“التوصيلة” في طرقات الشمال السوري محفوفة بالمخاطر

  • 2023/05/08
  • 4:43 م
أطفال يركبون سيارة تنقلهم من المدرسة إلى مخيم بريف إدلب الشمالي - 1 من أيار 2023 (عنب بلدي/ إياد عبد الجواد)

أطفال يركبون سيارة تنقلهم من المدرسة إلى مخيم بريف إدلب الشمالي - 1 من أيار 2023 (عنب بلدي/ إياد عبد الجواد)

أثار تسجيل مصوّر من داخل سيارة موجة غضب كبيرة في الشمال السوري، ظهر فيه السائق إلى جانب رجل مُسن يتحرشان لفظيًا بـ”عابرة سبيل” استقلت معهما السيارة.

في التسجيل، طلبت السيدة من السائق عدم التصوير، لكنه تابع وطلب الرجلان منها البحث عن زوجة للرجل المُسن في المخيم الذي تقطن فيه، وعرضا عليها خيار أن تترك زوجها وتتزوج الرجل المُسن، ليسكنها في عمارة بعيدًا عن ظروف المخيم.

في 26 من نيسان الماضي، أعلن “جهاز الأمن العام” العامل في مدينة إدلب القبض على الرجل المُسن، تبعه بيومين إعلان “الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا إلقاء القبض على السائق في ريف حلب، وسط وعود بتقديمهما للعدالة أصولًا.

حالة “التحرش” تلك التي ظهرت إلى العلن فتحت الباب أمام الحديث عن حالة التنقل في الشمال السوري، وانتشار ظاهرة الاعتماد على سيارات عامة للوصول إلى المكان المنشود، وما تحمله من مخاطر على “عابر السبيل” وعلى السائق، في طرقات تشهد حوادث سير بشكل شبه يومي.

عمل خير يتخلله الخوف

محمد الأحمد، يملك سيارة نقل بضائع بريف إدلب الشمالي، أوضح لعنب بلدي أنه ينقل بشكل يومي عشرات الأشخاص ممن يرغبون بـ”توصيلة” خلال قيادته السيارة، لافتًا إلى أنه عمل خير معتاد ومنتشر في جميع أنحاء سوريا.

لكن توجد بعض المخاوف والإشكاليات المتبادلة من عمليات نقل الأشخاص، بحسب محمد، كالتعرض لحالات سرقة أو حالات تحرش أو افتراء أو وقوع حادث سير.

من جهته، محمد العلي لديه سيارة من نوع “فان” يخرج بشكل يومي إلى عمله في مدينة سرمدا شمالي إدلب، قال لعنب بلدي، إنه ينقل أشخاصًا خلال طريقه وسط تردد وحيرة من عدم الوقوف لهم.

وذكر أن أحد أصدقائه ممن يملكون سيارة، سبق أن نقل أشخاصًا وتعرض لحادث سير، الأمر الذي أجبره على دفع دية طفل كان يركب في السيارة، بعد أن توفي في الحادث، ونقل بعض الروايات مما سمع بأن بعض النساء يبتززن سائقي السيارة بتهديده بدفع المال قبل الوصول إلى حاجز أمني أو أن يقلن للحاجز إنه تعرض لهن بخطف أو تحرش.

خالد الطالب، يقيم في مخيم “البكري” قرب قرية دير سيتا بريف إدلب الشمالي، قال لعنب بلدي، إن معظم قاطني المخيم يرسلون أولادهم إلى مدرسة القرية التي تبعد حوالي كيلومترين، عبر سيارات عامة دون معرفة سائقها (مجهولة).

وأوضح أن الأطفال يركبون في الصناديق الخلفية للسيارات، وهو السبيل الوحيد أمام الأهالي، إذ لا يوجد أي خيار آخر، فإما المشي وهو مرهق لطلاب المدرسة، وإما توقفهم عن الدراسة.

أطفال يركبون سيارة تنقلهم من المدرسة إلى مخيم بريف إدلب الشمالي – 1 من أيار 2023 (عنب بلدي/ إياد عبد الجواد)

مفقودون بالجملة

تشهد مناطق الشمال السوري حالات فقد واختفاء لعشرات الأفراد شهريًا، في ظروف غير معروفة بمجملها، يُعرف بعضها لأجل طلب فدية، وبعضها حين يُفرج عن الشخص إذا كان معتقلًا لدى فصائل عاملة في المنطقة.

ولا تعتبر حالة الفقد والاختفاء جديدة على مناطق شمال غربي سوريا، تعززها حالة الفوضى الأمنية، رغم وجود حكومتي “الإنقاذ” و”السورية المؤقتة”، ووجود مؤسسات قضائية وعسكرية ومدنية عاملة تحت مظلتها.

وينشط في المنطقة “مكتب شؤون الجرحى والمفقودين” الذي يُعنى بتوثيق حالات الفقد في مناطق سيطرة كل من “هيئة تحرير الشام” و”الجيش الوطني السوري”، عبر منشورات بشكل شبه يومي، تطلب ترك معلومة حين رؤية شخص معيّن، ومنشورات بكف البحث بعد العثور على الشخص المفقود.

وبحسب رصد عنب بلدي، فإن معظم المنشورات متشابهة، تحمل الصيغة نفسها، محتواها أن الشخص المفقود خرج من منزله باتجاه مدينة أو قرية أو مخيم ما، وغابت الأخبار عنه بعد خروجه.

أطفال يركبون سيارة تنقلهم من المدرسة إلى مخيم بريف إدلب الشمالي – 1 من أيار 2023 (عنب بلدي/ إياد عبد الجواد)

حوادث سير مستمرة

تشهد مدن وبلدات شمال غربي سوريا حوادث سير متكررة، ينتج عنها تسجيل وفيات وإصابات، إثر غياب قوانين السير الصارمة التي تنظم حركة المرور، إلى جانب غياب إشارات المرور ووعورة بعض الطرقات.

ويعلن “الدفاع المدني السوري” بشكل شبه يومي عن استجابة فرقه لحوادث سير في المنطقة، مع توصيات بتخفيف السرعة، والالتزام بإجراءات السلامة المرورية وقوانين المرور، وتفعيل قوانين ضابطة للسير.

مدير المديرية الأولى في “الدفاع المدني السوري”، حسن الحسان، قال لعنب بلدي، إن فرق “الدفاع” استجابت، منذ بداية العام الحالي وحتى 25 من نيسان الماضي، لـ350 حادث سير في عموم مناطق شمال غربي سوريا.

وذكر الحسان أن تلك الحوادث أدت إلى وفاة أربعة أشخاص وإصابة 277 مدنيًا بينهم 82 طفلًا و28 امرأة، وكانت النسبة الكبرى في كانون الثاني الماضي، بأكثر من 111 حادث سير.

ولفت المدير إلى أن أسبابًا كثيرة لهذه الحوادث، أولها السرعة، وعدم التقيد بالأولويات المرورية، ورداءة الطرقات، وقيادة الأطفال للسيارات والدراجات النارية، وعدم التقيد بإجراءات السلامة وقوانين المرور.


شارك في إعداد التقرير مراسل عنب بلدي في إدلب إياد عبد الجواد

مقالات متعلقة

مجتمع

المزيد من مجتمع