بمزاد علني.. حكومة النظام تطرح أراضي مهجري حماة للاستثمار

  • 2023/05/09
  • 5:01 م
سوق الفستق الحلبي في مدينة مورك بريف حماة – 28 تموز 2018 (عنب بلدي)

سوق الفستق الحلبي في مدينة مورك بريف حماة – 28 تموز 2018 (عنب بلدي)

يشاهد الشاب هاني عبد الرحمن العبد الله، المقيم في مخيمات شمالي إدلب، بحسرة عملية الاستيلاء على محصول الفستق الحلبي في أرضه بمدينة اللطامنة بريف حماة الشمالي، بعد أربع سنوات على تهجيره منها.

ويتجدد شعور الشاب بالحسرة كل عام قبيل موسم قطاف وجمع المحصول، إذ تطرح هيئات ومؤسسات النظام في مدينة حماة مزادات علنية لاستثمار أراضي المهجرين المزروعة بأشجار الفستق، الذي يبدأ جمعه في شهري تموز وآب.

ويعيش عديد من أصحاب تلك الأراضي في المناطق الواقعة خارج سيطرة النظام السوري، ما يتيح للنظام استغلال غيابهم، والاستيلاء عليها، بحسب ما قاله بعض مالكي الأراضي لعنب بلدي.

استثمار بيد “شبيحة”

حال الشاب المقيم في مخيم “الكرامة” بأطمة شمالي إدلب تشابه حال مئات المزارعين الذين نزحوا إلى مناطق الشمال السوري أو أماكن أخرى، بعد سيطرة قوات النظام على المنطقة عقب تصعيد عسكري بدأته في 2019.

ولا يقتصر الاستيلاء على محصول الفستق الحلبي فقط، فأراضي المهجرين مباحة لعناصر قوات النظام، سواء عبر تأجيرها لفلاحين آخرين أو الإشراف على جني المحاصيل بأنفسهم.

يملك الشاب أرضًا زراعية فيها 250 شجرة فستق حلبي في اللطامنة، وأخرى في قرية تلفاس تحوي 700 شجرة زيتون، وتُعرض بمزادات يكسبها “شبيحة” المنطقة، ويجنون محاصيلها دون أدنى مقومات الرعاية للأرض، حسب قوله.

محمد العبيد من مدينة اللطامنة ويقيم في مخيمات بأطمة، قال لعنب بلدي، إن أرضه (مساحتها 25 دونمًا) غير المزروعة  تُطرح ضمن مزاد بقاعة اجتماعات في مدينة محردة قرب اللطامنة، وغالبًا ما يكسبه “شبيحة” المنطقة.

وبعد المزاد والحصول على الأراضي، تُزرع الأرض بمحصولي القمح والشعير، خاصة مع عجز المزارعين النازحين من مناطق ريف حماة الشمالي وريف إدلب الجنوبي عن الوصول إلى أراضيهم، بسبب سيطرة قوات النظام على تلك المناطق.

وأوضح مزارعون تحدثت إليهم عنب بلدي أن ما يحدث للأراضي هو استيلاء بالقوة من قبل “شبيحة” النظام، تحت مسمى الاستثمار، يضاف إليه تعرض الأشجار فيها للقطع والاقتلاع من أجل البيع والاحتطاب.

سوق الفستق الحلبي في مدينة مورك بريف حماة – 28 من تموز 2018 (عنب بلدي)

مزاد بشروط

في 4 من أيار الحالي، أعلنت الأمانة العامة لمحافظة حماة عن قبول طلبات الاشتراك بالمزاد العلني لاستثمار أشجار الفستق الحلبي اعتبارًا من 7 من الشهر نفسه، وتكون جلسات المزاد موزعة بحسب اسم المنطقة وتاريخ المزاد ومكانه.

وشمل إعلان المزاد كلًا من مناطق: لطمين، اللطامنة، كفر زيتا، مورك، لحايا، طيبة الإمام، معردس، صوران، كوكب، الشعثة، الفان الشمالي، خفسين، الجنينة الغربية، طيبة الاسم، معان، قصر المخرم، قصر أبو سمرا، الطليسية، الكبارية، أم حارتين، قبيبات، كراح، عطشان، وبقية المناطق.

وحمل الإعلان شروطًا للتقدم إلى المزاد هي:

  • دفع تأمينات أولية بقيمة 100 ألف ليرة سورية للدونم الواحد.
  • دفع تأمينات نهائية مقدرة بـ10% من قيمة الإحالة بموجب إيصال مالي، وتكون مدة العمل موسمًا زراعيًا واحدًا.
  • اطلاع الراغبين بالاشتراك على إعلان استثمار الأقارب.
  • تقدم الطلبات إلى ديوان النافذة الواحدة في الأمانة العامة لمحافظة حماة مرفقة بالأوراق الثبوتية (صورة عن البطاقة الشخصية، لا حكم عليه، سند إقامة، تصريح، تعهد، التأمينات الأولية).
  • مراجعة لوحة إعلانات المحافظة أو مديريات المناطق والنواحي المعنية، للاطلاع على الأراضي المطروحة للاستثمار.
  • مراجعة دائرة العقود في الأمانة العامة لمحافظة حماة للحصول على الإضبارة الفنية لقاء مبلغ 35 ألف ليرة.
  • لا يحق للعارض إدراج أكثر من منطقة عقارية ضمن الطلب الواحد.

    فستق حلبي في سوق بمدينة مورك بريف حماة – 28 من تموز 2018 (عنب بلدي)

إجراء “باطل”

في حزيران 2022، ناقشت عنب بلدي في تقرير قانونية هذه المزادات، وقال المحامي أحمد صوان، إنه إذا كانت الأراضي تعود لأملاك الدولة، فإن من حقها تأجيرها، وأما إذا كانت ملكية خاصة للأفراد، فلا يجوز للدولة ولا لأي جهة أن تستثمرها أو تعلن عن تأجيرها.

وفي حال تم ذلك يعتبر اعتداء على ملكية شخص دون إرادته، وهو انتهاك لحقوق الملكية، والقانون المدني ينص في المادة “768” على أن “لمالك الشيء وحده، في حدود القانون، حق استعماله، واستغلاله”، وحق الملكية هو حق دائم، لا يسقط بعدم الاستعمال مهما طال الزمن.

ويعد هذا التأجير انتهاكًا للدستور السوري الحالي، الذي نص في المادة الـ”15” منه على أن الملكية الخاصة مصونة وفق أن المصادرة العامة في الأموال ممنوعة، ولا تُنزع الملكية الخاصة إلا للمنفعة العامة بمرسوم ومقابل تعويض عادل وفقًا للقانون.

ويحق لأصحاب الأراضي التقدم للمزاد، بتوكيل أحد الأشخاص بموجب وكالة بالكاتب العدل من أي دولة يقيمون بها لينوب عنهم بالتقدم للمزاد.

ويقوم هذا الوكيل باستثمار العقار نيابة عن المالك، ولا يحق لأي جهة أن تعارضه باستثمار الأرض أو استعمالها.

وتخوله الوكالة التصرف بالأرض واستثمارها ورعايتها بالحراثة والسقاية، على أن يمسك حسابًا بالنفقات والإيرادات، ليقدمه للغائب في حال عودته، أو لورثته بعد ثبوت وفاته.

واعتبر صوان أن إعلان وزارة الإدارة المحلية المزادات العلنية لاستثمار أشجار الفستق الحلبي، هو إجراء باطل لا يستند إلى أي نص قانوني.

اقرأ أيضًا: مزادات حكومية “باطلة” قانونًا لاستثمار أراضي الغائبين بحماة وإدلب

فستق حلبي في سوق بمدينة مورك بريف حماة – 28 من تموز 2018 (عنب بلدي)

مقالات متعلقة

المساكن والأراضي والممتلكات

المزيد من المساكن والأراضي والممتلكات