أصدر “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير” تقريرًا حول تجنيد “مرتزقة” سوريين من قبل روسيا وتركيا في عديد من مناطق النزاعات.
وبحسب التقرير المنشور الاثنين 24 من نيسان، بعنوان “جيوش الظل”، تلعب روسيا وتركيا، إلى جانب الشركات الأمنية والعسكرية الخاصة الفاعلة بعلم الدولتين، الدور الأبرز في عمليات تجنيد السوريين للقتال في مناطق النزاع خارج حدود بلادهم.
وفي حين يمكن أن يكون عديد من المقاتلين السوريين ضمن فئة “المرتزقة” من الناحية التقنية، لا يزال هناك قدر غير كافٍ من المعلومات حول ظروف تجنيدهم لتعميم مصطلح “المرتزقة” عليهم، ما دفع التقرير لاستخدام مصطلح “المقاتلين الأجانب” في بعض الحالات.
التجنيد في ليبيا
سهلت روسيا وتركيا والشركات الأمنية والعسكرية الخاصة المرتبطة بهما نقل نحو 20 ألف “مقاتل أجنبي”، بينهم سوريون، للقتال إلى جانب أطراف النزاع في ليبيا منذ عام 2016.
ورغم مشاركة الدولتين باتفاقية وقف إطلاق النار وانسحاب المقاتلين الأجانب خلال 90 يومًا، لا يوجد انسحاب فعلي للمقاتلين السوريين من ليبيا، كما أن تركيا نقلت 300 مقاتل جديد في نيسان 2021 إلى هناك.
في تقريرها الصادر في تشرين الأول 2021، قالت بعثة تقصي الحقائق في ليبيا، إن المقاتلين السوريين الأجانب يشاركون في عمليات قتالية لدعم حكومة “الوفاق الوطني”، مشيرة إلى أن مواطنين أتراكًا أسهموا بشكل فعال بنشرهم في ليبيا.
ومنذ بدء تجنيد المقاتلين السوريين في نهاية عام 2019، اعتمدت تركيا بشكل أساسي على “الجيش الوطني” المدعوم من قبلها في عمليات التجنيد، وفق التقرير.
وتوسعت عمليات التجنيد خارج “الجيش الوطني” في العام الثاني من التدخل التركي في ليبيا، إذ نقلت تركيا أشخاصًا سوريين غير منتسبين إلى جماعة مسلحة منظمة إلى ليبيا للمشاركة في القتال.
وفي حين نفى أحد قادة فصائل “الجيش الوطني” وجود مقاتلين منهم في ليبيا، ورفض قائد آخر الرد على اتصالات “المركز السوري”، أقر المسؤول الإعلامي في “فرقة المعتصم” المنضوية في “الفيلق الثاني” بـ”الجيش الوطني” بوجود مقاتلين منهم “سابقًا” في ليبيا.
وبالاستناد إلى المقابلات التي أجراها المركز مع مقاتلين سابقين شاركوا بالعمليات القتالية في ليبيا، خلص التقرير إلى أن الحوافز المالية التي وُعد بها المقاتلون كانت الدافع الأكبر لسفرهم إلى ليبيا.
ووفقًا لمقاتلين سابقين قابلهم المركز، تفوّض السلطات التركية معظم عمليات تجنيد وتسجيل المقاتلين الراغبين بالسفر إلى ليبيا لـ”الجيش الوطني”، ولا توقع أي عقود مكتوبة مع هؤلاء المقاتلين.
من جهتها، أجرت الشرطة العسكرية الروسية عمليات تجنيد مباشرة في درعا وأجزاء من الجنوب السوري، بينما أجرى وسطاء محليون، بينهم المخابرات السورية، عملية تجنيد بالتعاون مع مجموعة “فاغنر” لإرسال المقاتلين إلى ليبيا.
وبحسب ما توصل إليه المركز، عُرض على بعض المجندين الاختيار بين عقد لمدة ثلاثة أشهر لحراسة المنشآت العسكرية الروسية في ليبيا مقابل 1000 دولار شهريًا، أو عقد لمدة عام مقابل 2000 دولار شهريًا، وتُحسب فترة بقائهم في ليبيا من مدة الخدمة الإجبارية.
في المقابل، اكتشف المقاتلون بعد وصولهم إلى ليبيا أن عقودهم لا تتفق مع المهام المطلوبة منهم، إذ طُلب منهم القتال إلى جانب قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، ما دفع بعضهم للعودة إلى سوريا.
مجندون بمعارك “كاراباخ”
شاركت تركيا من خلال “الجيش الوطني” بعمليات تجنيد لمقاتلين سوريين للقتال ضد أرمينيا، ونُقلوا إلى منطقة النزاع بطائرات عسكرية تركية، بحسب التقرير.
وتبادلت أذربيجان وأرمينيا خلال الحرب الاتهامات حول مشاركة مقاتلين سوريين في المعارك الدائرة بإقليم “كاراباخ”.
كما جنّدت روسيا مقاتلين سوريين لدعم القوات الأرمينية في النزاع بالتواطؤ مع النظام السوري، وتركزت عمليات التجنيد في حمص ودير الزور.
ونقلت القوات الجوية الروسية والشرطة العسكرية المقاتلين مباشرة من سوريا إلى منطقة النزاع، ونقلت طائرات عسكرية روسية بعض المقاتلين من سوريا عبر قاعدة “حميميم”، بينما نُقل آخرون من مطار “دمشق” الدولي بطائرات “أجنحة الشام”.
من جانب آخر، أشار التقرير إلى وجود عمليات تجنيد في مناطق أخرى، بينها أوكرانيا وأفغانستان، لكن ظروف التجنيد وتفاصيل تلك العمليات غير واضحة بالشكل الكافي.
وخلال المعارك بإقليم “كاراباخ”، نعى عديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي سوريين شاركوا في المعارك الدائرة بين أذربيجان وأرمينيا.
انتهاك للمعاهدات الدولية
تُجرم اتفاقيتان دوليتان “المرتزقة” وهما: “الاتفاقية الدولية لمناهضة تجنيد المرتزقة”، و”اتفاقية منظمة الوحدة الإفريقية للقضاء على المرتزقة في إفريقيا”، التي صدّقت عليها ليبيا في عام 2000.
ويعرّف القانون الدولي الإنساني “المرتزق” على أنه شخص جرى تجنيده محليًا أو في الخارج ليقاتل في نزاع مسلح ويشارك بالأعمال العدائية للحصول على تعويض مالي أو تحقيق مكاسب شخصية، وهو ليس من رعايا أحد أطراف النزاع ولا متوطنًا في إقليم يسيطر عليه أحد أطراف النزاع، كما أنه ليس موفدًا بمهمة رسمية من قبل دولة ليست طرفًا بالنزاع.
وبناء على ذلك، تضمن التقرير توصيات إلى مختلف الأطراف المعنية بقضية تجنيد “مرتزقة” من سوريا، بينها روسيا وتركيا والنظام السوري بالإضافة إلى المجتمع الدولي للحد من هذه الظاهرة.
وفي تقارير سابقة، حصلت عنب بلدي على شهادات محلية تؤكد وجود عمليات تجنيد من قبل روسيا من مختلف مناطق سيطرة النظام السوري لإرسال المقاتلين إلى ليبيا.
كما سلّطت الضوء على ملف مشاركة السوريين بالقتال في ليبيا عبر تحقيق حمل عنوان “خيوط اللعبة بيد موسكو وأنقرة.. سوريون على طرفي الصراع في ليبيا”.
–