القصف من فوق البر.. إسرائيل تنوّع أساليب استهدافها في سوريا
استخدمت إسرائيل في استهدافها الأحدث للأراضي السورية، والذي تركز في مناطق محيطة بحلب، شمالي سوريا، أسلوبًا مختلفًا بآلية وطريقة الاستهداف التي تنفذها عادة، إذ نفذت ضرباتها الجوية من منطقة مثلث الحدود السورية العراقية الأردنية، قرب التنف، وعبر الأجواء الأردنية.
جرى الاستهداف مساء الاثنين الماضي، وطال عدة مواقع في محيط حلب، مسفرًا عن مقتل عسكري، وإصابة سبعة أشخاص بينهم مدنيان، إلى جانب خروج مطار حلب عن الخدمة، ونتج عنه أيضًا انفجارات في منطقة مطاري “حلب” الدولي، و”النيرب” العسكري، واشتعال نيران في مستودع ذخيرة، كما سقطت صواريخ في معامل الدفاع بمنطقة السفيرة بريف حلب، وفق “المرصد السوري لحقوق الإنسان“.
وكعادتها، تكتفي وسائل الإعلام السورية الرسمية، بنقل بيان مقتضب مكرر يتغير فيه توقيت الاستهداف، دون تحديد دقيق للمواقع المستهدفة، مع التطرق لاسم المنطقة مسرح الاستهداف، لينقل الإعلام الإسرائيلي بدوره الرواية ذاتها تحت مسمى “المزاعم”، لكن “القناة 12” الإسرائيلية، لفتت إلى أن من بين الأهداف هذه المرة، مستودعات ذخيرة للميليشيات الموالية لإيران.
المحلل العسكري، طاق حاج بكري، أوضح لعنب بلدي، أن آلية الاستهدافات الإسرائيلية تختلف وفق الاستراتيجية العسكرية والتكتيكات التي يقوم بها سلاح الجو الإسرائيلي، حسب استطلاعاته الجوية والأرضية، والمعلومات المتوفرة، فتكون من فوق البحر أو الأراضي البرية، حسب أماكن تموضع المستودعات التي تقصفها أو النقاط التي تستهدفها لتحقيق الإصابة المباشرة إذا أرادت، أو لتدمير شيئ ما، وتحقيق النتيجة الأفضل من هذا القصف.
“إسرائيل حين تقصف تستخدم قذائف شديدة الانفجار، تولد دمارًا كبيرًا، وهذا يسبب اشتعال حرائق في المكان المقصوف أيًا كانت المواد التي تعرضت للقصف، فليس بالضرورة أن تكون ذخائر، وقد تكون أخشابًا أو محروقات أو ما شابه ذلك”، أضاف حاج بكري.
واستبعد حاج بكري أن يكون القصف رغم اختلاف الطريقة، تصعيدًا، إذ تشن إسرائيل ضربات بشكل روتيني على نقاط ومواقع لوجود قوات أو ذخائر إيرانية، وتتنوع في أسلوبها حسب مكان الاستهداف.
المستودعات نوعان
أوضح المحلل العسكري، أن مستودعات الأسلحة تنقسم إلى علنية وسرية، وهي نقاط ثابتة لا يمكن تغييرها، لكن هناك مستودعات سرية وأخرى سهلة النقل، لنقل المواد منها إلى مواقع آخرى، أو لتخزينها لفترة بسيطة قبل إعادة نقلها، للتمويه، وتجنبًا لقصفها.
“قد تكون المواقع المستهدفة مستودعات غير حقيقية، أو مستودعات احتياطية أو بديلة مموهة، وهذا يحدث في حالة الحروب”.
طارق حاج بكري- محلل عسكري |
وتتابع إسرائيل التحركات الإيرانية من طهران إلى دمشق، بما فيها عمليات النقل، وتستهدف المواد المنقولة من الذخائر العتاد حين تحين الفرصة، سيما في لحظات الوصول، وفي أوقات لا يوجد فيها مدنيين أو موظفين كثر، لتقليل الخسائر البشرية، وهذا التكتيك تتبعه إسرائيل لإيقاع خسائر مادية وليست بشرية بالضرورة، وفق المحلل العسكري.
حساب “SAM”، المتخصص بتتبع الضربات الإسرائيلية على سوريا، علل عبر “تويتر”، استخدام إسرائيل للمثلث الحدودي كمنطلق لضرباتها، إلى أن استهداف معامل الدفاع قرب السفيرة بريف حلب، لا يمكن أن يحصل من أجواء البحر المتوسط، كون الطائرات الإسرائيلية غير قادرة على إطلاق صواريخ من فوق البحر بمديات تصل إلى جنوب شرق حلب، لكنها قادرة على استهداف مطار حلب ومحيط المدينة من فوق البحر.
وخلال الاستهداف، نفّذ الطيران الإسرائيلي ضربتين عميقتين على مدرج مطار حلب، ما أخرجه عن الخدمة.
إيران تفضّل حلب
ذكرت صحيفة “جيروزاليم بوست“، في 2 من أيار، أن الضربات الجوية في حلب ليست الأولى من نوعها، وهناك حوادث عديدة في المطار والمناطق المجاورة، يرجع ذلك إلى أن إيران زادت من تهريب الأسلحة، باستخدام مطار حلب لنقل الذخائر والأسلحة إلى “حزب الله”.
وتوفر حلب معبرًا سهلًا إلى لبنان، لأن الشاحنات يمكن أن تمر عبر حمص والقصير، وهي مناطق نفوذ لـ”حزب الله”، وفق الصحيفة التي لفتت إلى تفضيل إيران لحلب، لأنها تعتقد أنها أبعد ما تكون عن إسرائيل، ويمكن استخدامها كغطاء، سيما بعد تقليل إسرائيل لترسيخ إيران لدمشق كقاعدة لها في سوريا.
الباحث في الشأن الإيراني، مصطفى النعيمي، أوضح لعنب بلدي، أن القصف الإسرائيلي يأتي في إطار استهداف فائض القوة الإيرانية والأسلحة المرسلة لأذرعها في سوريا.
ولم تمنع الضربات الإسرائيلية إيصال الأسلحة إلى سوريا، لكنها حدت من قدرة الأذرع الإيرانية في الحصول على أسلحة تكتيكية قد تغير قواعد الاشتباك مع الجانب الاسرائيلي، وفق النعيمي.
استبعد الباحث قدرة إيران على الرد المباشر على الغارات الإسرائيلية، دون أن يمنع ذلك استهداف “الخواصر الرخوة” المتمثلة بمناطق النفوذ الأمريكي شرق الفرات ومحيط الحقول النفطية، إرضاءً لحاضنتها الشعبية في مناطق نفوذها الحيوية.
وفي وقت سابق، لفت الباحث في الشأن الإيراني، ضياء قدور، إلى مرور نحو عام ونصف على آخر استهداف إسرائيلي لموقع في السفيرة بريف حلب، وكان حينها لمخازن ومعامل إنتاج صواريخ، ما يؤكد وفق رأيه، أن إيران تعاود استثمار مواقعها ولو بعد حين من انعدام النشاط.
كما بيّن الباحث، عبر “تويتر“، أن استخدام إسرائيل لصواريخ “كروز دليلة” طول 2.27 متر، ورأس حربي صغير نسبيًا، يؤكد على أن الاستراتيجية الإسرائيلية في تعطيل المطارات السورية ما تزال متأنية وهادئة، موضحًا أن إطالة عمر التعافي تكون عبر استخدام كم أكبر من الصواريخ للتعويض عن ضعف قدرتها التفجيرية.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :