هل تُسحب الجنسية.. سؤال يقلق أتراكًا سوريين

الهوية التركية (تعبيرية/ تعديل عنب بلدي)

camera iconالهوية التركية (تعبيرية/ تعديل عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – خالد الجرعتلي

في مدينة اسطنبول التي تضم أكبر عدد من السوريين، بحسب الإحصائيات الرسمية الصادرة عن الجهات الحكومية التركية، قابلنا إسماعيل، وهو مواطن تركي من أصل سوري، وصديقه عيسى مزدوج الجنسية أيضًا، إلى جانب أصدقائهما من الأتراك، وكانوا يتحدثون حول الأحزاب السياسية العديدة في البلاد.

آراء مختلفة ومتباينة حول الأحزاب السياسية التركية، إذ إن هناك من انتقد التركيبة السياسية للأحزاب كلها، وبعيدًا عن صوابية آراء الشباب من عدمها، فإن حديث إسماعيل كان يتمحور حول تبنيه لآرائه السياسية بحسب نسبة الخطر الذي يشعر بها على الصعيد الشخصي، فالأحزاب المعادية للأجانب تهدد بسحب جنسياتهم، وترحيلهم من البلاد.

الحديث عن الخوف من مستقبل البلاد السياسي يتسرب من مجالس بعض السوريين والأجانب المجنسين باستمرار، حتى خلال الفترة الزمنية التي سبقت الانتخابات الرئاسية التركية، إذ يعتبر بعضهم أن استقرارهم مهدد، نظرًا إلى جهلهم بقوانين الجنسية، وخصوصًا “الاستثنائية” منها.

مخاوف مبررة؟

على مدار الساعات التي قضاها إسماعيل محاولًا تبرير رأيه السياسي المبني على مخاوفه من سحب جنسيته، أو التضييق على حياته في تركيا، تحدثت سمية، وهي خريجة كلية الحقوق من جامعة “أريل” التركية، بأنه لا يمكن سحب الجنسية من المواطن التركي إلا في حالتين لا يمكن أن ينطبقا على إسماعيل.

الحالة الأولى تهمة متعلقة بـ”الإرهاب”، والأخرى اكتشاف أوراق مزوّرة تقدم بها في ملفه للحصول على الجنسية.

بينما يعتقد إسماعيل، وهو صحفي، أن الجنسية التي حصل عليها “استثنائية” لا معلومات واضحة حولها، ولا يمكن النظر إليه على أنه مواطن تركي بمجرد حصوله عليها.

وبينما تتعهد المعارضة التركية منذ سنوات بترحيل اللاجئين السوريين من البلاد، ظهرت قبل الانتخابات أحزاب تتعهد بسحب الجنسية من اللاجئين المجنسين، مثل حزب “الظفر” الذي يترأسه أوميت أوزداغ.

وفي 8 من أيار الحالي، تعهد زعيم المعارضة التركية، كمال كليجدار أوغلو، وأحد المرشحين لرئاسة الجمهورية، بترحيل “جميع الإخوة السوريين” من بلاده في غضون عامين، عقب وصوله إلى السلطة.

وجاءت كلمة كليجدار أوغلو خلال تجمع انتخابي في ولاية أضنة التي تضم أعدادًا كبيرة من السوريين جنوبي تركيا، بحسب وكالة “الأناضول” التركية.

وقال حينها، “إذا أرادوا، يمكنهم القدوم إلى تركيا كسائحين، ويمكنهم إقامة حفلات زفافهم هنا، فلا مشكلة لدينا في ذلك، وسوف أغيّر السياسة 180 درجة”.

هل تُسحب الجنسية “الاستثنائية”؟

القانوني التركي حليم يلماز، وهو بين المجموعة المشاركة في الأعمال التحضيرية لـ”قانون الأجانب والحماية الدولية”، قال لعنب بلدي، إن المؤسسات الحكومية التركية تملك صلاحيات واسعة في إحداث تغييرات على ملفات التجنيس، لكن بالطبع لن يحدث هذا التغيير لمجرد تغيّر الحكومة على سبيل المثال.

وتنص المادة “31” من قانون الجنسية التركية، بحسب يلماز، على إمكانية سحب الجنسية من الأجنبي المجنّس في البلاد إذا تم استخدام مستند مزور في أثناء التقدم بطلب التجنيس.

الإدلاء ببيان كاذب حول قضية مهمة متعلقة بملف التجنيس، كمعلومات الهوية أو المعلومات الشخصية الأخرى، أو استخدام وثائق مزوّرة، يخوّل الجهات الحكومية إلغاء جنسية شخص ما، بحسب القانوني التركي.

ومن ناحية أخرى، يمكن تنظيم سحب الجنسية في القانون، وفق قاعدة مفادها “حصول شخص ما على الجنسية للمرة الثانية عن طريق الخطأ أو بشكل متكرر”.

يلماز قال، إن المقصود في هذه الجزئية هو منح الجنسية لأجنبي عن طريق الخطأ، أو “دون استحقاق”، وأعطيت لشخص ما مرة ثانية عن طريق الخطأ، وفي هذه الحالة يحق للجهات المسؤولة سحب قرار التجنيس عن المرتين الأولى والثانية.

وأضاف أن هذه الجزئية من الحق القانوني تؤخذ بعين الاعتبار، حتى ولو أعطى الشخص وثائقه بشكل قانوني، وقدم كل معلوماته بطريقة صادقة حقيقية، وكان لديه تحقيق قاضٍ (محكمة) يعمل بشكل طبيعي، وتحقيق أمني، وسجل مدني سليم، واكتسب الحق في الحصول على الجنسية وفقًا للقانون، يبقى احتمال سحب الجنسية واردًا ما لم يتسلّم الشخص الهوية التركية.

ويرى القانوني التركي أن جميع الصلاحيات السابقة للمؤسسات الحكومية يمكن أن تخضع للاستئناف، ويصدر الحكم النهائي فيها بناء على قرار المحكمة.

https://www.enabbaladi.net/archives/644033

صلاحيات حكومية أوسع

القانوني التركي حليم يلماز، يرى أن الجنسية “الاستثنائية” التي تُمنح للأجانب في البلاد، ومن بينهم السوريون، تحتمل صلاحيات حكومية أوسع فيما يتعلق بتبيان أسباب قبول أو رفض ملف التجنيس، حتى في المحكمة.

فمثلًا، عندما يتقدم شخص ما بطلب للحصول على الجنسية التركية بموجب إقامته في البلاد أكثر من خمس سنوات، وتجيب السلطات بالرفض، يمكن أن يتقدم صاحب الطلب باعتراض للمحكمة، وتطالب المحكمة بتبيان أسباب الرفض، لكن هذا المعيار لا يمكن تطبيقه في حال “الجنسية الاستثنائية”.

وعلل يلماز ذلك، بأن الجنسية الاستثنائية تُمنح تقريبًا “دون أي شروط”، ومتطلبات الحصول عليها أقل بكثير من بقية أنواعها، كالزواج والإقامة، لذلك عندما يذهب صاحب طلب مرفوض إلى المحكمة، لا ترغب المحكمة أن تتدخل كثيرًا، علمًا أنه لا قاعدة أساسية ينص عليها القانون التركي في هذا الصدد، لكن ممارسة يلماز عمله في المحاكم بقضايا ذات صلة، أوصلته إلى هذه النتيجة، بحسب تعبيره.

لا يمكن سحب الجنسية من فئة من المجتمع

طرحنا على يلماز مخاوف احتمالية سحب الجنسية من السوريين بشكل عام، التي يشعر بها بعض المجنسين في البلاد بشكل مستمر منذ سنوات، وأجاب أن مثل هذه الأمور لا يمكن أن تحدث.

يلماز قال، “مثل هذا الشيء غير ممكن أبدًا. في أثناء القيام بشيء إداري، يجب أن ينفذ ذلك بشكل فردي، ولا يمكن اتخاذ خطوة مشابهة تستهدف مجموعة أو فئة معيّنة بشكل كامل”، بحسب القانوني التركي.

واعتبر أن الخيار المتاح بالنسبة للحكومة هنا، هو تدقيق الوثائق التي قُدمت في ملفات التجنيس، وسحب جنسيات من يثبت تزويره أوراقًا قانونية، وتُعالَج هذه الملفات بشكل فردي.

كيف يُجَنّس السوريون؟

تعتبر معايير التجنيس بموجب قانون “الجنسية الاستثنائية” في تركيا ضبابية بعض الشيء، إذ تمر الملفات بخطوات عديدة، منها القانونية والأمنية والأرشيفية، لكن المعايير التي تُطبّق خلال هذه الخطوات غير معروفة، حتى بالنسبة للمختصين في القانون.

المحامي التركي حاول إيضاح هذا السياق من خلال خبرته في الملف، إذ قال لعنب بلدي، إنه ليس بإمكان السلطات بأي حال من الأحوال تجنيس شخص ما فقط لأنه يملك “حماية مؤقتة”، فللدولة سلطتها “التقديرية” في هذا الشأن.

وأشار إلى أن السلطة التقديرية هنا غير واضحة المعالم، إذ تمنح الجهة المسؤولة الجنسية للمواطن الأجنبي بمجرد تقديرها أنه يستحق ذلك، بينما ترفض ملف من لا تراه مستحقًا، لكن الاستحقاق من عدمه يجري وفق معايير حكومية داخلية.

وصل عدد السوريين المجنسين في تركيا إلى 223.881 شخصًا، وفق تصريح لوزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، في 18 من كانون الأول 2022.

وبلغ عدد السوريين المقيمين في تركيا ممن يحملون بطاقة “الحماية المؤقتة”، بحسب أحدث إحصائية أصدرتها رئاسة الهجرة التركية عبر موقعها الرسمي، ثلاثة ملايين و395 ألفًا و909 أشخاص.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة