عنب بلدي رصدت الأسعار في خمس محافظات
السكر يصل إلى تسعة آلاف وإبريق الشاي يكلّف ألفي ليرة
عنب بلدي – يامن مغربي
شهدت مناطق النظام السوري ارتفاعًا كبيرًا بأسعار السكر خلال الأسبوع الماضي، بالتزامن مع انخفاض قيمة الليرة السورية أمام الدولار الأمريكي، وارتفاع تكلفة المعيشة الوسطية للعائلة السورية.
تجاوز سعر كيلو السكر في العاصمة السورية دمشق ثمانية آلاف ليرة سورية، وهو السعر “غير المدعوم” عبر “البطاقة الذكية” من قبل حكومة النظام السوري، وسط غياب أي سيطرة من قبلها على الأسعار، وفق ما رصدته عنب بلدي.
الارتفاع في أسعار السكر ليس الأول منذ مطلع العام الحالي، ففي نهاية آذار الماضي، سجل سعر الكيلوغرام الواحد سبعة آلاف ليرة سورية، ثم ارتفع، خلال نيسان الماضي، إلى سبعة آلاف و500 ليرة سورية، ليعاود الارتفاع مجددًا مطلع أيار الحالي، ويسجل سعر ثمانية آلاف و500 ليرة سورية، فيما كان سعره في 2022 يتراوح بين ثلاثة آلاف وأربعة آلاف ليرة سورية.
ارتفاع الدولار أحد الأسباب
يعمل محمد سعيد (40 عامًا)، وهو أحد سكان مدينة درعا، بنظام المياومة، وقال لعنب بلدي، إن إبريق الشاي الواحد يكلّفه ألفي ليرة سورية بين أسعار الشاي والسكر، فيما لا تتجاوز أجرته اليومية 15 ألف ليرة سورية.
يعد الشاي أحد المشروبات الشعبية التي تُستهلك بكثرة في درعا، وحاليًا يقتصر استهلاكه على مرة واحدة في اليوم مع ارتفاع الأسعار الأخير.
صحيفة “الوطن” المقربة من النظام السوري قالت، في 5 من أيار الحالي، إن السبب الرئيس لارتفاع أسعار السكر يعود إلى “احتكاره من قبل التجار”.
الباحث الاقتصادي مناف قومان، ربط في حديث إلى عنب بلدي ارتفاع الأسعار الأخير بارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي أمام الليرة السورية، على اعتبار أن السكر مادة مستوردة يُحسب ثمنها بالدولار لا بالليرة.
وقال قومان، إن أسعار السكر شهدت ارتفاعًا عالميًا خلال الفترة الماضية، فيما تشهد الأسواق العالمية غموضًا في استقرار الإمدادات.
وبحسب تصريحات لمدير الأسعار في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، نضال مقصود، نقلها موقع “أثر برس” المحلي، في 8 من أيار الحالي، فإن كميات السكر انخفضت في الأسواق نتيجة ضعف الاستيراد، بسبب الارتفاع العالمي بسعر السلعة نفسها.
وبلغ سعر صرف الدولار الأمريكي الواحد خلال الأيام الماضية تسعة آلاف ليرة سورية، وفق موقع “الليرة اليوم” المختص بأسعار صرف العملات.
ويُضاف إلى السببين السابقين، غياب أي رقابة حكومية من قبل النظام السوري، والتربح الفاحش من قبل المستوردين، هذه العوامل جميعها تؤدي بشكل طبيعي إلى ارتفاع السعر على المستهلك في نهاية المطاف، وفق قومان.
وسبق أن أشار موقع “B2B” الاقتصادي المحلي، ضمن تقرير نشره في 6 من أيار الحالي، إلى اختفاء السكر من الأسواق، بالتزامن مع ارتفاع سعره بشكل كبير، كما أشار في تقرير ثانٍ، نشره في 10 من الشهر نفسه، إلى أن الارتفاع شمل أسعار الخضار والفواكه، بنسبة تجاوزت الألفين بالمئة لبعض المنتجات بين عامي 2018 و2023.
من جهته، قال الباحث الاقتصادي الدكتور فراس شعبو لعنب بلدي، إن ارتفاع أسعار السكر يرتبط بنقطتين، الأولى اقتراب موسم صناعة المربيات في سوريا، ما يرفع الطلب على السكر، واستغلال التجار لهذا الأمر.
والنقطة الثانية، وفق شعبو، هي انخفاض قيمة الليرة السورية أمام الدولار الأمريكي.
