ما وراء إعلان النظام ضبط أسلحة في درعا

  • 2023/05/02
  • 2:08 م
أسلحة وذخائر قالت وسائل إعلام النظام السوري إن قوات النظام ضبطتها في درعا من مخلفات تنظيم "الدولة الإسلامية"- 29 من نيسان 2023 (سانا)

أسلحة وذخائر قالت وسائل إعلام النظام السوري إن قوات النظام ضبطتها في درعا من مخلفات تنظيم "الدولة الإسلامية"- 29 من نيسان 2023 (سانا)

تكرر إعلان قوات النظام السوري عن ضبط مستودعات أسلحة جنوبي سوريا، واحتفاء بالعثور عليها من وسائل إعلام رسمية وموالية، بعد مواجهات ومداهمة لأماكن وجود تنظيم “الدولة الإسلامية” حسب قولها، في منطقة شهدت “تسويات” وسحب أسلحة من مقاتلي المعارضة.

ولم يتضمن الإعلان عن تلك الأسلحة مؤخرًا تحديدًا دقيقًا للمكان، ولا لعددها، ويقتصر على أنها في ريفي درعا الغربي والشرقي، في حالة اعتبرها محللون ومقاتلون سابقون في فصائل المعارضة “بروباغندا” للنظام، يروّج من خلالها لنفسه بأنه حاضر، ويرسل بها رسائل للخارج.

إعلان عن ضبط أسلحة، سبقه بأيام تحشيد النظام لقواته في مناطق من درعا، وحديث عبر مجموعات محلية في “واتساب” عن “تسويات” جديدة للمطلوبين.

ضبط أسلحة

في 29 من نيسان الماضي، نشرت قناة “الإخبارية السورية” تسجيلًا مصوّرًا قالت فيه إنها ضبطت كميات كبيرة من الأسلحة، من مخلّفات تنظيم “الدولة الإسلامية”، ضمن “عمليات المتابعة والبحث والتمشيط”، في ريفي درعا الغربي والشرقي.

وضمت الأسلحة المُعلن عنها بنادق آلية بكميات كبيرة، وقواذف “RPG”، ورشاشات من نوع “م.د” و”12.7″، و”PKS”، وصواريخ غربية الصنع، وذخيرة بأنواعها، وقنابل يدوية مختلفة.

عنب بلدي تواصلت مع قياديين سابقين في فصائل المعارضة، ومقاتلين محليين في المنطقة، ونفوا أن تخرج كميات كهذه وفق ما يعلن عنه النظام.

وذكروا أن أحدث عمليات قوات النظام في المنطقة كانت هجمات “خاطفة وسريعة”، واستهدفت أشخاصًا متهمين بالانتماء إلى تنظيم “الدولة” في بلدة اليادودة بريف درعا الغربي، في تموز 2022.

وفي 29 من كانون الأول 2022، نشرت وكالة “سبوتنيك” الروسية تسجيلًا مصوّرًا، عرض كميات من الأسلحة، قالت الوكالة إن قوات النظام ضبطتها خلال تمشيط إحدى المناطق التي كان يسيطر عليها تنظيم “الدولة” في ريف درعا الغربي.

ومنذ “التسوية” في تموز 2018، حرصت قوات النظام على الإعلان عن ضبط مستودعات في منطقة الجيدور ونصيب وريف درعا الغربي، بوتيرة متفاوتة.

النظام بعيد عن قتال التنظيم

في الوقت الذي يعلن فيه النظام عن ضبط أسلحة ومداهمة أماكن وخلايا لتنظيم “الدولة” في درعا، شهدت المنطقة خلال الأشهر الماضية مواجهات بين مقاتلين محليين وخلايا تتبع للتنظيم.

وشهدت مدينة جاسم بريف درعا الشمالي، في تشرين الأول 2022، مواجهات بين مقاتلين محليين وخلايا تتبع لتنظيم “الدولة” تحصنت في المدينة، واستطاعت الفصائل السيطرة على المدينة خلال 15 يومًا بعد مؤازرة من مقاتلين في ريف درعا الغربي، ومن قوات “اللواء الثامن” المدعوم روسيًا سابقًا والمنضم شكليًا لـ”الأمن العسكري”.

وتواصلت عنب بلدي حينها مع قياديين في “اللواء الثامن”، ونفوا بدورهم أن تكون مشاركتهم بموافقة أو دعم من النظام السوري، إنما اعتبروها “واجب فزعة لثوار درعا”.

وقتلت الفصائل المحلية 45 شخصًا من خلايا التنظيم، بينهم 15 قياديًا، وعثر المقاتلون المحليون على سلاح فردي، وذخيرة، وعبوات متفجرة.

ونفي قيادي محلي في مدينة جاسم (طلب عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية) أن تكون الفصائل سلمت أي قطعة سلاح للنظام السوري.

وفي 30 من تشرين الثاني 2022، أعلنت القيادة المركزية الأمريكية عن مقتل زعيم تنظيم “الدولة الإسلامية” الملقب بـ”أبو الحسن القرشي” على يد “الجيش الحر” في درعا.

وبعد نحو شهر على مواجهات مدينة جاسم، شهدت مدينة درعا البلد أقصى جنوبي سوريا مواجهات مشابهة مع خلايا تُتهم بالانتماء لتنظيم “الدولة”، وانتهت بسيطرة المقاتلين المحليين على حي طريق السد.

وقال قيادي شارك في هذه المعركة لعنب بلدي، إن الفصائل لم تعثر على كميات كبيرة من السلاح، ولم تسلمها للنظام.

وقال القيادي السابق في فصائل المعارضة الملازم ناجي المجاريش، لعنب بلدي، إن تنظيم “الدولة” يعتمد على تخزين كميات قليلة من الأسلحة والذخيرة بمستودعات متفرقة، ولا يمكن أن تكون لديه هذه الكميات.

وأضاف المجاريش أن السلاح المعروض جديد، مرجحًا أن يكون من السلاح المسلّم للنظام في “تسوية” تموز 2018، وأن “النظام يكذب”، إذ لم تحدث عمليات عسكرية خلال الفترة الماضية تمكنه من ضبط كل هذه الأسلحة.

وحول معارك جاسم ودرعا البلد قال المجاريش، إن النظام لم يشارك رغم ادعائه ذلك، إذ رفضت الفصائل مشاركته أو حتى مشاركة فصائل تابعة له.

أسلحة قالت وسائل إعلام النظام السوري إن قوات النظام ضبطتها في درعا من مخلفات تنظيم “الدولة الإسلامية”- 29 من نيسان 2023 (سانا)

تحشيد يمهد.. “تسوية” ورسائل

قبل يومين من التسجيل المصوّر لعرض الأسلحة، أحدثت قوات النظام نقطتين عسكريتين شرقي بلدة اليادودة، بعد مرور أشهر على انتهاء آخر الأعمال العسكرية في المنطقة.

وأفاد مراسل عنب بلدي في درعا، أن خمسة مضادات أرضية وعشرات العناصر ثبتوا نقاطًا عسكرية بمناطق زراعية غربي محافظة درعا، في 27 من نيسان الماضي.

ورصدت عنب بلدي منذ منتصف نيسان الماضي، عبر مجموعات إخبارية محلية في تطبيق “واتساب”، دعوات من قبل مسؤولين بحزب “البعث” في بعض المناطق لإجراء “تسويات أمنية” جديدة للمطلوبين.

الباحث السياسي المنحدر من محافظة درعا حسام البرم، قال لعنب بلدي، إن التغطية الإعلامية لعمليات ضبط أسلحة في هذا التوقيت، تحمل عدة أهداف ورسائل للداخل والخارج.

واعتبر البرم أن النظام يسعى داخليًا للحصول على شرعنة وضوء أخضر من الروس على حملة عسكرية مقبلة لدخول المنطقة، لافتًا إلى أن وجود التنظيم ذريعة مقنعة وكافية لكسب هذه الموافقة.

وربط البرم الإعلان عن ضبط الأسلحة بتحشيد عسكري لقوات النظام مؤخرًا، ومحاصرة بعض المناطق والحديث عن “تسويات” جديدة، بضبط المنطقة وتصفية ما تبقى من “ثوار وعناصر يقلقون راحته”، وإبعاد شبح الهجوم والاغتيالات عن عناصره وأذرعه من مقاتلين وحزبيين ووجهاء.

ويرى البرم أن الإعلان يحمل أهدافًا استراتيجية للنظام السوري، خاصة مع انفتاح دول عربية معه، وهو رسالة للدول العربية ولإسرائيل، مفادها أنه يحارب تنظيم “الدولة” بمناطق حدودية لا يتوقعونها.

ويتزامن الإعلان عن ضبط أسلحة مع حديث عن مبادرة عربية لإيجاد حل سياسي في سوريا، حرّكتها اجتماعات عربية مغلقة، وانضمام دول عربية أخرى إلى ركب “المطبّعين” مع النظام، أبرزها السعودية.

أسلحة وذخائر قالت وسائل إعلام النظام السوري إن قوات النظام ضبطتها في درعا من مخلفات تنظيم “الدولة الإسلامية”- 29 من نيسان 2023 (سانا)

“تسويات” واعتقال لجمع السلاح

يعتبر تسليم السلاح الثقيل والمتوسط أحد أبرز شروط “التسوية” برعاية روسية في تموز 2018، وقد سلمت الفصائل سلاحها من دبابات وعربات وسلاح متوسط، واحتفظ بعضها بالسلاح الخفيف.

وسلّم “اللواء الثامن” (“شباب السنة” سابقًا) سلاحه الثقيل، واحتفظ بسلاحه المتوسط من مضادات أرضية وصواريخ وبالسلاح الخفيف.

وعملت قوات النظام على تبادل بعض المعتقلين من أبناء درعا بعدد من قطع السلاح الخفيف التي وصلت في بعض الأحيان إلى 20 قطعة.

وقال قيادي سابق في فصيل معارض، إن سياسة النظام في استغلال عاطفة السكان استجرت مئات القطع من السلاح الخفيف مقابل الإفراج عن ذويهم.

ومن الأساليب التي حرص النظام من خلالها على سحب السلاح، اشتراطه تسليم قطعة سلاح خفيف لكل عنصر يريد الالتحاق بـ”الفرقة الرابعة”، التي ضمت ما يقارب ثلاثة آلاف عنصر من المنطقة الجنوبية.

وفي تشرين الأول 2021، أجرت قوات النظام “تسوية شاملة” لجميع مناطق محافظة درعا، تسلّمت من خلالها آلاف قطع السلاح.

 

شارك في إعداد التقرير مراسل عنب بلدي في درعا حليم محمد

مقالات متعلقة

سوريا

المزيد من سوريا