التقى رئيس النظام السوري، بشار الأسد، بالرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، الذي وصل إلى دمشق على رأس وفد وزاري، في زيارة رسمية تستمر يومين.
واستقبل الأسد رئيسي بشكل رسمي، في “قصر الشعب”، اليوم، الأربعاء 3 من أيار، قبل عقد جولة مباحثات موسعة بمشاركة وزارية من الجانبين.
وقال الأسد، إن “العلاقات السورية الإيرانية غنية بالمضمون، غنية بالتجارب، وغنية بالرؤية التي كونتها، ولأنها كذلك كانت خلال الفترات العصيبة علاقة مستقرة وثابتة بالرغم من العواصف الشديدة(..)”.
من جانبه، اعتبر رئيسي، أن سوريا تجاوزت مصاعب كثيرة “نستطيع القول أنكم عبرتم واجتزتم كل هذه المشاكل وحققتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم”.
وشارك في المباحثات من جانب النظام، وزير الخارجية، فيصل المقداد، ووزير الاقتصاد، محمد سامر الخليل، ووزير الدفاع، علي محمود عباس.
ومن الجانب الإيراني، شارك وزير الخارجية، أمير حسين عبد اللهيان، ووزير الطرق وبناء المدن، مهرداد بذر باش، ووزير الدفاع، محمد رضا آشتياني، ووزير النفط، جواد أوجي.
ومن المقرر أن يجري الأسد ورئيسي مباحثات سياسية واقتصادية موسعة، يليها توقيع عدد من الاتفاقيات.
السفير الإيراني في دمشق، حسين أكبري، اعتبر زيارة رئيسي “احتفالًا بانتصار المقاومة، ودلالة على السياسة المبدئية لإيران في دعم الحكومة والشعب السوري”.
وعبر “تويتر“، قال أكبري “، نحن وقفنا في الجانب الصحيح من التاريخ، وانتصرنا معًا”.
ما معنى الزيارة؟
الباحث في الشأن الإيراني، مصطفى النعيمي، أوضح لعنب بلدي، أن الزيارة تأتي في إطار استثمار العائدات المادية بالدرجة الأولى، لسداد الديون المترتبة على النظام السوري لإيران.
إلى جانب ذلك، فما تزال إيران المتحكمة في الملفات السياسية والاقتصادية والعسكرية، وهو ما يفسر تزامنها مع مساعي التقارب السياسي مع النظام السوري، فاتجهت إيران للحديث عن ديونها على وقع هذه محاولات التقارب هذه في سبيل تشغيل الشركات الإيرانية واقتطاع جزء من الأموال لسداد الديون.
“زيارة رئيسي إلى دمشق تأتي في سياق الضغط على واشنطن وحلفائها ومن تصفهم طهران بالخصوم، لرفع الروح المعنوية والقتالية في صفوفهم”.مصطفى النعيمي- باحث في الشأن الإيراني |
وركز النعيمي على استثمار الزيارة لحالة التطبيع العربي مع النظام، لتثبيت موقفها في سوريا، سيما بعد اتفاقها مع السعودية على استئناف العلاقات السياسية بين البلدين، إثر قطيعة استمرت لسنوات، ومدى تأثير هذا الاتفاق على خفض التصعيد في المنطقة.
وخلال مقابلة أجراها عشية الزيارة، مع قناة “الميادين” المقربة من “محور المقاومة”، أكد الرئيس الإيراني ترسيخ علاقات إيران الاستراتيجية في سوريا.
وقال، إن “صمود سوريا غير المعادلات، نرحب بعودة العلاقات بين دمشق ودول عربية، وطهران لن تتوانى عن تقديم كل مساعدة لإعادة إعمار سوريا.
الديون قبل الزيارة
في 25 من نيسان الماضي، شارك وزير الاقتصاد في حكومة النظام، محمد سامر الخليل، في جلسة مباحثات فنية عقدتها اللجنة الاقتصادية السورية- الإيرانية، بمشاركة وزير الطرق الإيراني، وممثلين من الجانبين في قطاعات الاقتصاد والتجارة والإسكان والنفط والصناعة والكهرباء والنقل والتأمينات.
كما أكد حينها الوزير الإيراني تشكيل ثماني لجان تخصصية تُعنى الثامنة منها بمتابعة الديون والمستحقات، لإجراء تحقيق دقيق لحجم الديون، بعد اتفاقات سابقة تخص إعطاء أراضٍ كبديل لهذه الديون، وأشار وزير الطرق وبناء المدن الإيراني، مهرداد بذر باش، إلى أن الجانب الإيراني “يشعر بظروف سوريا، ولكن يوجد في إيران بعض القوانين يجب الإجابة عن أسئلتها”.
ومن المقترحات الاقتصادية التي أنتجتها اجتماعات اللجنة الاقتصادية، تأسيس بنك مشترك بين إيران وسوريا، والتعامل بالعملة الوطنية لكل طرف.
اقتصاد يوازي السياسة
خلال لقائه وزير الطرق وبناء المدن الإيراني، مهرداد بذر باش، في 27 من نيسان الماضي، اعتبر الأسد، أن ترجمة عمق العلاقة السياسية مع إيران إلى حالة مماثلة اقتصاديًا مسألة ضرورية، مشيرًا إلى أن الحكومتين يجب أن تستمرا في العمل عليها لتقويتها وزيادة نموها.
في تصريحات نقلتها صحيفة “الوطن” المقربة من النظام، في 1 من أيار، اعتبر السفير الإيراني في دمشق، أن الزيارة ستحقق “إنجازات” ليس فقط لطهران ودمشق، بل هي حدث يمكن أن تستفيد منه دول أخرى في المنطقة لم يسمِّها.
كما تشمل الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي ستوقّع مختلف أوجه التعاون، ولا سيما في مجالات الطاقة والكهرباء، إلى جانب مفاوضات مرتقبة حول خط ائتماني إيراني جديد لسوريا، لاستثماره في قطاع الكهرباء، ومناقشة إمكانية تقديم المساعدة في إصلاح محطات توليد طاقة كهربائية جديدة.
زيارتان للأسد
أجرى رئيس النظام السوري منذ بدء الثورة السورية في 2011 زيارتين لإيران، كان إبراهيم رئيسي رئيسًا في الثانية منها، إذ التقاه الأسد، في 8 من أيار 2022، مع مرشد “الثورة الإسلامية”، علي خامنئي، خلال زيارة رسمية أجراها إلى طهران.
وقال خامئني حينها، إن “العلاقة بين إيران وسوريا مصيرية، ولا يجب أن ندعها تضعف بل يجب تعزيزها قدر الإمكان”.
كما سبق هذه الزيارة أخرى جرت في تشرين الأول 2019، والتقى خلالها الأسد خامنئي، وقائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري” حينها، قاسم سليماني، والرئيس الإيراني حينها، حسن روحاني.