جراء تقلبات "الصرف"

سلسلة الديون تشلّ سوق المواد الغذائية بحمص

camera iconمحل لبيع المواد الغذائية في حمص (سانا)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – عروة المنذر

يعاني قطاع المواد الغذائية والتموينية في أسواق مدينة حمص جمودًا جراء التقلبات اليومية في سعر صرف الليرة مقابل الدولار، إذ توقفت شركات لتجارة الجملة عن التوزيع، بانتظار نشرات جديدة وفق سعر الصرف.

ويعد “دفتر الدَّين” أساسيًا في قطاع تجارة المواد الغذائية، ويعطي تجار الجملة تجار نصف الجملة البضاعة بالدَّين، ومنهم إلى أصحاب “البقاليات” بالطريقة نفسها، وتُحصّل الديون على دفعات بعد بيع البضاعة.

تقلّب سعر الصرف والخلل الحاصل في الأسواق، أرغم التجار على المطالبة بديونهم بالسرعة القصوى، لتفادي الخسائر الناجمة عن ارتفاع سعر الدولار أو أسعار المواد الغذائية، الذي يؤدي إلى تآكل الديون وانخفاض الأرباح والتسبب بخسائر في رأس المال، وهو ما أربك القطاع بشكل عام.

ديون تتآكل بتأرجح الليرة

يعتمد قطاع تجارة المواد التموينية (السمانة) على الديون بشكل رئيس، فوجود “دفتر الدَّين” يعتبر أساسيًا في كل “بقالية”، وتراجع الوضع الاقتصادي وغلاء المواد أسهما في رفع قيمة الديون لأرقام قياسية في “البقاليات” ومحال الجملة ونصفها.

أشرف الشيخ، صاحب “ميني ماركت” في حي القصور بمدينة حمص، قال لعنب بلدي، إن “دفتر الدَّين” يعتبر ركنًا أساسيًا في “البقاليات”، وهذا عُرف في المصلحة.

وأضاف، “لكن ارتفاع أسعار المواد زاد مبلغ الديون بشكل كبير. مجموع الديون على الدفتر أكثر من تسعة ملايين ليرة، على الرغم من أن بقاليتي صغيرة ولا يتجاوز رأس المال 30 مليونًا، وعند مطالبة الزبائن منهم من يستطيع التسديد ومنهم من يطلب مهلة إضافية”.

ويعتبر وجود “دفتر الدَّين” عاديًا في أي “بقالية” أو أي محل في وضع استقرار وثبات قيمة العملة والبضاعة، لكن مع تقلّب أسعار الصرف وأسعار البضاعة، بدأت الديون تتآكل، وامتنع كثير من الباعة عن البيع بالدَّين.

وتأرجح سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار الأمريكي خلال الأيام الماضية بين 8800 و9200 ليرة سورية، بحسب موقع “الليرة اليوم” المختص بسعر صرف العملات.

ماهر اليوسف، صاحب “سوبر ماركت” في حي كرم الشامي بحمص، قال لعنب بلدي، إنه أتلف “دفتر الدَّين” بشكل كامل منذ بداية العام الحالي، بسبب الخسائر التي تعرض لها، وتراكم الديون مع ارتفاع سعر الدولار من 2500 إلى 4000 ليرة مطلع العام الحالي، معتبرًا أن قراره لا رجعة فيه.

وأضاف ماهر أن كثيرًا من الزبائن لم يعودوا يرتادون المحل الذي يملكه، لكن هذا أفضل من الخسائر المحققة بسبب هذه الديون التي تجاوزت مبلغ 30 مليون ليرة، لكن القيمة الفعلية أكبر بكثير لأن الليرة تراجعت بشكل كبير أمام الدولار.

المطالبة بالديون تشل القطاع

مع موجة ارتفاع سعر الصرف الأخيرة، التي لامس فيها سعر صرف الليرة مقابل الدولار حاجز تسعة آلاف، تعرض تجار المواد التموينية لهزة كبيرة جراء خسارة الليرة نحو ربع قيمتها خلال عشرة أيام، ما دفعهم للمطالبة بالديون بشكل عاجل، ما أحرج تجار نصف الجملة وأصحاب “البقاليات”.

ضافر السلقيني، صاحب أحد محال نصف الجملة في حمص، قال لعنب بلدي، إن الشركات والوكالات امتنعت عن البيع بالدَّين، وأصبحت تطالب بدفع قيمة بضاعتها نقدًا.

وأشار ضافر إلى أن تجار الجملة ونصف الجملة لا يمكنهم إلغاء موضوع الدَّين، لأنه عامل جذب كبير للعملاء.

ومع التراجعات الأخيرة لسعر الليرة، بدأت الديون تتسبب بكثير من الخسائر، وتبخرت الأرباح، عدا عن خسارة جزء من رأس المال، وهو ما دفع التجار مرغمين لمطالبة جميع العملاء بالديون المستحقة عليهم أو إعادة البضاعة غير المباعة في محالهم، وفق ضافر.

لكن شبكة الديون معقدة، فهي سلسلة تبدأ من تجار الجملة إلى تجار نصف الجملة ومن ثم إلى أصحاب “البقاليات” فالزبائن، ما جعل أمر تحصيلها بالغ الصعوبة.

رائد الحسين، صحاب “بقالية” في حي عكرمة بمدينة حمص، قال لعنب بلدي، إن تحصيل الديون المتراكمة من التاجر إلى “البقالية” إلى الزبائن ليس بالأمر السهل، فالناس كلهم في ضائقة من الوضع الاقتصادي.

وأضاف رائد أن تاجر الجملة يطالب تاجر نصف الجملة، ونصف الجملة يطالب “البقالية”، و”أنا مضطر لمطالبة أكثر من 45 زبونًا لتحصيل المبالغ، ولا يلتزم الجميع بالدفع، ما شكّل أزمة حقيقية في قطاع المواد الغذائية”.

وتحتاج الأسرة السورية المكوّنة من خمسة أفراد إلى أربعة ملايين ليرة سورية شهريًا لتغطية احتياجاتها، بحسب مركز أبحاث “قاسيون” التابع لحزب “الإرادة الشعبية” في دمشق، ضمن تقرير أصدره في كانون الثاني الماضي.

فيما أصدر مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية” دراسة نهاية 2022، قال فيها، إن متوسط تكاليف العائلة السورية تجاوز ثلاثة ملايين ونصف المليون ليرة سورية.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة