“تحرير الشام” تتجاهل مقتل مدني بطيران أمريكي شمالي إدلب
لم تعلق “هيئة تحرير الشام” صاحبة النفوذ العسكري في إدلب، على قضية مقتل مدني استهدفته طائرة مسيّرة أمريكية في بلدة قورقانيا شمالي إدلب، بعد مرور 19 يومًا على استهدافه.
وغاب التعليق من قبل “تحرير الشام”، ومظلتها السياسية حكومة “الإنقاذ”، عن مقتل لطفي حسن مسطو (56 عامًا)، في 3 من أيار الحالي، رغم معرفتهم بأنه مدني وليس قياديًا في تنظيم “القاعدة”.
صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، قالت عبر تقرير لها في 18 من أيار الحالي، إن “تحرير الشام” زارت موقع الاستهداف في وقت لاحق في يوم الغارة، وأزالت مكونات الصواريخ، وقال متحدث باسم “الهيئة”، إن الضحية كان مدنيًا.
وبحسب ما رصدته عنب بلدي عن معرفات الفصيل والشرعيين فيه، وعن “إدارة الشؤون السياسية” في حكومة “الإنقاذ”، لم يرد أي بيان إدانة أو تعليق على الضربة، حتى لحظة نشر هذا التقرير، في الوقت الذي تثير فيه القضية تفاعلًا على وسائل الإعلام.
“راعي أغنام لا قيادي”
وكانت عنب بلدي حصلت على شهادات محلية، تشير إلى أن الشخص الذي استهدفه طيران مسيّر أمريكي في بلدة قورقانيا شمالي إدلب، في 3 من أيار، هو مدني، ولا ينتمي لأي فصيل، ولم يشارك في العمل العسكري في سوريا.
وبعد حوالي ساعة من القصف، قال “الدفاع المدني السوري“، عبر “فيس بوك”، إن الرجل المدعو لطفي حسن مسطو، قُتل بقصف صاروخي من طائرة مسيرة مجهولة الهوية، استهدفه في أثناء عمله برعي الأغنام.
ويبلغ الرجل المُستهدف 56 عامًا، وهو متزوج ولديه 11 من الأبناء، وهو من أبناء البلدة ومعروف فيها.
وكان لطفي يملك مكبسًا لتصنيع القرميد، ثم عمل في تربية الدواجن ورعي الأغنام، وليس لديه أي مشكلات سابقة، ولم يحمل أي سلاح، بحسب شهادات من أقرباء وأهالي القرية لعنب بلدي.
وبعد القصف بساعات، ذكرت القيادة المركزية الأمريكية، في بيان، أنها استهدفت “قياديًا بارزًا” في تنظيم “القاعدة” شمال غربي سوريا (دون تحديد المكان بدقة)، واعدة بتقديم تفاصيل أكثر.
وتواصلت عنب بلدي مع القيادة المركزية الأمريكية منذ 4 من أيار الحالي، للتعليق على معلومات أن الرجل مدني ولا ينتمي لأي فصيل، والحصول على توضيحات عن ارتباطه بالتنظيم، لكنها لم تتلقَ ردًا حتى لحظة نشر هذا الخبر.
شكوك وتحقيق
ذكرت “واشنطن بوست” أن المسؤولين العسكريين الأمريكيين تراجعوا عن مزاعم قتل قيادي في تنظيم “القاعدة” شمالي إدلب، وقال مسؤولان في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) للصحيفة، إن “هناك شكوكًا الآن داخل (البنتاغون) حول هوية الشخص الذي قُتل” في غارة ببلدة قورقانيا.
وأضاف أحد المسؤولين، “لم نعد واثقين من أننا قتلنا مسؤولًا كبيرًا في (القاعدة)”، وقال المسؤول الآخر “على الرغم من أننا نعتقد أن الضربة لم تقتل الهدف الأصلي، فإننا نعتقد أن الشخص هو من (القاعدة)”.
وزودت الصحيفة الأمريكية أربعة خبراء في “الإرهاب” بتفاصيل حادثة استهداف الرجل، وشككوا بدورهم من انتمائه إلى “القاعدة”.
وفي 9 من أيار الحالي، أعلنت القيادة المركزية الأمريكية، أنها تحقق في قضية مقتل مسطو، وقال المتحدث باسم القيادة المركزية، جون مور، إن القوات الأمريكية “بصدد تأكيد هوية الشخص الذي قُتل في الغارة”، وفق ما نقلته وكالة “أسوشيتد برس” (AP) الأمريكية.
لا صدام مع أمريكا
ليست المرة الأولى التي تغيب فيها أو تتأخر “تحرير الشام” عن قضايا استهداف تطال المدنيين من قبل القوات الأمريكية خلال ملاحقة الأخيرة لـ”الجهاديين”.
في شباط 2022، تأخرت “تحرير الشام” في التعليق عن مقتل 13 شخصًا على الأقل بينهم ستة أطفال وأربع نساء، خلال عملية إنزال جوي نفذها الجيش الأمريكي في قرية أطمة شمالي إدلب.
ونفّذ الجيش الأمريكي عملية الإنزال على منزل في قرية أطمة الحدودية، تبعها اشتباك استمر لنحو ساعتين بين القوات المهاجمة والمجموعة التي كانت في المنزل، لتسفر العملية عن مقتل زعيم تنظيم “الدولة الإسلامية”، عبد الله قرداش، الملقب بـ”أبو ابراهيم الهاشمي القرشي”، في 3 من شباط 2022.
بعد ثلاثة أيام من الاستهداف حينها، أدانت “تحرير الشام” مقتل المدنيين خلال الإنزال الجوي ونفت معرفتها بالعملية قبل حدوثها وهوية القاطنين.
وأكّدت رفضها للعملية واستنكارها لها، وعدم سماحها لتنظيم “الدولة” باستخدام “المناطق المحررة” تحت أي هدف، و”الاستمرار بدفع شرهم وجرائمهم”، بحسب بيان نشرته مصادر مقربة منها.
وأرجع باحثون في الحركات الدينية في حديث مع عنب بلدي، الصمت أو تأخر التعليق عن استهداف أمريكا لـ”جهاديين” في حالة وقوع قتلى مدنيين، إلى تجنب استخدام بياناتها من قبل خصومها “الجهاديين” ضدها، والسبب الثاني هو أن “تحرير الشام” ضالعة بعمليات استهدافهم، فأفضل شيء في هذا الوضع هو الصمت.
واعتبر باحثون وخبراء أن الأمر اللافت في تعليق “الهيئة” السابق، هو عدم ذكر أمريكا في البيان وتجنب الصدام معها، وعدم خلق تهديد يلاحق قائد “تحرير الشام”، “أبو محمد الجولاني”، الذي بات صمام أمان ضد التنظيمات المتطرفة، وقوة محلية متماسكة في مواجهة النظام والروس في إدلب، حسب وصف الخبراء.
اقرأ أيضًا: ما الذي يبعد “الجولاني” عن مرمى ضربات التحالف
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :