الحديد المستعمل بديل “مقبول” للأهالي وتجارة رائجة في درعا

camera iconمنازل مهدمة بريف درعا الغربي جرّاء تعرضها للقصف-16 نيسان 2023(عنب بلدي/ حليم محمد)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – درعا

دفع التزايد المستمر بأسعار مواد البناء سكان محافظة درعا لشراء الحديد المستعمل المستخرج من أنقاض الأبنية المهدمة جراء القصف الذي تعرضت له المنطقة خلال السنوات الماضية.

ووصل سعر طن الحديد الجديد إلى ثمانية ملايين و375 ألف ليرة سورية (حوالي 950 دولارًا أمريكيًا)، في حين يتراوح طن الحديد المستعمل بين مليونين و527 ألف ليرة وثلاثة ملايين و370 ألف ليرة (من 300 إلى 400 دولار)، إذ يختلف سعره باختلاف نوعيته وقدمه، بحسب ما رصدته عنب بلدي.

ورغم رواج بيع الحديد المستعمل في درعا حتى عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تغيب التصريحات الحكومية حول تجارة هذا النوع من الحديد وشروطها ومخاطرها.

بديل مقبول

بعد حساب تكلفة بناء ثلاث غرف بريف درعا الغربي باستخدام حديد جديد، توجه نبيل (35 عامًا) للبحث عن بديل يمكّنه من البدء بالبناء بأقل تكلفة ممكنة، وفق ما قاله لعنب بلدي.

وقال نبيل، إنه يعمل منذ سنوات لتأمين تكلفة بناء منزل صغير منفصل ليتزوج به، لكن تكلفة البناء بحديد جديد تبلغ بالحد الأدنى نحو 50 مليون ليرة سورية دون إكساء.

ورغم أنه يدرك أن الحديد الجديد أكثر أمانًا وديمومة، وجد الشاب في شراء الحديد المستعمل خيارًا مقبولًا، ما دفعه للتوجه لأحد تجار الخردة وشراء طن من الحديد بـ300 دولار، بعد أن كان سيضطر إلى دفع 900 دولار مقابل كمية الحديد نفسها.

من جهته، قال محمد، متعهد بناء مقيم في درعا، إن استخدام الحديد المستعمل لا يعد خيارًا جيدًا من الناحية الفنية وسلامة البناء مستقبلًا، خصوصًا في ظل استخدام حديد مستخرج من أبنية مهدمة بفعل القصف.

ويتركز استخدام الحديد المستعمل في درعا بالوقت الراهن على الأبنية الريفية غير الطابقية، وفق ما قاله محمد، محذرًا من استخدامه في الأبنية الطابقية.

مصدر رزق

الإقبال على شراء الحديد المستعمل لترميم الأبنية المهدمة، دفع عديدًا من الأشخاص للعمل بجمع الحديد من أنقاض الأبنية وبيعها لتجار الخردة.

وبدأ عبد الهادي (25 عامًا) العمل بجمع الحديد من الأبنية المهدمة قبل حوالي شهرين، استطاع خلالهما جمع نحو 250 كيلوغرامًا، بحسب ما قاله لعنب بلدي.

وكان عبد الهادي يجمع الحديد من الأبنية العامة المهدمة بريف درعا الغربي ويبيعها بشكل يومي لتجار الخردة، بحوالي 2000 ليرة سورية للكيلو الواحد.

وقال إن العمل في استخراج الحديد شاق وخطير، إذ إن احتمالية انهيار الجدران المتبقية من الأبنية مرتفعة، لكن البطالة وقلة فرص العمل تعدان سببًا كافيًا لتحمل تلك المخاطر.

ويشتري تجار الخردة في درعا الحديد المستعمل من عمال جمع الحديد أو من مالكي الأنقاض، ويحددون سعره بناء على جودته، وفق ما قاله أحد التجار (تحفظ على ذكر اسمه لأسباب أمنية)، لعنب بلدي.

ويجمع التجار الكميات في مكان خاص، كما يُخضعون قضبان الحديد المستخرجة لعمليات تعديل على آلة خاصة بذلك، بحسب ما قاله التاجر، مشيرًا إلى أن كميات الحديد كاملة تباع داخل درعا للسكان العاجزين عن شراء الحديد الجديد.

ويشتري بعض التجار الحديد المستعمل من أصحاب المنازل العاجزين عن ترميمها أو إزالة أنقاضها في ظل الارتفاع الكبير بتكلفة إزالة الأنقاض، وفق ما قاله تاجر الخردة المقيم في درعا.

“تعفيش” يطال مواد البناء

في المقابل، يجمع العاملون في تجميع الخردة وتجارتها الحديد من الأبنية العامة أو المنازل المدمرة التي أُجبر أصحابها على النزوح أو اللجوء، بحسب ما أفاد به مراسل عنب بلدي في درعا.

ولا تقتصر ظاهرة جمع الحديد المستعمل من الأبنية المهدمة على درعا، إذ طالت حملات “التعفيش” مواد بناء عديد من الأبنية المهدمة في مختلف المناطق التي تعرض أهلها لعمليات تهجير جماعية.

وتُتهم قوات النظام السوري بعديد من عمليات “التعفيش” لمصلحة تجار بارزين، خصوصًا في الغوطة الشرقية ومخيم “اليرموك”.

وانتشرت ظاهرة “التعفيش” منذ العام الأول للثورة ضد النظام السوري، وفي مقابلة لرئيس النظام السوري، بشار الأسد، أواخر 2016، قال إن “الجيش السوري” مارس انتهاكات عديدة في هذا المجال، لا سيما في حمص وريفها، وريف دمشق وحوران، وأخيرًا حلب.

وأسفرت تلك الظاهرة عن مقتل عشرات الأشخاص في مختلف المناطق جراء سقوط بقايا الأبنية في أثناء عمليات “التعفيش”.


شارك بإعداد هذا التقرير مراسل عنب بلدي في درعا حليم محمد

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.





×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة