشيرًا إلى أن عددهم عشرة ملايين لاجئ، وقد يأتي 20 مليونًا غيرهم إذا لم يصوت الشباب له.
ووفقًا للأرقام الرسمية في تركيا يبلغ عدد السوريين المقيمين بموجب قانون “الحماية المؤقتة” (كملك) بحسب أحدث إحصائية أصدرتها رئاسة الهجرة التركية عبر موقعها الرسمي، ثلاثة ملايين و388 ألفًا و698 سوريين.
التسجيل المصور الذي نشره المرشح الرئاسي الذي تلقبه وسائل إعلام غربية بـ”مهاتما غاندي التركي” باعتباره ممثلًا للديمقراطية وحقوق الإنسان في تركيا، هو الثاني منذ انتقال الانتخابات إلى الجولة الثانية.
التسجيل الأول كان أكثر حدة إذ تعهد كليجدار أوغلو، ترحيل جميع السوريين من بلاده حال وصوله إلى السلطة.
وأضاف، “سيبدأ النهب، وستكون المدن تحت سيطرة اللاجئين، والمافيا، والعصابات، ولن تتمكن الفتيات الصغيرات من السير في الشوارع بمفردهن في حال بقي هؤلاء في السلطة” في إشارة إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
خطاب الكراهية معلّق في الشوارع
عُلّقت أمس السبت أولى اللافتات التي حملت صورة مرشح المعارضة التركية في ميدان تقسيم بمدينة اسطنبول، الميدان الذي يعتبر من أكثر المناطق المشهور بكونها قبلة سياحية، ويعتبر العرب من أكثر زوارها، ودعا كليجدار أوغلوا فيها الأتراك لاختيار فيما إذا كان السوريون سيرحلون.
ناشطون سوريون وأتراك تداولوا صور اللافتة المعلقة في ميدان تقسيم، مهاجمين مرشح المعارضة بسبب مشوع الانتخابات العنصري الذي يطرحه.
https://twitter.com/ZEYN532353971/status/1659976086476783617
اللافتة المرفقة بصورة كليجدار أوغلو في ميدان تقسيم ردت عليها منظمة تركية معنية بحقوق اللاجئين، إذ نشرت صورًا كتب عليها “اللاجئون سيبقون، كليجدار أوغلو سيرحل”.
ولطالما كان الخطاب السياسي العنصري تجاه فئات من المقيمين في تركيا أبرزهم العرب والكرد، حاضرًا خلال السنوات والانتخابات السابقة، ودائمًا ما انعكس حضوره على نظرة الشارع التركي للاجئين والأجانب بشكل عام.
وتجلى انعكاس هذا الخطاب بحالات اعتداء تكررت بحق لاجئين سوريين في المدن التركية، منها ما وصل إلى جرائم قتل، لم تجد طريقها نحو محاكم محايدة، رغم مرور سنوات على وقوعها.
أرقام المعارضة “فلكية”
بحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة، فإن عدد اللاجئين السوريين حول العالم تخطى 6.6 ملايين لاجئ خارج سوريا، و6.7 مليون نازح داخليًا.
ويقيم أكثر من مليون منهم في دول الاتحاد الأوروبي، وفي ألمانيا وحدها أكثر من 600 ألف لاجئًا، إلى جانب أكثر من مليون في لبنان، في حين يقول الأردن أنه يستضيف نحو 700 ألف سوري، بينما تدعي دول الخليج أن مليوني سوري يقيمون على أراضيها، وملايين آخرين يقيمون في مصر، بحسب الإحصائيات الرسمية.
ووفق تقديرات المكتب المركزي للإحصاء، التابع لمجلس الوزراء في سوريا بلغ عدد السكان في الأراضي السورية 24.42 مليون بداية العام 2017.
وبحسب دراسة أعدها مركز “جسور للدراسات” فإن الإجمالي المفترض لعدد سكان سوريا حتى عام 2021، بلغ 26 مليونًا و285 ألف شخص، لكن الذين بقوا في سوريا حتى مطلع 2021 عددهم 16 مليونًا و475 ألفًا.
وبحسب موقع “Data Commons” الذي يقدم بيانات مختلفة الدول يبلغ عدد سكان سوريا يبلغ اليوم نحو 18 مليون شخصًا.
الخسارة غيّرت خطاب المعارضة
الخطاب العنصري تجاه السوريين عاد مؤخرًا إلى ذروته بعد غيابه عن سياسة المعارضة التركية منذ بدء الحملات الانتخابية، إذ ذكر كليجدار أوغلو السوريين سابقًا خلال حملاته الانتخابية، واصفًا إياهم بـ”الأخوة”، متحدثًا عن عودتهم إلى بلدهم “طوعًا” خلال عامين بعد تهيئة الظروف المناسبة لهم.
وكرر حينها أنه سينفذ وعده فيما يتعلق باللاجئين “دون أن يمارس أي عنصرية، ومن خلال تلبية جميع احتياجات السوريين وضمان سلامة أرواحهم وممتلكاتهم، وبتمويل من الاتحاد الأوروبي ومساهمة المقاولين الأتراك”.
أحدث انعكاسات الخطاب العنصري على الشارع التركي ظهرت، في 18 من أيار الحالي، خلال مقابلة شارع أجراها يوتيوبر تركي، إذ تحدث أحد ضيوف البرنامج حول وجود قوميات أخرى غير التركية في البلاد واصفًا إياهم بعبارات عنصرية.
ماذا يقول أردوغان؟
خلال مقابلة مصوّرة مع قناة “CNN” الأمريكية، الجمعة 19 من أيار، قال أردوغان، إن المعارضة تدعو لترحيل شامل للاجئين السوريين من تركيا، علمًا أن الحكومة الحالية تشجع على عودة نحو مليون سوري إلى بلدهم “بعد تهيئة البنية التحتية لهم فيها”.
سبق ذلك حديث الرئيس التركي خلال إجابته على أسئلة شباب في المجمع الرئاسي، في 11 من أيار الحالي، “يقول أحدهم أنا عندما أصل إلى السلطة سأعيدهم إلى بلادهم، ولن أترك هؤلاء الفرصة للعيش في تركيا، أنا شخصيًا لا أدعم هذا الرأي، سيكون هذا ظلمًا”.
وأضاف، “منهم من حصل على الجنسية التركية ونجح في اجتياز الامتحانات المخصصة، بينهم طبيب ومهندس ومحامي، هل يعقل أن نطرد هؤلاء لأنهم لأنهم لاجئين، بعد قدومهم إلى تركيا”.
وفي أيار 2022، أعلن الرئيس التركي عن إعداد مشروع يضمن عودة مليون لاجئ سوري إلى شمال غربي سوريا، يتجلى ببناء 100 ألف منزل من الطوب في 13 نقطة سورية، بمدن جرابلس والباب وتل أبيض ورأي العين، بالتعاون مع المجالس المحلية في هذه المناطق.