أملًا في تحقيق دخل مادي يحسن به أوضاعه المعيشية، استأجر علي الديري حصانًا من أحد الفلاحين في قرية ملس غربي إدلب، وزيّنه وجهزه بهدف تأجيره للأطفال الراغبين بتعلم ركوب الخيل والتقاط الصور وسط مدينة إدلب.
وقال علي أحمد الديري (45 عامًا)، وهو مواطن من قرية ملس، إنه متوقف عن عمله في الإنشاءات منذ حدوث الزلزال، لذلك حاول استغلال المناسبات لتحقيق مدخول “ولو كان بسيطًا”، بعدما عمل في رمضان على “بسطة” للمشروبات الرمضانية.
وتنتشر حالة تأجير الأحصنة والحمير والبغال للأطفال، من أجل ركوبها والتجول عليها ضمن شوارع في مدينة إدلب، مقابل ليرات تركية كوسيلة ترفيه ولعب، لكنها لا تخلو من بعض المخاطر.
مصدر دخل
يفضّل الشاب العمل في استئجار حصان وتأجيره للأطفال، أكثر من وضع إحدى ألعاب العيد مثل الأراجيح وغيرها، بسبب إمكانية التنقل بين أحياء المدينة بحثًا عن الراغبين بركوب الحصان، بدل الوقوف والانتظار في مكان واحد، على حد قوله.
وأوضح علي لعنب بلدي أن الأولاد في المدينة لم يألفوا هذه الدواب كالأحصنة والبغال والحمير، لذلك يقبلون على استئجارها بخلاف أبناء القرى، الذين اعتادوا ركوب هذه الحيوانات والتعامل معها، لافتًا إلى عدم إمكانية تحقيق أرباح من تأجير الحيوانات في الأرياف فترة الأعياد، لذلك قصد مدينة إدلب.
استأجر الشاب حصانًا مقابل ألف ليرة تركية خلال أيام عيد الفطر الثلاثة، وتكفل بعلفه الذي تصل تكلفته إلى 100 ليرة يوميًا، وتكفل بتعويض بأي أضرار قد تصيب الحصان، أملًا بتحقيق دخل جيد يغطي هذه التكاليف، ويؤمّن مبلغًا بسيطًا له ولأسرته.
مجيد الصبحي (39 عامًا) يعمل فلاحًا، ويقيم في بلدة أرمناز بريف إدلب الغربي، قال إن أنواع الدواب التي يرغب الأولاد بركوبها في مدينة إدلب متعددة، فهناك الأحصنة الهجينة (الكدش) والبغال والحمير.
ويفضّل كثيرون امتطاء الأحصنة على غيرها، وذلك لسرعتها وارتفاعها عن الأرض، وتصل تكلفة ركوبها إلى خمس ليرات تركية مقابل 100 متر تقريبًا، أو 140 ليرة تركية في الساعة، بينما يفضّل الأولاد الصغار ركوب الحمير لبطئها وقصرها، وانخفاض تكلفة ركوبها التي تبلغ نصف أجرة ركوب الحصان.
وأضاف مجيد، الذي يملك حصانًا وأتى به لمدينة إدلب بحثًا عن الرزق، أن أعمار المقبلين على ركوب الأحصنة متعددة، أغلبهم من الأطفال الصغار، وبعضهم شباب، كما تتعدد الغايات، فمنهم من يرغب بتعلم ركوب الخيل ومنهم من يقصد التقاط الصور فقط.
وأوضح الفلاح، خلال حديثه لعنب بلدي، أنه يتأكد من إمكانيات الراغب قبل تأجيره، فمنهم متمكن ومنهم من لا يعرف كيفية ركوب الحصان، لافتًا إلى حرصه الشديد على سلامة الأطفال وعدم وقوعهم من ظهر الحصان.
إقبال كبير.. بديل للأراجيح
باتت خيارات أماكن الترفيه بالنسبة للأعياد الشعبية في مدينة إدلب ضيقة خلال السنوات الماضية، على خلاف القرى والأرياف، وخاصة فيما يتعلق بأماكن ترفيه الأطفال، إذ صارت مكلفة ومرهقة للأهالي الذين بحثوا عن وسائل أخرى لترفيه أطفالهم فترة العيد، معتبرين أن ركوب الأحصنة حل مناسب.
مالك الجدوع (35 عامًا) مهجر يقيم في إدلب وأب لطفلين، قال لعنب بلدي، إن الألعاب في الساحات العامة تكاد تكون اختفت بين الأحياء في مدينة إدلب، ولم يبقَ متنفس للأطفال سوى الملاهي المنتشرة على أطراف المدينة، لافتًا إلى أن هذه الملاهي مكلفة وباهظة جدًا.
وأضاف مالك أن الأطفال يرغبون بتجربة كل شيء جديد عليهم، ومن لحظة رؤيتهم لأطفال آخرين يركبون الأحصنة، طالبوا بالسماح لهم بتجربة ركوبها، ملتقطًا لهم بعض الصور لتبقى ذكرى لهم.
من جانبه، قال عبدو كروم (17 عامًا) لعنب بلدي، إنه ينتظر فترة الأعياد من أجل أن يركب على الحصان، لتعلقه بركوب الخيل وحبه الشديد لها، منذ أن جربها عندما كان عمره تسع سنوات، لافتًا إلى أنه ينتقي الحصان الذي يراه مناسبًا.
وبحسب عبدو، فإن الشباب في الشمال السوري حُرموا من ركوب الخيل لقلة وجود أندية فروسية لتعليمها.
حوادث ومخاطر
وسيلة ترفيه ولعب لا تخلو من المخاطر التي يتجلى أبرزها في حوادث السقوط من على ظهر الدواب، سواء بانشغال السائس أحيانًا بين الانتباه للطفل وبين إبعاد بقية الأطفال عن الحصان، وكذلك الأهل الذين ينشغلون بالتقاط الصور عن مراقبة أطفالهم.
ويتجمع الأطفال حول الأحصنة، ومنهم من يركض أمام الحصان خلال مشيه في الأحياء، ما يهدد الأطفال بالدهس من قبل الحصان، كما أن بعض الأطفال قد يقعون من ظهر الحصان ما يسبب لهم كسورًا وإصابات بالغة.
محمد الصابر (38 عامًا) مهجر يقيم في مدينة إدلب، وقع ابنه (عشر سنوات) من ظهر الحصان، ما أدى إلى كسر في يد الطفل وجروح بسيطة، نغّصت على العائلة فرحة العيد.
وأرجع والد الطفل سبب وقوع ابنه إلى أن أطفالًا أطلقوا حبّات “الخرز” من بنادق بلاستيكية على الحصان، الذي تحرّك بشكل مفاجئ ما أدى إلى وقوع ابنه على جانبه الأيمن.
وبعد إسعاف الطفل لأحد المستشفيات، تبين أن ساعده مكسور وطال جسده بعض الرضوض.
حل عيد الفطر هذا العام في 21 من نيسان الحالي، وسط معاناة السوريين من وضع اقتصادي ومعيشي متردٍّ، فاقمته كارثة الزلزال الأخير، الذي أفقد الآلاف منهم أعمالهم، وأجبر مئات العائلات في مختلف المحافظات على اللجوء إلى مراكز الإيواء المؤقتة، حيث تغيب كثير من المتطلبات المعيشية الأساسية، أبرزها الخصوصية والنظافة.
وحرمت الظروف المعيشية معظم العائلات في مختلف مناطق سوريا من عيش طقوس العيد كما اعتادوها، من شراء حلويات، وملابس للأطفال، وزيارة الأقارب.
اقرأ أيضًا: غاب الحلو وحضر البرغل.. ما تحضيرات السوريين لعيد الفطر
–