ماذا سيقول الأسد إن حضر القمة العربية.. الفرصة والمكاسب

  • 2023/05/14
  • 11:17 ص

رئيس النظام السوري بشار الأسد ومقعد سوريا في الجامعة العربية مع شعار جامعة الدول العربية في الخلفية - (تعديل عنب بلدي)

عنب بلدي – محمد فنصة

بعد تلقي رئيس النظام السوري، بشار الأسد، دعوة رسمية لحضور القمة العربية، كنتيجة لجهود عربية نتجت عنها إعادة النظام لشغل مقعد سوريا في الجامعة العربية، تبرز التساؤلات حول احتمال تمثيل الأسد للوفد المتجه إلى جدة، والمكاسب المتوقعة من حضوره.

في 10 من أيار الحالي، تلقى الأسد دعوة رسمية من العاهل السعودي، سلمان بن عبد العزيز، لحضور القمة العربية بنسختها الـ32 في السعودية، في 19 من الشهر نفسه، عبر سفير السعودية في الأردن، نايف السديري.

وفي حال حضوره، ستكون هذه أول مشاركة للنظام السوري في اجتماعات القمة العربية، منذ تجميد عضويته في 2011.

وتأتي الدعوة في ظل تسارع التحركات الدبلوماسية بين السعودية والنظام السوري لتطبيع العلاقات بينهما منذ نيسان الماضي، فيما كان أحدث هذه التحركات إعلان وزارة الخارجية السعودية، بالتوازي مع تسليم دعوة حضور القمة، استئناف عمل بعثتها الدبلوماسية في سوريا.

وبشكل مشابه، أعلنت خارجية النظام عودة عمل البعثة الدبلوماسية، مع توقعات بافتتاح السفارة في الرياض نهاية أيار الحالي، أو مطلع حزيران المقبل.

وبدأت التحركات الدبلوماسية التي وضعت الأسد على أبواب حضور القمة العربية عندما زار وزير خارجية النظام، فيصل المقداد، المملكة، بعد تلقيه دعوة رسمية من نظيره السعودي، فيصل بن فرحان، في 12 من نيسان الماضي.

وخلصت الزيارة إلى الاتفاق على استئناف الخدمات القنصلية والرحلات الجوية بين البلدين.

وتبعت زيارة المقداد إلى الرياض، زيارة للوزير ابن فرحان إلى دمشق، التقى خلالها الأسد، في 18 من نيسان.

بعد الزيارتين، بدأت السعودية تحركات واسعة أفضت إلى إعادة النظام إلى جامعة الدول العربية في 7 من أيار، ليخرج الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، في مؤتمر صحفي عقب قرار الإعادة بالقول، “إن الرئيس السوري بشار الأسد سيكون موضع ترحيب للمشاركة في القمة المقبلة للجامعة إذا رغب في ذلك”.

“رسالة انتصار”

لم يؤكد النظام السوري، حتى لحظة نشر التقرير، حضوره للقمة العربية المقبلة، كما لم يرحب بقرار إعادته للجامعة العربية، وإنما قال إنه “تلقى باهتمام” القرار، على الرغم من ترحيب جميع “الدول الصديقة” للنظام بالخطوة.

مديرة مؤسسة “الشرق الأوسط” في جامعة “سواس” بلندن، لينا الخطيب، قالت لعنب بلدي، إن من المرجح أن يحضر الأسد القمة العربية بنفسه، ليبعث رسالة للمجتمع الدولي كما المحلي بأنه “ربح الحرب”.

ويتوافق مع هذا الرأي الباحث في مركز “الحوار السوري” محمد سالم، في حديث إلى عنب بلدي، إذ يرى أن دعوة رئيس النظام، بشار الأسد، لحضور القمة فرصة كبيرة بالنسبة له ليظهر “انتصاره” بعد تعرضه لعزلة طويلة الأمد، معتقدًا أن الأسد سيحاول الحضور لاستغلال هذه الفرصة.

ولدى النظام عدة أهداف من حضوره القمة، أبرزها، وفق سالم، الاستعراض الإعلامي الذي يرسل رسالة “بانتصاره” وعودة العرب إليه وتغيير موقفهم، والذي سوف يستغله إعلام النظام لمدة طويلة خلال الحديث عن عودة العرب إلى “سوريا قلب العروبة النابض”، وحكمة وصمود “القائد” وما شابه.

كما يمكن أن يحقق النظام مكسبًا تسويقيًا من خلال حضوره القمة، بحسب الباحث في مركز “الحوار السوري”، إضافة إلى إمكانية حدوث لقاءات أخرى على هامش القمة.

بدورها، ترى الخطيب أن المكسب الأكبر للنظام من حضور القمة العربية هو أن هذا الحضور يرسخ فكرة “شرعية النظام” في المنطقة العربية، وهو يأمل من هذه الخطوة أن تفتح بابًا لإعادة اندماجه في المجتمع الدولي مستقبلًا.

وبعد نهاية القمة، تتوقع مديرة مؤسسة “الشرق الأوسط” في جامعة “سواس” زيادة نسبة التفاعل بين النظام وبعض الدول العربية، كالسعودية ومصر والأردن، ولكن العلاقة مع قطر لن تتغير في المستقبل القريب، رغم حضوره للقمة.

وفي تقرير صادر عن مركز “جسور للدراسات“، في 9 من أيار الحالي، يرى المركز أن الآثار الفعلية لقرار إعادة النظام للجامعة العربية تبدو “محدودة” في المرحلة الحالية، ويقتصر تأثيره على المستوى الدبلوماسي والإعلامي.

ولن تؤثر عودة النظام للجامعة على الوضع الاقتصادي في سوريا أو على إعادة الإعمار، وهي المكتسبات الفعلية التي يتطلع النظام إليها، كما أن “العودة المشروطة”، سواء أكانت شكلية أم فعلية، تُضعف من تأثير القرار حتى من الناحية الإعلامية بالنسبة للنظام، وهو ما يُبرر غياب ترحيبه بالقرار، وفق “جسور”.

هل تكون القمة الـ12 للأسد؟

لم يغب الأسد عن حضور أي قمة عربية منذ توليه زمام السلطة في سوريا عام 2000 خلفًا لأبيه، بدءًا بقمة القاهرة في 21 من تشرين الأول عام 2000، وانتهاء بقمة سرت في ليبيا عام 2010، إذ حضر في 11 قمة عربية قبل أن تُجمّد عضوية سوريا في الجامعة العربية عام 2012.

واقترب الأسد من حضور النسخة الماضية لقمة جامعة الدول العربية في الجزائر عام 2022، إذ صرح الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، في آب 2022، بأن الجزائر تسعى “بكل قواها لإنجاح عودة سوريا إلى الجامعة العربية”.

وبعد تمسك دول مؤثرة وذات ثقل عربيًا، وعلى مستوى الملف السوري، برفضها إعادة النظام إلى “الحضن العربي”، بدا جليًا غياب النظام عن قمة الجزائر، ولا سيما بعد تصريحات وزير الخارجية الجزائري حينها، رمطان لعمامرة، في أيلول 2022، إثر اتصال أجراه مع نظيره السوري، فيصل المقداد، الذي أكد أن النظام يفضّل عدم طرح موضوع استئناف شغل المقعد السوري في الجامعة العربية.

وتتراوح التكهنات حول شكل الخطاب الذي سيصدر عن الأسد في القمة المقبلة حال مشاركته، وهو الذي كان قد اتهم العرب، وخصوصًا قادة السعودية وقطر، بـ”مساندة الإرهابيين في سوريا” مرارًا في عديد من المناسبات.

بينما كانت خطاباته قبل بدء الثورة السورية خلال مشاركاته بالقمم العربية طويلة وإنشائية مقارنة بخطابات الوفود الأخرى.

الباحث في مركز “الحوار السوري” محمد سالم، يرجح خروج الأسد بخطاب إنشائي مع شيء من التهدئة تجاه العرب، بما يشابه حديثه في أحد لقاءاته مع وسائل إعلام روسية عن السعودية قبل فترة.

وفي مقابلة أجرتها معه قناة “روسيا اليوم“، في 16 من آذار الماضي، أوضح الأسد أن “السياسة السعودية اتخذت منحى مختلفًا تجاه سوريا منذ سنوات، ولم تتدخل في شؤون سوريا الداخلية، كما أنها لم تدعم أيًا من الفصائل”.

وأشار رئيس النظام السوري إلى أن “سوريا لم تعد ساحة صراع سعودي- إيراني، مثلما كان الوضع في بعض المراحل، ومن قبل بعض الجهات”.

ويحاول النظام أن يعيد علاقاته السابقة مع الدول العربية وعلى رأسها السعودية، باعتبار أن الأبواب موصدة أمامه غربيًا، في ظل بقاء الولايات المتحدة على سياستها، ومواصلة فرضها العقوبات على النظام وحلفائه الإيرانيين والروس.

وفي 12 من تشرين الثاني 2011، علّقت الجامعة العربية مشاركة وفود النظام السوري في اجتماعاتها وجميع المنظمات والأجهزة التابعة له، وذلك بعد ثمانية أشهر على انطلاق الثورة السورية، ومطالبات المعارضين بتجميد عضوية النظام.

وفي القمة العربية بالدوحة عام 2013، دعا أمير قطر حينها، حمد بن خليفة آل ثاني، خلال افتتاحه القمة، كلًا من الرئيس الأسبق لـ”الائتلاف السوري”، أحمد معاذ الخطيب، ورئيس “الحكومة المؤقتة” حينها، غسان هيتو، وبقية أعضاء الوفد المعارض، إلى شغل مقعد سوريا، ورفع علم الاستقلال الذي تعتمده المعارضة السورية.

مقالات متعلقة

سوريا

المزيد من سوريا