حوادث السير تعكر صفو العيد شمالي سوريا.. 350 حادثًا منذ 2023
لم تمر فترة عيد الفطر على الشاب سليم، دون أن تتعكر أجواء الفرح، بعد حادث سير أليم تعرض له على طريق باب الهوى، في أثناء عودته من مكان عمله في مدينة الدانا إلى منزله في إدلب، ما أدى لتعرضه لإصابات في أضلاع الصدر والكتف.
حالة سليم الذي يعمل في أحد المولات التجارية، واحدة من عشرات الحالات التي طالتها حوادث السير في مدن وبلدات شمال غربي سوريا، وارتفعت وتيرتها خلال أيام عيد الفطر وما بعده، مسفرة عن خسائر في الأرواح وأضرار في الممتلكات.
يروون حوادثهم
وقال سليم الصديق (35 عامًا) لعنب بلدي، إنه أنهى عمله صبيحة يوم عيد الفطر الموافق لـ21 من نيسان الحالي، ثم انطلق على دراجته النارية باتجاه منزله في مدينة إدلب ليعيش أجواء العيد من عائلته.
قبل قرية كفريحمول، صدمت سيارة مسرعة الشاب من الجهة الخلفية للدراجة النارية، حين كانت تحاول تجاوزه، وأسقطته على التراب جانب الطريق.
غاب الشاب عن الوعي لفترة، واستيقظ في المستشفى وهو يعاني من صعوبة في التنفس وكسور في أضلاع الصدر والكتف الأيمن.
بشار عبد الفتاح (27 عامًا) مهجر من ريف دمشق يقيم في مدينة إدلب، تعرّض لحادث سير على طريق باب الهوى، في المنطقة الواقعة بين مدينة إدلب ومعرة مصرين، حين كان متوجهًا لزيارة عائلة خطيبته ثاني أيام عيد الفطر، للتهنئة والاتفاق معهم على موعد الزواج.
وقال بشار لعنب بلدي إن سرعة السيارات على طريق باب الهوى فترة الأعياد “جنونية”، لافتًا إلى أن كثيرًا من السائقين صغار في السن، ويتباهون بقيادتهم بسرعة كبيرة، ومنهم يفقد السيطرة على المقود، ما يؤدي إلى حوادث أليمة تضر بهم وبالآخرين.
أوضح الشاب، أنه لم يتعرض لإصابات بالغة جراء الحادث، واقتصرت الأضرار على الماديات، إذ تعرضت سيارته لأضرار كبيرة، واضطر لتأجيل موعد الزواج لفترة.
من جانبه محمد مهان (52 عامًا)، يعمل سائق نقل أشخاص (سرفيس) على طريق سرمدا شمالي إدلب، قال إن هناك قلة وعي لدى عدد كبير من السائقين، وإنهم “يستهترون بحياتهم وحياة من حولهم حين يقودون السيارة بطريقة رعناء”.
وأضاف السائق لعنب بلدي، أن عدم أهلية الطرقات الكافية وكثرة المفارق على الطرقات، تجعل من حوادث السير سببًا مباشرًا للوفاة.
وذكر السائق أن نسبة كبيرة ممن يقودون السيارات والدراجات النارية، لم يتلقوا تدريبات متخصصة واختبارات كافية لتأهيلهم على القيادة، ما يوجب على السائقين اليقظة الدائمة والحيطة والحذر الزائد من أي طارئ قد يحدث فجأة.
حوادث السير تلاحق الأرواح
أشارت إحصائيات “الدفاع المدني السوري” لحوادث السير التي استجابت لها فرقه خلال فترة عيد الفطر، إلى ارتفاع وتيرتها، مرجعًا الأسباب بالدرجة الأولى إلى السرعة الزائدة.
مدير المديرية الأولى في “الدفاع المدني السوري”، حسن الحسان، قال في تصريح لعنب بلدي، إن متطوعي “الدفاع” استجابوا خلال الأيام القليلة الماضية لحوادث تسببت بوفاة طفل وإصابة 36 مدنيًا، بينهم 25 طفلًا وثلاث نساء.
