حصلت عنب بلدي على شهادات محلية، تشير إلى أن الشخص الذي استهدفه طيران مسيّر أمريكي شمالي إدلب، الأربعاء 3 من أيار، مدني وأنه لا ينتمي لأي فصيل، ولم يشارك في العمل العسكري في سوريا.
وتتعارض المعلومات التي حصلت عليها عنب بلدي، مع ما ذكرته القيادة المركزية الأمريكية، بأنها استهدفت “قياديًا بارزًا” في تنظيم “القاعدة”، واعدة بتقديم تفاصيل أكثر.
حسن المسطو ابن أخ الرجل المتوفى في بلدة قورقانيا، قال لعنب بلدي، إن عمّه المُستهدف يدعى لطفي حسن مسطو (56 عامًا)، ينحدر من البلدة، ولا ينتمي لأي فصيل، قُتل في أثناء رعي الأغنام في أرضه.
وذكر الشاب أن عمه متزوج ولديه 11 طفلًا، أربعة شباب وسبع بنات ويعمل مزارعًا ولديه مدجنة لتربية الدواجن ويمتلك بعض الأغنام.
ولفت الشاب إلى أن عمّه إنسان بسيط معروف في البلدة، ذو سمعة طيبة “عطرة” بين أصدقائه وجيرانه وأهل بلدته والقرى المجاورة.
“أبو غسان” شقيق الرجل (المُستهدف)، نفى لعنب بلدي، صحة أي مزاعم بأن يكون شقيقه “إرهابيًا” أو حتى عسكريًا، لافتًا إلى أنه لم ينخرط في أي عمل عسكري ولا مع أي فصيل كان، ولم يحمل سلاحًا قط.
حسن سجية من أهالي قورقانيا قال لعنب بلدي، إن الرجل لطفي المسطو (المُستهدف) معروف لدى أهل البلدة وأحد أبنائها، كان يملك مكبسًا لتصنيع القرميد، ثم عمل في تربية الدواجن ورعي الأغنام، وليس لديه أي مشكلات سابقة، ولم يحمل أي سلاح “حتى سكينًا لم يحمل”.
بعد حوالي ساعة من القصف، قال “الدفاع المدني السوري“، عبر “فيس بوك”، إن الرجل المدعو لطفي حسن مسطو، قُتل بقصف صاروخي من طائرة مسيرة مجهولة الهوية، استهدفه في أثناء عمله برعي الأغنام.
وذكر “الدفاع” أن فرقه انتشلت جثة الرجل، ونقلتها إلى نقطة طبية في بلدة قورقانيا، وتفقدت المكان، كما أدى الاستهداف إلى نفوق عدد من الأغنام.
صفحات محلية تحمل اسم البلدة، نشرت أخبارًا وصورًا عن أن الشخص المستهدف، يدعى “أبو خلوف” وهو صاحب مدجنة، قصف الطيران المسيّر محيطها.
ماذا تقول أمريكا؟
نشرت القيادة المركزية الأمريكية بيانًا في 3 من أيار، قالت فيه إنها نفذت هجومًا أحاديًا عند الساعة 11:42 صباحًا، شمال غربي سوريا (دون تحديد المكان بدقة)، استهدفت فيه قياديًا بارزًا في “القاعدة”، ووعدت بنقديم التفاصيل لاحقًا.
وقال قائد القيادية المركزية الأمريكية في البيان، الجنرال مايكل إبريك كوريلا، إن”هذه العملية تؤكد من جديد التزام القيادة المركزية الثابت للمنطقة والدائم لهزيمة تنظيم (الدولة) و(القاعدة)”.
تضارب أنباء سابقة
وتكرر قوات التحالف الدولي، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، تنفيذ عمليات عسكرية سواء بإطلاق صواريخ ذكية من الطائرات المسيّرة أو الحربية، أو بعمليات إنزال جوي.
واستهدفت خلال العمليات قياديين وعناصر يتبعون لتنظيمات وفصائل “جهادية” في الشمال السوري، أو لتنظيم “الدولة”، وبشكل قليل من تركيا.
وقلما يبقى الأشخاص المستهدفون مجهولي الهوية، مقارنة بالأسماء والشخصيات المُعلن عنها.
وأحاط الغموض بعمليات سابقة، وشكوك حول هوية الأشخاص المستهدفين من خلال بعض هذه العمليات.
وفي 24 من شباط الماضي، قُتل شخصان باستهداف طائرة مسيّرة، لا تزال مجهولة التبعية، دراجة نارية كانت تقلهما على الطريق الواصل بين بلدة قاح ودير حسان بريف إدلب الشمالي.
ولم يتم التأكد من هوية القتلى وسط حديث عن كونهما قياديين بفصيل “حراس الدين”، فرع تنظيم “القاعدة” في سوريا
وفي 27 من حزيران 2022، تضاربت الأنباء حول هوية الشخص الذي قُتل جراء قصف بطائرة مسيّرة تتبع لقوات التحالف الدولي استهدفه بشكل مباشر، جنوب شرقي إدلب، بين القياديين في “حراس الدين”، “أبو حمزة اليمني”، و”أبو هزاع الديري”.
اقرأ أيضًا: أنباء متضاربة.. “اليمني” أم “الديري” قتيل غارة “التحالف” على “حراس الدين”؟
في 16 من حزيران 2022، نفّذت قوات التحالف الدولي إنزالًا جويًا في ريف مدينة جرابلس، شمالي حلب، اعتقلت خلاله قياديًّا بارزًا في تنظيم “الدولة”، وأعلنت أن الشخص الذي ألقت القبض عليه أحد أكبر قادة التنظيم في سوريا، و”صانع قنابل متمرّس وميسّر عمليات”.
وبعد ساعات من إعلان “التحالف”، كشف الجيش الأمريكي عن هوية “القيادي”، على أنه هاني أحمد الكردي، الذي يُعرف أيضًا باسم “سليم” و”والي الرقة”، وفق ما نشرته حينها صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية.
مصدر خاص في “الجيش الوطني السوري“، قال لعنب بلدي، إن عملية الإنزال جرت على منزل متطرف قرب منطقة جب الدم (قناقوي) جنوبي قرية الحيمر بريف مدينة جرابلس.
ويحوي المنزل عائلة مكوّنة من ثلاثة رجال ونساء وأطفال، يعملون بنقل المحروقات عبر الصهاريج مع شركة الوقود العاملة في المنطقة، بحسب المصدر الذي أكد أن قوات التحالف اعتقلت ثلاثة أشخاص رجال، وليس فقط “والي الرقة” كما أعلن الجيش الأمريكي.
ونشر مركز “جسور للدراسات”، في 16 من الشهر نفسه، تقريرًا أوضح فيه أن المعلومات المعلَن عنها حول المعتقل (الكردي) غير دقيقة، كونه مقيمًا في المنطقة منذ أكثر من ثلاث سنوات، ويعمل سائق صهريج نقل محروقات، ويتنقّل بحكم طبيعة عمله بين مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية”(قسد) و”الجيش الوطني”.
ولم تنشر قوات التحالف أو الجيش الأمريكي أي معلومات إضافية عن تلك الحادثة، أو عن مصير الكردي الذي لا تزال الشبهات حول براءته حاضرة حتى اليوم.
شارك في إعداد التقرير مراسل عنب بلدي في إدلب إياد عبد الجواد