عنب بلدي – إدلب
دخلت زراعات جديدة وغير تقليدية إلى مناطق الشمال السوري، كاسرة قالب الزراعات المعتادة لدى المزارعين، في سبيل تحقيق مردود أعلى، وسط ظروف اقتصادية ومعيشية متردية.
زراعات “غريبة” على تربة شمال غربي سوريا، جلبها مهجرون أو زرعها سكان المنطقة، تحولت من نباتات مزروعة في حدائق المنازل، إلى زراعات رئيسة على مساحات شاسعة.
الزعفران مثالًا.. تكلفة قليلة ومردود عالٍ
نشطت زراعة الورد الجوري في الشمال السوري كمحصول وفير الإنتاج، ونقلها مهجرون اعتادوا زراعة الورد في مناطق سيطرة النظام، خصوصًا من مناطق ريف دمشق.
ويستمر موسم قطاف الورد الجوري لسبعة أشهر، ويدخل في صناعات عديدة، كالمربيات والعطورات، وينتج بشكل جيد، إذ يقطفه المزارعون كل يومين.
أحدث الزراعات التي برزت في الشمال السوري، كواحدة من الزراعات “الدخيلة” على المنطقة، الزعفران، وتبدأ زراعته في شهر أيلول، ويفضّل شراء بصل الزعفران قبل زراعته بأسبوعين، ويصل إنتاج الدونم إلى كيلوغرام واحد بعد سنتين من زراعته، وفق المهندس الزراعي موسى البكر.
ويكون إزهار بصل الزعفران في السنة الأولى من الزراعة ضعيفًا، ويتركز العمل على إكثاره وتكبير حجمه، ويبدأ الإزهار الجيد في السنة التي تليها.
وأوضح المهندس الزراعي المقيم في الشمال السوري، أن الزعفران يحتاج إلى سقاية متوسطة إلى خفيفة، ويعتبر من الزراعات المعمرة في الأرض لست سنوات، ويبلغ سعر الكيلو من محصول الزعفران من 3500 إلى 20 ألف دولار أمريكي.
ويتراوح سعر الكيلو من بصل الزعفران بين 25 و35 دولارًا، ويحتوي 100 إلى 130 بصلة، ويحتاج الدونم إلى حوالي 125 كيلوغرامًا من البصل المتوسط الحجم، وكلما كبرت زادت الكمية المنتَجة، وفق البكر.
ويمكن تمييز الزعفران الطبيعي بأنه يعطي لونًا أصفر حين وضعه في مياه فاترة، وفي حال أعطى لونًا برتقاليًا، فهذا يدل على وجود أصبغة، ويعتبر غير طبيعي، ولا يمكن الحكم على تصريف المنتج في الشمال السوري، لكنه مثل أي منتج قابل للتصدير.
ظروف بيئية ودراية
المهندس البكر قال لعنب بلدي، إن المزارعين بدؤوا يُقبلون بشكل كبير على الزراعات الجديدة، ويبحثون عن إنتاج أكثر، وسعر أعلى للمحصول.
وأضاف البكر أن زراعة البابونج كانت خلال السنة الماضية تقتصر على مساحات صغيرة بالأمتار، في حين بدأت زراعته بالعام الحالي على مساحات كبيرة بالدونمات.
ومن الزراعات الأخرى التي دخلت إلى الشمال السوري ولقيت إقبالًا من المزارعين، ولم تكن معتادة لديهم، الميرمية وإكليل الجبل وغيرهما من الزراعات الطبية العطرية.
وأوضح البكر أن إدخال أي مشروع زراعي جديد إلى الشمال السوري، يجب أن يتوفر فيه أمران، الأول ظروف بيئية ومناخية مناسبة، والثاني المعرفة بآلية وطريقة الزراعة والعناية به، واقتصار الزراعات الجديدة على أحد الأمرين لا يكفي.
وأعطى البكر مثالًا، بأنه لا يمكن لزراعة الكستناء أن تنجح في الشمال، فهي تحتاج إلى تربة حامضية غير متوفرة في المنطقة.
مشكلات تدفع لزراعات مربحة
أبدى مزارعون التقتهم عنب بلدي في ريفي إدلب الشمالي والغربي، وريف حلب، رغبتهم بتجربة زراعات جديدة حين يبدأ موسم زراعتها، كمحاولة لتخفيف التكاليف من وقود وأسمدة وأدوية تتطلبها الزراعات التقليدية.
محمد الصطوف مزارع في ريف إدلب الشرقي، قال لعنب بلدي، إنه يرغب بزراعة الزعفران في مساحة صغيرة تبلغ ثلاثة دونمات، من أرضه التي تبلغ مساحتها 28 دونمًا، كتجربة لا تحمل تكلفة وخسارة كبيرة، وفي حال الإنتاج فسعر الكيلو مرتفع جدًا مقارنة بمحاصيل محلية.
من جهته، حسين الأحمد، يزرع أرضه قرب قرية الشيخ يوسف غربي إدلب بالخضراوات، مستخدمًا تقنية زراعة “الأنفاق” البلاستيكية، يرغب أيضًا بزراعة الزعفران، في دونمين فقط من أرضه كتجربة، لأنه لا يريد أن يشغل أرضه كاملة بمحصول ينتظره لعامين، حسب قوله.
وتواجه المزارعين في مناطق شمالي سوريا مشكلات تنظيمية، ونقص في القدرات المالية، واستخدام الآلات الزراعية، إضافة إلى ارتفاع أسعار الوقود المستخدم في عمل المعدات ووسائط النقل.
وفي حال زراعة “الأنفاق” البلاستيكية، يواجه المزارعون صعوبات أكثر، لأنها “حساسة” وتحتاج إلى رعاية وظروف بيئية معيّنة.