مطالبات بالدعم.. كرة القدم الشعبية متنفس لأهالي الحسكة
الحسكة – مجد السالم
تشكّل كرة القدم مساحة لسكان مدينة الحسكة شمال شرقي سوريا للترويح عن أنفسهم، سواء كلاعبين أم مشاهدين، في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها سوريا على الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وتشهد المنطقة تنظيم دوريات شعبية في أرياف المدينة، خلال فصل الربيع من كل عام، تحظى بمتابعة مرتفعة من قبل السكان المحليين، رغم الإمكانيات المتواضعة للجهات المنظمة، والتي عادة ما تكون بمبادرات فردية.
متنفس للتخلص من الضغوط
على دراجته النارية، يحرص عدي العلو (25 عامًا) على حضور أغلب المباريات وسط أجواء حماسية، ويتنقل هو وأصدقاؤه من قرية إلى أخرى في محاولة لعدم تفويت أي مباراة بين فريقين.
عدي قال لعنب بلدي، إن الأجواء خلال فصل الربيع تشجع على متابعة الدوريات الشعبية من عدد كبير وشرائح عمرية مختلفة، وفي كل عام تزداد عدد الفرق المشاركة التي تمثّل القرى المختلفة.
ولا يبدو أن هذه المباريات تنتشر على نطاق ضيق، بل يوجد عدد كبير من أبناء هذه القرى المغتربين الذي يتابعون المباريات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويتابعون أخبار الفرق عبر “فيس بوك”، قال عدي.
ولا تمنع المسافة قحطان الحسين (33 عامًا)، وهو من سكان مدينة القامشلي، من الاتجاه إلى الحسكة لمتابعة هذه المباريات التي يراها أفضل من الدوريات التي تجري في المدن، مشيرًا إلى أن عدد الحضور في البطولات الريفية تفوق نظيراتها الأخرى، كما أنها تتمتع بحماسة المشجعين وإخلاصهم لفرقهم.
يُضاف إلى ما سبق، إسهام الحضور والتشجيع بتفريغ الشحنات السلبية، واعتبار المتابعة متنفسًا للتخلص من الضغوط، بحسب قحطان.
وقال أكرم المقطف أحد منظمي الدوريات، إن الإقبال الجماهيري الكبير يأتي لأن كرة القدم أصبحت المتنفس الوحيد للمواطنين في ظل الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة.
وأضاف أن الجماهير بالآلاف في الدوريات ودون استثناء، وما جعل عددهم يزداد هو قوة المنافسة التي وصلت إليها الفرق الشعبية، وبدأ بعض منها يستقدم لاعبين على مستوى سوريا، ويمثّلون أندية الدرجة الممتازة، مثل لاعبي الجهاد والجزيرة والفتوة والوثبة.
مجهود فردي للتنظيم
وعادة ما يكون تنظيم الدوريات الشعبية بمجهود فردي من قبل أبناء القرى وبعض الداعمين من نفس المنطقة، بحسب أكرم المقطف.
وأوضح أن أغلب الدعم يكون من سكان المنطقة الميسورين كالتجار أو شيوخ القبائل، وهناك دعم من المغتربين واللاجئين في دول الجوار، ممن كانوا سابقًا يلعبون في هذه الدوريات، وبعد سفرهم خارج البلد، استمروا بالاهتمام بهذه الدوريات، إذ يجمعون مبالغ كل حسب استطاعته (50 أو 100 دولار)، ويرسلونها إلى القائمين على الدوريات لتغطية مصاريف تنقل اللاعبين وشراء الجوائز من ميداليات وأطقم رياضية وغيرها، ولكنها تبقى “دون المطلوب”.
ويشمل عمل أكرم المقطف تنظيم مواعيد المباريات، ونقل كل ما يتعلق بهذه الدوريات عبر إحدى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي.
وتتكون البطولة من 16 فريقًا، تلعب بنظام خروج المغلوب وصولًا إلى المباراة النهائية، ويحصل أصحاب المراكز الأربعة الأولى على جوائز مالية وعينية.
في دوري “تل حميس”، يحصل الفريق صاحب المركز الأول على كأس البطولة وميداليات، ولباس رياضي ومليوني ليرة سورية.
فيما يحصل صاحب المركز الثاني على كأس وميداليات فضية ولباس رياضي ومليون ونصف المليون ليرة، أما المركز الثالث فيحصل على مليون ليرة سورية وكأس، والرابع على كأس و500 ألف ليرة سورية، عدا عن الجوائز الفردية لهدّاف البطولة وأفضل لاعب وأفضل حارس.
ويشمل الدعم أيضًا الإعلاميين الناقلين للمباريات، ويحصل كل واحد منهم على 100 ألف ليرة سورية، وفق المقطف.
مشكلات وتحديات بالجملة
المقطف قال لعنب بلدي، إن هذه الدوريات ورغم أهميتها، تواجه عديدًا من التحديات، أولها ضعف التمويل لغياب أي جهة رسمية تدعمها، باستثناء بعض الأشخاص الذي يقدمون دعمًا ماديًا لإقامة هذه البطولات، بالإضافة إلى عدم وجود ملاعب جيدة لها سوى الملاعب الترابية وهي متردية وحالتها سيئة.
في حين تذهب بعض المشكلات باتجاه اعتراض الجماهير على التحكيم، خاصة في ظل غياب حكام من ذوي الخبرة، وغياب المعرفة بقوانين كرة القدم، وهو ما يخلق كثيرًا من المشكلات والخلافات والمشاحنات بين الفرق المتنافسة حول صحة الأهداف أو احتساب الأخطاء في أثناء اللعب.
وطالب المقطف الجهات المسؤولة في المنطقة بتقديم دعم للاعبين والمنظمين على حد سواء، بما في ذلك الدعم المادي والمساعدة في تقديم بعض الجوائز، وتقديم دعم لوجستي للفرق، كالشباك والرايات وأطقم للحكام، والدعم المعنوي من خلال زيارة هذه البطولات، ولقاء المنظمين واللاعبين والاستماع إليهم ومناقشة بعض المعوقات في البطولات.
وبحسب ما علمته عنب بلدي، فإن تنظيم الدوريات الشعبية لا يتطلب ترخيصًا من الجهات الرسمية (تقع المنطقة تحت سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية”)، ولكن يجري إخبار لجان الشباب والرياضة في المجالس التابعة لـ”الإدارة الذاتية”، تفاديًا لحصول أي مشكلات و للمساعدة في حل أي خلاف بين الفرق.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :