“تشبيب” الدراجات في الشمال.. خطر لا تضبطه القوانين

  • 2023/05/14
  • 12:58 م

شاب يقود الدراجة النارية مع حركات استعراض في ريف حلب الشمالي - 28 من نيسان 2023 (عنب بلدي/ ديان جنباز)

عنب بلدي – ديان جنباز

تنتشر في مناطق شمال غربي سوريا ظاهرة “تشبيب” الدراجات النارية، التي تقلق راحة الأهالي، حاملة معها مخاطر على السائقين والمارة.

ظاهرة متجددة تُعرف محليًا بـ”التعريش”، تنشط في الشمال السوري لاعتبارات عدة، منها أن الدراجة النارية باتت إحدى أهم وسائل النقل المنتشرة بكثرة بين السكان، إلى جانب وجود النازحين من المدن الأخرى.

“التشبيب”، هو سير الدراجة النارية على عجلتها الخلفية، بينما ترتفع الأمامية عن الأرض، وفي بعض الأحيان يقف السائق على الدراجة كنوع من “الاحترافية”، مظهرًا مدى إتقانه للقيادة.

وتشهد المنطقة تزايدًا ملحوظًا لظاهرة “التشبيب”، ومعظم السائقين من فئة الشباب اليافعين، الذين يرون فيها موهبة واستعراضًا لقدرتهم على التحكم بالدراجة، وسط غياب قوانين تضبط أو تمنع أو تحد من هذه الظاهرة.

سلوك طائش أم موهبة وفن؟

تعد ممارسة بعض الشبان ومحبي الدراجات النارية “التشبيب”، بهدف استعراض قدراتهم وبيان مدى احترافيتهم، من الأفعال الخطرة، مهملين الخطر المحدق الذي يهدد حياتهم وحياة الأشخاص من حولهم.

ويمارس الشبان “التشبيب” في الطرقات الرئيسة والفرعية وداخل الأحياء السكنية، وقد تؤدي تلك الظاهرة إلى حوادث مرورية كارثية تودي بحياة البعض بسبب “التهور”، إذ يرافق “التشبيب” سرعة في القيادة.

محمد الدرمش (21 عامًا)، من أبناء مدينة اعزاز بريف حلب الشمالي، قال لعنب بلدي، إنه يمارس “التشبيب” كهواية وموهبة، يتقن عبرها التحكم بالدراجة على عجلة واحدة.

وأضاف الشاب أن الشخص يجب أن يكون أكثر حذرًا ويختار الأماكن المناسبة، مثل الطرقات الفارغة، موضحًا أن خطورة الفعل تكمن إذا كان الشاب غير متقن ومتمرس، أما إن كانت لديه تلك المهارة فلا توجد خطورة.

ويرى الشاب أن ممارسة هذا الفعل ضمن المدينة والأحياء السكنية والشوارع المزدحمة هو أمر خاطئ وفعل طائش وغير أخلاقي.

من جهته، أيمن كريج (25 عامًا) شاب يقطن في مدينة عفرين شمالي حلب، يرى أن هذا السلوك المتبع من قبل فئات معينة من الشباب، خطر جدًا على المجتمع، خاصة مع وجود تجربة سابقة له عاشها في أحد شوارع المدينة.

وقال أيمن لعنب بلدي، إنه حاول سابقًا “تشبيب” دراجته النارية، لكنه فقد السيطرة عليها ما تسبب له بأضرار بليغة جسدية ومادية.

من جانبه، الشاب محمد رحال من ريف إدلب الشرقي، اعتبر أن “التشبيب” فن له من يتقنه، لافتًا إلى أنه يختار الطرقات الترابية النائية أو طرقات أسفلت فرعية خارج المدينة.

وقال الشاب (19 عامًا) لعنب بلدي، إن قيادة السائق الدراجة على عجلة واحدة، والوقوف بقدميه عليها، والتحكم بها وبقبضة الوقود بشكل يجعل صوت الدراجة متقطعًا من المدخنة كـ”الموسيقا”، هو أمر فيه موهبة وفن ولا يعتبر سلوكًا طائشًا.

ويرى محمد أن ممارسة الشباب “التشبيب” بين الأحياء السكنية والمزدحمة هو سلوك خاطئ، الغاية منه لفت الانتباه وجذب أنظار الناس.

شاب يقود الدراجة النارية على العجلة الخلفية في ريف حلب الشمالي – 28 من نيسان 2023 (عنب بلدي/ ديان جنباز)

خوف ورعب.. لا ضوابط

لا تقتصر ظاهرة “التشبيب” على النهار، إذ يجوب بعض الشباب الطرقات ليلًا على شكل مجموعات، بدراجاتهم الممتلئة بالإنارة، ويقودون على عجلة واحدة، ومنهم من يقود بسرعة “فائقة” حتى بين الأحياء السكنية.

وصفت آلاء عبد الرحمن (23 عامًا) من سكان اعزاز، قيادة الدراجات بتلك الأساليب المتهورة بـ”الأمر المعيب”، وقالت إنها تتسبب بحالة من الخوف والذعر لدى السيدات خاصة.

وروت الفتاة حالة الرعب والخوف التي شعرت بها، حين كاد أحد الشبان أن يصدمها بدراجته خلال قيادتها على عجلة واحدة.

وكذلك أعرب عبد الرحمن الحسين (50 عامًا)، وهو أب لطفلين، عن انزعاجه من هذه الظاهرة وقلق أطفاله ليلًا، وعن حالة الرعب التي تصيبهم في أثناء نومهم، نتيجة الأصوات المرتفعة التي تصدرها الدراجات حين قيادتها من الشباب بتلك الطريقة.

وطالب عبد الرحمن، خلال حديث إلى عنب بلدي، بمعالجة السلطات المحلية لتلك الظاهرة التي تقلق راحة الأهالي داخل منازلهم وخارجها، داعيًا إلى عدم الاستهانة بالأرواح والممتلكات.

في ظل الانتشار الواسع لتلك الظاهرة، لا توجد قرارات تخفف أو تمنع انتشارها سواء في مناطق سيطرة “الحكومة السورية المؤقتة” بمدن وبلدات ريفي حلب الشمالي والشرقي، أو في مناطق سيطرة حكومة “الإنقاذ” بإدلب وأريافها.

أحدث القرارات في هذا الصدد كان في 2018، وأصدرته وزارة الداخلية التابعة لحكومة “الإنقاذ”، منعت فيه “تشبيب” الدراجات النارية أو قيادتها بسرعة ضمن المدن والبلدات، واستخدام الزامور ذي الصوت المرتفع جدًا أو استخدام مكبرات الصوت على الدراجات في المدن.

وفي أواخر 2017، منع المجلس المحلي في مدينة بزاعة بريف حلب، الأطفال دون سن الـ16 عامًا من قيادة السيارات والدراجات منعًا باتًا، كما منع السرعة داخل المدينة للمركبات مهما كانت سن السائق، وحدد السرعة القصوى بـ40 كيلومترًا، دون جدوى.

مقالات متعلقة

مجتمع

المزيد من مجتمع