الخارجية اللبنانية: لا نجبر السوريين على العودة.. الواقع مخالف
نفى وزير الخارجية والمغتربين اللبناني، عبد الله بو حبيب، أن يكون هناك أي إعادة قسرية للاجئين السوريين من لبنان، متهمًا الدول الغربية والمستفيدين من المساعدات التي تقدمها هذه الدول للاجئين بالوقوف خلف الترويج لهذه الأحاديث.
وقال الوزير خلال حديث لوكالة “سبوتنيك” الروسية، مساء الأربعاء 17 من أيار، إن “الحكومة السورية” أعلنت في أكثر من مناسبة عن استعدادها ورغبتها في استعادة “النازحين” السوريين من لبنان، ولا يوجد حديث عن إعادتهم قسرًا بل بشكل طوعي وبالتنسيق الكامل مع دمشق.
واعتبر أن من يروّج لهذه الأحاديث هي “الدول والجهات التي لا ترغب في إعادة النازحين، ومن ينتفعون ويستفيدون من وجودهم في لبنان”.
وحول اجتماعه مع وزير خارجية حكومة النظام السوري، فيصل المقداد، على هامش أعمال القمة، قال الوزير اللبناني، إن الجانبين اتفقا على على عدة قضايا حول “اللجان المختصة” بالجامعة العربية، منها قضية عودة اللاجئين السوريين، والمخدرات، وغيرهما.
وأشار إلى أن حكومة النظام أبدت ترحيبها مجددًا بعودة جميع “النازحين” السوريين إلى وطنهم.
“الترحيل القسري” واقع في لبنان
خلال نيسان الماضي وحده، وثّق مركز “وصول لحقوق الإنسان” (ACHR) ما لا يقل عن 13 حملة أمنية اعتقل خلالها 542 لاجئًا لغاية 18 من الشهر نفسه، بينهم شخصان رُحّلا قسرًا واعتقلتهما قوات الأمن السورية، بحسب ما قاله المدير التنفيذي للمركز الحقوقي، محمد حسن.
وأضاف أن اللاجئين السوريين يتعرضون في لبنان خلال عمليات الترحيل القسري لعدة انتهاكات “خطيرة”، أبرزها الاعتقال التعسفي، وسوء المعاملة تحت ظروف لا إنسانية، إذ تنتهك عمليات الترحيل القسري من لبنان القانون الدولي.
حسن اعتبر أن هذه العمليات تنتهك بالمقام الأول مبدأ “عدم الإعادة القسرية”، الذي يحظر عودة الأفراد إلى بلد قد يواجهون فيه الاضطهاد أو الأذى.
وينص قانون الأجانب الذي دخل حيز التنفيذ في لبنان عام 1962 بالمادة “26” منه على أن “كل أجنبي ملاحق أو محكوم بجرم سياسي من سلطة غير لبنانية، أو حياته مهددة أو حريته لأسباب سياسية، يمكن أن يطلب منحه حق اللجوء السياسي”.
وتنص المادة “32” من قانون الأجانب اللبناني على أن “قرار الترحيل بحق الأجانب الذين دخلوا خلسة، محصور بالقضاء الجزائي بعد حصول الأجنبي على محاكمة عادلة يتسنى له خلالها تقديم الدفاع المناسب ضد عقوبة الترحيل”، بحسب المدير التنفيذي في مركز “وصول”.
وأضاف أن السلطات اللبنانية تنفذ عمليات الترحيل القسري من دون إعطاء اللاجئين الحق في المثول أمام قاضٍ، والطعن في قرار الترحيل والمطالبة في الحصول على الحماية الإنسانية.
وفي الوقت الحالي، يشرف الجيش اللبناني على عمليات الترحيل علمًا أنه لا يملك الصلاحية لذلك، إذ تنحصر إدارة المعابر بالمديرية العامة للأمن العام اللبناني، لكن بعد القرار الذي أصدره مجلس شورى الدولة باجتماعه الذي اتسم بالسرّية ونص على أن يتم ترحيل السوريين الذين دخلوا إلى لبنان بعد تاريخ 24 من نيسان 2019، يبدو أن الجيش اللبناني بدأ بالفعل بتطبيق هذا القرار، بحسب حسن.
دعم أوروبي للبنان
أحدث حزمة مساعدات قدمها الاتحاد الأوروبي إلى لبنان شملت اللاجئين السوريين، كانت في 31 من آذار الماضي، عندما أعلن عن تقديم 60 مليون يورو كمساعدات إنسانية للفئات الأكثر ضعفًا من لبنانيين وسوريين.
وجاء الإعلان عبر مؤتمر صحفي لمفوض الاتحاد الأوروبي لإدارة الأزمات، يانيز لينارتشيتش، قال فيه، “من المحزن أن عدد اللبنانيين المحتاجين ارتفع بشكل كبير بسبب التطورات الأخيرة، والتضخم الذي التهم القيمة الكاملة لرواتب القطاع العام، وهذا أمر يثير القلق”.
وأضاف، “أدى هذا أيضًا إلى ازدياد الاحتياجات الإنسانية، ولهذا السبب أتيت إلى لبنان، للإعلان عن رفع ميزانية المساعدات الإنسانية المقدمة للبنان، وحددت الميزانية لعام 2023 بـ60 مليون يورو، أي بزيادة 20% مقارنة بالعام الماضي”.
وأكد استمرار الاتحاد الأوروبي في مساعدة ودعم كل اللاجئين السوريين، ودعم اللبنانيين الأكثر هشاشة.
وفي مطلع العام الحالي، عرضت لجنة الشؤون الخارجية والمغتربين التابعة لمجلس النواب اللبناني إحصائيات وبيانات عن اللاجئين السوريين في إطار جلسة بمجلس النواب، حضرها 19 سفيرًا من دول أوروبا والدول المعنية بالملف السوري.
وجاء في تقرير لصحيفة “نداء الوطن” اللبنانية، أن قيمة “الأعباء” التي شكّلها وجود السوريين في لبنان وصلت بحسب دراسة لوزارة الخارجية اللبنانية عرضتها اللجنة إلى نحو ثلاثة مليارات دولار سنويًا.
خلاف سياسي لبناني حول اللاجئين
في نهاية نيسان الماضي، صرح وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، هيكتور حجار، أن السوريين ممن رحّلهم لبنان مؤخرًا “دخلوا البلاد بطريقة غير شرعية”.
وقال حجار في تغريدة عبر “تويتر“، إن المجلس الأعلى للدفاع أصدر في عام 2019 قرارًا بترحيل أي شخص يدخل لبنان بطريقة غير شرعية.
ويأتي تصريح حجار في اليوم نفسه الذي أصدر فيه الحزب “الاشتراكي التقدمي” الذي يرأسه وليد جنبلاط بيانًا، أدان فيه عمليات الترحيل الأخيرة، مطالبًا الحكومة اللبنانية والأجهزة العسكرية بالالتزام بمبادئ حقوق الإنسان.
وأعلن لبنان، في عام 2022، عن خطة لإعادة 15 ألف سوري شهريًا إلى سوريا، وبدأ بتنفيذها، في 26 من تشرين الأول 2022، بإعادة 100 عائلة سورية، ضمن قافلة موزعة على ثلاثة معابر برية حدودية مع سوريا، في حمص ودمشق، لكن السلطات سرعان ما تراجعت عن تنفيذ خططها.
على رأس الأجندة
بينما مر على لجوء ملايين السوريين هربًا من الملاحقة السياسية من جانب النظام السوري أكثر من 13 عامًا، تعتبر عودتهم إلى سوريا على رأس أجندة الاجتماعات السياسية بين النظام السوري والحكومات العربية منذ مطلع العام الحالي.
ولا يغيب هذا الملف عن تصريحات الخارجية السورية خصوصًا في محفل سياسي كالمؤتمرات الممهدة لقمة الجامعة العربية، إذ قال وزير الخارجية بحكومة النظام، فيصل المقداد، الأربعاء، “نتطلع لأن يكون الدور العربي فاعلاً في مساعدة اللاجئين السوريين بالعودة إلى بلدهم، ومما لا شك فيه أن عملية إعادة الإعمار ستسهل هذه العودة”.
وبدلًا من تبني إصلاحات على وضع اللاجئين في لبنان، عمدت السلطات إلى استخدامهم “كبش فداء” للتغطية على إخفاقها، دون وجود ما يبرر إخراج مئات الرجال والنساء والأطفال من أسرّتهم بالقوة، وتسليمهم إلى الحكومة التي فروا منها، بحسب بيان مشترك أصدرته منظمات حقوقية منها دولية حول عمليات ترحيل اللاجئين السوريين “القسرية” من لبنان.
وتأتي هذه العمليات في ظل تصاعد للخطاب المناهض للاجئين في لبنان، وإجراءات قسرية أخرى تهدف إلى الضغط على اللاجئين ليعودوا إلى بلادهم، بحسب التقرير.
بيان المنظمات انتقد العملية التي تنفذها السلطات اللبنانية، موضحًا أنها “أساءت إدارة الأزمة الاقتصادية في لبنان، ما تسبب في إفقار الملايين وحرمانهم من حقوقهم”.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :