أصدرت إدارة معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا قرارًا قالت إنه “لتنظيم عمل مؤسسات النشر والطباعة” في سوريا، محددةً عددًا من الشروط لإدخال الصحف والمجلات إلى الشمال “المحرر”، ما اعتبرته الصحف “تعطيلًا” لتوزيع منشوراتها.
الإساءة إلى الدين ورموز الجهاد “خط أحمر”
ونص القرار، الصادر في 7 شباط الجاري، ونشره المعبر على قناته في “تلغرام”، على أنه يحق للعاملين في مهنة الطباعة والنشر إدخال منتجاتهم إلى سوريا وفق عدة شروط، أبرزها: “ألا يكون محتوى المواد مسيئًا للدين الإسلامي بأي شكل من الأشكال، وألا يخدش الحياء العام”.
ويمنع المعبر أن تحمل المواد “إساءة للرموز الجهادية الثورة العاملة الفاعلة في سوريا”، كما لا يسمح بإدخال المطبوعات التي “تروج لمواد مضرة بالصحة مثل التبغ والمخدرات”.
ويتيح القرار، الذي وقعه مدير المعبر ومكتبه الإعلامي دون التنسيق مع وسائل الإعلام، للإدارة منع إدخال المطبوعات إذا تجاوزت الشروط، أو إتلافها ومنعها نهائيًا في حالة “الإساءة للدين الإسلامي”.
وتركت إدارة المعبر الفرصة لـ “مخالفي نص القرار وتعليماته”، بالتظلم عند المحاكم الشرعية العاملة في المناطق المحررة.
المشكلة في “تفسير البنود والجهة المطبقة لها”
بدوره ردّ عبسي سميسم، رئيس تحرير جريدة صدى الشام، وعضو الشبكة السورية للإعلام المطبوع، على القرار بأنه “معطلٌ أكثر منه ناظمًا للعمل”، معتبرًا أن الأصل في التنظيم هو “السماح وليس وضع شروطٍ للمنع”.
وانتقد سميسم الشروط بحد ذاتها، متسائلًا “من هي الرموز الثورية، وكيف يمنع التعرض لها، هل هي منزلة وإذا غلطت لا يجوز تناولها بالنقد؟”.
والأهم، من وجهة نظر سميسم، هو آلية تفسير هذه البنود، والتي تعود غالبًا لمزاج شخص غير خبير، وبالتالي يمكن تفسير أي مادة على أنها مسيئة للإسلام أو لرمز ثوري.
وحول “التظلم” للمحاكم الشرعية، قال سميسم إن ذلك “ممكن نظريًا، لكن من خلال التجربة المحاكم الشرعية غالبًا تتعاطف مع قرارات إدارة المعبر، لأن لها نفس التبيعة”، مشيرًا إلى توافق بين المحاكم والمعبر حول الإعلام باعتباره “دخيلًا من الخارج”.
“اعتداء على اختصاص الغير”
الصحفي السوري مصطفى السيد استنكر قرار المعبر، ووصفه بـ “الاعتداء على اختصاص الغير”، معتبرًا أن عملية تنظيم شؤون الصحافة والنشر ليست من أعمال إدارة الجمارك، وأن مهمة المعابر هي تسهيل مرور الأشخاص والشحنات والطرود، بما فيها الصحف والمطبوعات، وأن قرارات المنع والمصادرة لا تصدر إلا من جهات مختصة.
ومنعت إدارة المعبر في وقت سابق وسائل إعلام محلية سورية من إدخال مطبوعاتها إلى المناطق “المحررة”، بعدما نشرت موادًا نقديةً للفصائل المقاتلة، واعتبرت أن ذلك “يعتمد على قواعد الإعلام الدولي”، بحسب بيان صادرٍ عنها نشر في العدد 183 من عنب بلدي.
لكن وسائل الإعلام المحلية تعتبر هذا السلوك تضييقًا على حرية الصحافة، ووقعت، إلى جانب عددٍ من منظمات حقوق الإنسان ومنظمات حرية الإعلام والتعبير، بيانًا مشتركًا ضد منع حرية الإعلام والرأي في هذه المناطق.
ويأتي قرار المعبر حول شروط دخول الصحف إلى الشمال السوري بالتزامن مع تقدم متسارع لقوات النظام في محافظة اللاذقية ومحيط مدينة حلب، وتراجع قوى المعارضة المسلحة على الأرض، وظهور بوادر الاقتتال الداخلي فيما بينها، وكان آخرها صدام مباشر بين حركة أحرار الشام وجبهة النصرة في مدينتي سلفين وحارم الحدوديتين، خلّف جرحى وقتلى، في كانون الثاني الماضي.