“الصفارة”.. لا وصفة جاهزة للسعادة
يعالج مسلسل “الصفارة” أفكارًا تمس المشاهد بشكل مباشر في إطار كوميدي، على مدار 15 حلقة عُرضت خلال شهر رمضان الماضي.
والقضية أن “شفيق”، الذي يعمل مرشدًا سياحيًا، يسرق صفارة تمكّنه من العودة بالزمن إلى الوراء لمدة ثلاث دقائق، لإحداث تغيير فيها قبل العودة إلى الوقت الراهن.
وخلال هذه العودة التي لا تقدم ضمانات حول الأماكن التي يمكن أن تفضي إليها، يجرّب بطل العمل أكثر من شخصية وأسلوب ونمط حياة، بحثًا عن السعادة الضائعة.
يجسد العمل فكرة البحث عن الهوية، وهي رحلة طويلة يمكن أن يفني الإنسان في سبيلها سنوات طويلة من عمره على أمل الوصول إلى الحياة أو الشخصية أو الطريقة التي يرغب بمتابعة حياتها من خلالها.
جوهر العودة بالنسبة لـ”شفيق” يكمن في موقف معيّن تعرض له خلال مشاركته في حفل لإطلاق تطبيق إلكتروني سياحي، لكن هذا الموقف انعكس بطريقة قاسية على بقية حياته، ليحاول عبر الصفارة استعادة اللحظة والتغيير فيها وصولًا إلى النتيجة المُرضية.
تقود الصفارة “شفيق” إلى نتائج متعددة، وكلها لا ينشدها الرجل الذي تجعله صفارته تارة رجلًا بدينًا ثريًا مصابًا بأمراض لا تحصى، يكرس حياته للعمل بما يُفقده فرصة عيش الحاضر، وبعد استعمال الصفارة يتحول إلى مغنٍّ شعبي يقدم ما لا يرضي شخصيته فنيًا، إلى جانب حضور دائم لزميل عمل يؤرق حاضره وينفي راحة البال من حياته.
احتمالات كثيرة يقدمها العمل، كما تقدمها الحياة، وفي الحالتين النتائج غير مضمونة، فلا وصفة جاهزة للحصول على النتيجة المنشودة بمعزل عن كلمة القدر، ورغم تقديم الفكرة في إطار كوميدي غير قابل للتطبيق واقعيًا، فإن العودة المفترضة بالزمن، وهي حلم يراود الكثير من الناس، لاتخاذ قرار صائب ضل طريقه حينها، لا تعني لو حصلت، واتخذ فيها القرار الأكثر عقلانية، أن النتيجة ستكون مرضية.
كل ما يفعله “شفيق” مع صفارته رحلة لا نهاية لها إلا بالموت، بحثًا عن السعادة، دون الالتفات إلى مسألة الرضا أو التسليم والإيمان، التي قد تقدم بعد محاولات كثيرة فاشلة شيئًا من القبول وعدم السخط على الذات وجلدها، وكل هذا لا يعني أبدًا الاستسلام والتوقف عن المحاولة، لكنها تكون من الحاضر الملموس دون الرغبة بتغيير الماضي، إذ إن ذلك غير ممكن.
جرعة الكوميديا العالية، ككثير من الأعمال المصرية، لا تعني غياب الأفكار، والطروحات التي تلامس المشاهد وتعنيه فعلًا، ويبدو ذلك بوضوح في أعمال الممثل المصري، بطل العمل، أحمد أمين.
“الصفارة” من إخراج علاء إسماعيل، وبطولة أحمد أمين، وطه دسوقي، وحاتم صلاح، ومحمود البزاوي، وإنعام سالوسة.
شارك في التأليف كل من أحمد أمين، ومحمود عزت، وسارة هجرس، وعبد الرحمن جاويش، وشريف عبد الفتاح، وهو متاح للمشاهدة عبر منصة “شاهد”.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :