تدرس الحكومة الألمانية إمكانية دراسة طلبات طالبي اللجوء في دول ثالثة خارج الاتحاد الأوروبي، دون تحديد هذه الدول، على أن تكون مدة دراسة الطلبات خلال عدة أسابيع، مما يشير إلى توجه ألماني لتغيير نظام اللجوء بشكل شبيه بالنظام البريطاني، ويثير التساؤل حول إمكانية تحقيق هذا التوجه.
وفي 30 من نيسان الماضي، صرحت وزيرة الداخلية الألمانية، نانسي فيزر، أن ألمانيا تريد دعم إجراءات اللجوء على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، موضحة أن إجراءات تسجيل اللاجئين وتحديد هويتهم ستكون على الحدود، بحيث تكون مدة معالجة طلبات اللجوء بحد أقصى 12 أسبوعًا.
وتأتي هذه الدراسة في ظل صعوبات تعانيها الدول الأوروبية في استقبال طالبي اللجوء، وبالأخص بعد الغزو الروسي لأوكرانيا ولجوء ملايين الأوكرانيين لبلدان القارة الأوروبية.
ولدى سؤالها عما إذا كانت ألمانيا مثقلة بالأعباء بسبب الزيادة الحادة في عدد طلبات اللجوء، أشارت الوزيرة إلى أن العديد من الولايات الألمانية تشعر بأنها “مثقلة بالأعباء” بسبب إيواء اللاجئين، مستدركة بقولها، “نتحمل هذا الجهد الإنساني الكبير معًا”.
وعند النظر لأعداد طلبات اللجوء في ألمانيا، جرى تسجيل 26 ألفًا و149 طلب لجوء لدى هيئة الهجرة وشؤون اللاجئين بألمانيا في شباط الماضي، بينما بلغ هذا العدد 13 ألفًا و915 طلبًا في شباط 2022.
موافقة دول “صعبة التحقق”
تتطلب خطة الحكومة الألمانية في إقامة أماكن لدراسة طلبات اللجوء خارج أو على حدود دول الاتحاد الأوروبي، موافقة هذه الدول وعقد اتفاقيات معها بهذا الشأن، وفق المستشار في شؤون الهجرة واللجوء ضمن منظمة “SKM Kreis Viersen” الألمانية، اسماعيل أبو مغضب.
وبحسب ما قاله أبو مغضب، لعنب بلدي، فإن إمكانية موافقة أي دولة على حدود الاتحاد الأوروبي لتكون مركز استقبال طالبي اللجوء ومعالجة طلباتهم “صعبة الحدوث”، مستندًا إلى أن أغلب دول الحدود الأوروبي مثل اليونان، أو هنغاريا، أو بلغاريا، لا تلتزم باتفاق “دبلن” من حيث الحصة المحددة لكل دولة أوروبية من عدد اللاجئين، وهو مايدل على عدم رغبتها باستقبال أي طالب لجوء.
وفي 10 من أيار المقبل، ستعقد الحكومة الألمانية برئاسة المستشار الألماني، أولاف شولتس، مؤتمرًا لمناقشة تكاليف مسألة اللجوء مع رؤساء الولايات الألمانية المستقبلة لطالبي اللجوء، حيث ستناقش مشاكل هذه الولايات ووضع حلول لتخفيف أعداد طلبات الحماية، بما في ذلك اعتبار بعض بلدان طالبي اللجوء من البلدان الآمنة.
أبو مغضب استبعد مناقشة وضع سوريا كبلد آمن، بسبب رفض الاتحاد الأوروبي إعادة العلاقات مع النظام السوري المطلوبة لترحيل أي شخص يعتبر بلده آمنًا، وإنما رجّح مناقشة وضع بلدان على قائمة الدول الآمنة بشكل رسمي، مثل جورجيا، والجزائر، والمغرب، وتونس، وأرمينيا، والهند، وذلك بسبب ورود العديد من طلبات اللجوء من هذه الدول لكن نسب قبولها “ضعيفة جدًا”.
ويمكن لألمانيا بعد وضع بلد على قائمة الدول الآمنة عقد اتفاق مع حكومة هذه الدولة لاستقبال ومعالجة طلبات طالبي اللجوء على أراضيها، على غرار الاتفاق البريطاني مع رواندا.
واستبعد أيضًا المستشار في شؤون الهجرة واللجوء، هذه الخطوة من ألمانيا، بعد فشل نظام اللجوء المشابه في بريطانيا بترحيل أي شخص إلى رواندا، مستندًا إلى حماية القوانين الأوروبية لطالبي اللجوء، إذ أن غالبية أصحاب طلبات اللجوء المرفوضة والواجب ترحيلهم، لا يزالون في ألمانيا، بسبب الطعون القضائية المقدمة من أصحابها، ولأسباب أخرى عديدة تمنع الترحيل.
توجه أوروبي لخفض أعداد اللاجئين
ترى وزيرة الداخلية الألمانية، نانسي فيزر، فرصة لأوروبا لإحراز تقدم معًا في سياسة اللجوء المشتركة، قائلة، “نشهد الآن زخمًا تاريخيًا يمكننا من العمل مع دول أوروبية أخرى لإطلاق نظام لجوء مشترك على أرض الواقع، بحيث تتم إجراءات اللجوء على الحدود”، مشيرة إلى عمل ألمانيا مع فرنسا وإيطاليا وإسبانيا والسويد وبلجيكا، على تحقيق السياسة الجديدة.
ودعت فيزر، في تصريحاتها اليوم الجمعة، لصحيفة “هاندلسبلات” الألمانية، لكي تكون سياسة الهجرة الأوروبية موجهة أكثر نحو الحد من عدد اللاجئين.
وقالت فيزر، “نحن نتفاوض بشأن الإجراءات على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي من أجل اتخاذ قرار في غضون فترة زمنية قصيرة بشأن حماية الأشخاص الذين لديهم احتمال ضئيل للجوء في الاتحاد الأوروبي، بحيث يمكن إعادة طالبي اللجوء المرفوضين بسرعة من الحدود الخارجية”، مشيرة أيضًا إلى أن زيادة الرقابة على الحدود ضرورية لأنها لا تعمل بشكل كاف.
المستشار في شؤون الهجرة واللجوء ضمن منظمة “SKM Kreis Viersen” الألمانية، اسماعيل أبو مغضب، يرى أن المزاج الشعبي والسياسي الأوروبي بشكل عام وفي ألمانيا بشكل خاص في تراجع بما يخص قضية استقبال اللاجئين.
وبالرغم من مخصصات الحكومة الاتحادية المالية الكبيرة المتجاوزة لاثنين مليار يورو لاستقبال طالبي اللجوء، لا تزال الولايات الألمانية تطالب بالمزيد من الدعم وتخفيف الأعداد المستقبلة.
وباختلاف توجهات الأحزاب الألمانية، اتفقت من خلال تصريحات مسؤوليها على ضرورة التقليل من أعداد طالبي اللجوء، بحسب أبو مغضب.