وأوضح الحسان أن معظم الحوادث كانت بسبب السرعة الزائدة، وعدم الالتزام بالقواعد المرورية، وكانت الحصيلة الأكبر لضحايا الحوادث في 24 من نيسان.
وتوفي في اليوم نفسه، طفل وأصيب اثنان آخران بحادث سير وقع على طريق الأتارب- كفر كرمين غربي حلب، وأصيب 19 مدنيًا بينهم 13 طفلًا وامرأتان في أربعة حوادث سير منفصلة بريف إدلب.
وقال الحسان إن فرق “الدفاع المدني السوري”، استجابت منذ بداية العام الحالي، وحتى 25 من نيسان، لـ350 حادث سير في عموم مناطق شمال غربي سوريا.
وأدت تلك الحوادث إلى وفاة أربعة رجال وإصابة 277 مدنيًا بينهم 82 طفلًا و28 امرأة، وكانت النسبة الأكبر في شهر كانون الثاني الماضي، بأكثر من 111 حادث سير.
ولفت المدير إلى أن أسبابًا كثيرة لهذه الحوادث، أولها السرعة، وعدم التقيد بالأولويات المرورية، ورداءة الطرقات، وقيادة الأطفال للسيارات والدراجات النارية، وعدم التقيد بإجراءات السلامة وقوانين المرور.
وأضاف إلى قائمة الأسباب، عدم التأكد من الحالة الفنية للمركبات (المكابح والمصابيح والإطارات) وفحصها بشكل دوري، والازدحام السكاني في مناطق شمال غربي سوريا والذي تسبب به حملات التهجير من مناطق سيطرة النظام.
جهود وتوصيات
تعمل فرق “الدفاع المدني” خلال برامج “الصمود المجتمعي”، على إصلاح الطرقات وإغلاق الحفر فيها، وترميم الدوارات والمنصفات، وتجهيز الطرقات في المناطق والمخيمات في محاولة للتخفيف من حوادث السير، وتخفيف المعاناة أثناء التنقلات، وفق الحسان.
كما تعمل فرق التوعية بشكل دائم على نشر رسائل التوعية بين المدنيين حول السلامة المرورية، بالإضافة إلى تركيب الشاخصات المرورية في العديد من الطرقات بمناطق شمال غربي سوريا، وعند مفارق الطرق والمنعطفات الخطرة للتقليل من حوادث السير وأضرارها.
وأوصى فريق “الدفاع المدني” الالتزام بإجراءات السلامة المرورية وقوانين المرور، وتفعيل قوانين ضابطة للسير، وإصلاح البنية التحتية المدمرة بمناطق شمال غربي سوريا جراء حرب النظام وروسيا المستمرة لأكثر من 12 عامًا، والتي زادها الزلزال الأخير، معتبرًا أنها عوامل مهمة ومتكاملة للحد من حوادث السير.
وتترافق جهود “الدفاع المدني” مع نشاط دوريات لشرطة المرور والشرطة المدنية في مناطق الشمال السوري، والتي تنظم حركة السير، وتخفف من الازدحام المروري، لكن ذلك لا يمنع وقوع الحوادث.
وسبق أن أطلق “الدفاع المدني”، سواء بشكل منفرد أو بالتعاون مع فعاليات محلية، مبادرات عديدة لتركيب شاخصات مرورية على العديد من الطرقات شمال غربي سوريا، بهدف تعريف السائقين بالسرعات المحددة على الطرقات، وأماكن وجود ممرات المشاة، للحد من حوادث السير.
كما أصدرت حكومة “الإنقاذ” العاملة في إدلب، قرارًا بترخيص 15 مدرسة متخصصة بتعليم قيادة المركبات، نظرًا إلى كثرة الحوادث الناجمة عن قيادة المبتدئين، ومنعت التدريب العشوائي داخل المدن أو على الطرق، حسب نص القرار الصادر في 24 من كانون الأول 2022.
اقرأ أيضًا: لا إجراءات تمنع الموت على طرقات الشمال السوري
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :