رفضت محكمة النقض الفرنسية الطعون المقدمة في قضيتي الناطق الرسمي السابق باسم فصيل “جيش الإسلام”، مجدي نعمة المعروف بـ”إسلام علوش” والعنصر السابق في “أمن الدولة”، عبد الحميد شعبان، المعلقتين بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وأقرّت المحكمة اليوم، الجمعة 12 من أيار، أن القضيتين تندرجان تحت “الولاية القضائية العالمية” وأن شرط التجريم المزدوج الذي يقتضيه القانون الفرنسي بشأن “الولاية القضائية” يعد مستوفى بمجرد أن يعاقب التشريع الأجنبي (في الدولة التي ارتكبت فيها الجرائم) الأفعال المرتكبة من قبل المتهم أو المشتبه به.
وبحسب بيان المحكمة، قدم محامو الدفاع عن “مجدي نعمة” وشعبان طعونًا مرتبطة بعدم استيفاء شروط إجراء محاكمات بموجب “الولاية القضائية العالمية” ما يعني أن محاكمتهما ليست من اختصاص القضاء الفرنسي.
في المقابل، قالت محكمة النقض إن شرط الإقامة المعتادة للمشتبه به يتحقق بمجرد وجود اتصال كافٍ بين فرنسا والمشتبه به الذي لديه رغبة بالإقامة في فرنسا.
كما أن التجريم المزدوج لا يشترط أن تكون الجرائم ضد الإنسانية أو جرائم الحرب في فرنسا موصوفة بطريقة مماثلة من قبل قوانين الدولة الأجنبية (الدولة التي ارتكبت فيها الجرائم).
وأضاف البيان، أن الاختصاص العالمي للمحاكم الفرنسية يشمل الأشخاص العاملين لحساب كيان غير حكومي، في حال مارس الكيان سلطة شبه حكومية في مكان تواجده.
المحامي المتخصص في القانون الجنائي الدولي، المعتصم الكيلاني، قال لعنب بلدي إنه رغم انتماء “علوش” وشعبان لنقيضين (النظام السوري و”جيش الإسلام”) استخدم محامو الدفاع حججًا متشابه.
|
قرار منتظر
رحبت المبعوثة الفرنسية الخاصة، بريجيت كورمي، بقرار محكمة النقض معتبرة أنه قرار مهم يعترف بالاختصاص العالمي للقضاء الفرنسي بما يتعلق بالجرائم المرتكبة في سوريا، وفق ما نشرته عبر “تويتر“.
من جانبها، العديد من المنظمات السورية بالقرار باعتباره قرارًا منتظرًا لتحقيق العدالة لمئات الضحايا السوريين.
وقال المحامي المتخصص في القانون الجنائي الدولي، المعتصم الكيلاني، إن القرار سيفتح الباب أمام الملاحقات القضائية بالنسبة للمشتبه بهم المتواجدين على الأراضي الفرنسية بغض النظر عن كون الضحية أو الجاني فرنسي أم لا.
كما اعتبر رئيس “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير” مازن درويش، أن القرار يمنح أملًا كبيرًا للضحايا السوريين وضحايا الجرائم الدولية الذين لجأوا إلى العدالة الفرنسية، بحسب البيان الصادر عن المركز.
ويتناقض قرار محكمة النقض مع قرار سابق صدر عنها في تشرين الثاني 2021، اعتبرت فيه أن المحاكم المحلية غير مختصة بما يرتبط بمحاكمة عنصر سابق في المخابرات السورية، بتهمة التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية.
وأثار القرار حينها مخاوف شخصيات عدة من المجتمع الحقوقي السوري، إذ اعتبروا أن القرار يشكّل خطرًا على العدالة للسوريين وعلى “الولاية القضائية العالمية”، التي تعد المبدأ الذي تعتمده المنظمات المعنية لمحاسبة مرتكبي هذا النوع من الجرائم في سوريا.
وفتح المدعي العام في باريس في شباط 2019 تحقيقًا قضائيًا ضد المتهم عبد الحميد شعبان لارتكابه أعمال تعذيب وجرائم ضد الإنسانية في سوريا، ضمن الفترة الممتدة بين آذار 2011 وآب 2013.
وخلصت التحقيقات حينها إلى أن اتهام شعبان رسميًا بالتواطؤ في جرائم ضد الإنسانية، وإيداعه الحبس الاحتياطي.
وفي كانون الثاني 2020، اعتقلت “إسلام علوش” في ظروف أثارت الكثير من الجدل، بعد نشر صورة أظهرت كدمات على وجهه نتيجة ذلك الاعتقال. حينها لارتباطه بفصيل “جيش الإسلام” المتهم بدوره كفصيل مسلح بـارتكاب جرائم دولية ممنهجة” ضد المدنيين الذين عاشوا تحت حكمه من عام 2013 حتى عام 2018.
ورغم اكتمال ملف التحقيقات عُلّق ملف “علوش” ولم يحوّل إلى المحكمة إثر الطعون المقدمة من قبل فريق الدفاع، وفق معلومات حصلت عليها عنب بلدي من “ألمركز السوري للإعلام”.