مفقود في المؤسسات الحكومية
يعد السكر إحدى المواد الغذائية التي يشملها الدعم المدرَج على “البطاقة الذكية” التي بدأ اعتمادها منذ عام 2018، لتوزيع مخصصات العائلات من السلع “المدعومة”.
“أبو فراس” (64 عامًا)، وهو متقاعد يسكن في العاصمة دمشق، قال لعنب بلدي، إن سعر السكر لا يتجاوز على “البطاقة الذكية” ألف ليرة، أما السكر “غير المدعوم” التي تبيعه المؤسسة العامة الاستهلاكية فيبلغ سعره سبعة آلاف و500 ليرة، فيما يصل سعره في “البقاليات” الخاصة إلى تسعة آلاف ليرة سورية، إن وجد.
وإلى جانب دمشق، رصدت عنب بلدي أسعار السكر في أربع محافظات سورية أخرى، هي درعا وحلب وحماة وحمص، وتجاوز سعر الكيلوغرام الواحد ثمانية آلاف و500 ليرة في جميع تلك المحافظات.
نادية، وهي ربة منزل من مدينة حمص، قالت لعنب بلدي، إن عائلتها تحاول خفض استهلاك السكر في الفترة الحالية قدر الإمكان، بعد الارتفاع الكبير لسعره في الأسواق، وتعتمد فقط على مخصصاتها من “البطاقة الذكية”.
وأدى ارتفاع الأسعار إلى تغيير العادات السلوكية لعائلة نادية، إذ استغنت تمامًا عن صناعة أي نوع من أنواع الحلويات، باستثناء أوقات المناسبات كالأفراح، ويقتصر استخدام السكر على الشاي والقهوة فقط.
الباحث الاقتصادي مناف قومان، قال لعنب بلدي، إن ارتفاع أسعار السكر بشكل كبير سيترك أثرًا على الناس مع تحوله إلى عبء على كاهلهم.
وأوضح قومان أن السكر يشكّل مادة رئيسة على موائد السوريين، وارتفاع سعره تنتج عنه سلوكيات اقتصادية مختلفة في محاولة للتأقلم مع الظروف، كالاعتماد على منتجات أخرى للتحلية بدلًا من السكر أو الاستغناء عنه نهائيًا.
وفي حين تزداد معاناة السوريين الاقتصادية، يزداد التجار ثراء عبر استغلالهم للظروف الحالية، وبالتالي زيادة نفوذهم الاقتصادي أيضًا، وفق قومان.
وسبق أن أصدرت حكومة النظام السوري قرارًا، في 16 من كانون الثاني الماضي، بالسماح باستيراد السكر من المملكة العربية السعودية.
وامتلكت سوريا عدة معامل ومؤسسات حكومية مختصة بإنتاج السكر، منذ إنشاء المؤسسة العامة للسكر في عام 1975.
وتوزعت المعامل والشركات على مناطق دمشق وحلب والرقة ودير الزور وتل سلحب ومسكنة وسهل الغاب في ريف حماة، في حين كانت أولى شركات إنتاج السكر أنشئت عام 1946، وحملت اسم “شركة سكر حمص”.
ويأتي الارتفاع الكبير لأسعار السكر وسط تقارير دولية حول صعوبة الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للسوريين عمومًا، وفي المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري تحديدًا.
وبحسب تقرير نشره مكتب الأمم المتحدة لشؤون المساعدات الإنسانية (أوتشا)، في 1 من أيار الحالي، بلغ عدد السوريين المحتاجين إلى مساعدات إنسانية 15.3 مليون شخص، بزيادة نسبتها 5% على عام 2022.
وتحتاج الأسرة السورية المكوّنة من خمسة أفراد إلى أربعة ملايين ليرة سورية شهريًا لتغطية احتياجاتها، بحسب مركز أبحاث “قاسيون” التابع لحزب “الإرادة الشعبية” في دمشق، ضمن تقرير أصدره في كانون الثاني الماضي.
فيما أصدر مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية” دراسة نهاية 2022، قال فيها إن متوسط تكاليف العائلة السورية تجاوز ثلاثة ملايين ونصف المليون ليرة سورية.
ووفق التقرير الصادر عن “برنامج الأغذية العالمي” التابع للأمم المتحدة، في آذار الماضي، يغطي متوسط الأجر الشهري في سوريا ربع الاحتياجات الغذائية للأسرة الواحدة، فيما يعاني 12.1 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :