كشف تحقيق لصحيفة “الجارديان” عن وجود علاقات بين “الفرقة الرابعة” وعمليات الاستيلاء على منازل اللاجئين الذين فرّوا من مناطق سيطرة النظام خوفًا من الملاحقات الأمنية.
وأفاد التحقيق الصادر اليوم، الاثنين 24 من نيسان، أن استخدام الوثائق المزوّرة واستغلال المحاكم الرسمية من أبرز الطرق المستخدَمة من قبل الشبكات “الفاسدة” التي تستفيد من فوضى الحرب لتجريد اللاجئين من ممتلكاتهم.
ورغم غياب البيانات التي توضح عدد حالات الاستيلاء على الممتلكات في سوريا، قال المحامي عبد الناصر حوشان للصحيفة، إنه وثّق 125 حالة لمنازل مسروقة في دمشق وحدها في النصف الأول من عام 2022.
وأضاف حوشان أن تحقيقاته كشفت عن 20 شبكة “فاسدة” في مدن أخرى خارج دمشق، ويقدّر عدد أعضاء هذه الشبكات بـ50 عضوًا، بينهم محامون وقضاة ومسؤولون عسكريون.
وحمّل حوشان مسؤولية عمليات الاستيلاء على الممتلكات لـ”الفرقة الرابعة” التي لديها شراكة واضحة مع شبكات الاحتيال.
ونقلت الصحيفة عن لاجئ سوري يدعى عبد الله كان ضحية عمليات الاستيلاء على البيوت، أن قريبًا له ادعى “زورًا” أنه اشترى البيت ودفع ثمنه، وكان على استعداد لمراجعة المحاكم الرسمية لإثبات ذلك، بينما اشتكى عبد الله من عجزه عن العودة إلى منزله للمرافعة في قضيته.
وأضاف عبد الله أن سرقة المنزل تعني خسارة كل شيء ورثه من والده الذي توفي في أقبية “المخابرات الجوية” بعد اعتقاله عام 2013، لافتًا إلى أن قريبه الذي استولى على منزله له صلات بـ”الفرقة الرابعة”.
وتحدثت الصحيفة، بالتعاون مع وكالة الصحافة الاستقصائية السورية لصحافة المساءلة (سراج) ومنظمة “اليوم التالي”، إلى عديد من الضحايا والقانونيين الذين اعتبروا أن عمليات الاستيلاء على الممتلكات أحد أبرز عراقيل عودة اللاجئين إلى بلادهم حتى في حال زوال المخاوف الأمنية.
ولا يختلف ما عاشه عبد الله مع عملية الاحتيال التي تعرض لها “أبو حسن”، اللاجئ السوري المقيم في تركيا، إذ قال إن ضابطًا في “الفرقة الرابعة” استولى على منزله في بلدة جديدة الوادي.
وباعتبار لدى “الفرقة الرابعة” سلطة مطلقة، يمكن للضابط فعل ما يريده، وفق ما قاله “أبو حسن” للصحيفة.
فساد وفوضى
القاضي أنور مجني، الذي يعمل مستشارًا قانونيًا لمنظمة “اليوم التالي”، قال للصحيفة، إن تدمير المباني الرسمية وفقدان سجلات المحاكم وسندات الملكية ساعدا شبكات الاحتيال على زيادة نشاطها.
كما ساعد الاقتصاد المتدهور في سوريا على تسريع السرقات من خلال إغراء المسؤولين ذوي الدخل المنخفض بالرشى، وفق ما قاله مجني.
وتعرّضت “إيمان” (اسم وهمي لأسباب أمنية)، لعملية احتيال بعد أن أجّرت منزلها لموظف حكومي استطاع لاحقًا ادّعاء أنه اشترى المنزل باستخدام توكيل مزوّر معتمد من القنصلية السورية في اسطنبول، بحسب ما قالته للصحيفة محمّلة المسؤولية للقضاء الفاسد والقنصلية السورية.
من جهتها، لم ترد وزارتا العدل والدفاع السوريتان على طلبات التعليق من قبل الصحيفة.
تحقيق “الجارديان” ليس الأول من نوعه الذي يسلّط الضوء على وجود علاقة بين “الفرقة الرابعة” وعمليات الاستيلاء على ممتلكات المدنيين، إذ خلص تقرير سابق أعدته عنب بلدي بعنوان “عمليات استيلاء على أملاك خاصة في درعا تثير مخاوف الأهالي”، إلى أن “الفرقة الرابعة” تلعب دورًا بارزًا بعمليات الاستيلاء على تلك الممتلكات.
وشملت عمليات الاحتيال والاستيلاء على المنازل مختلف مناطق سيطرة النظام السوري، خصوصًا المناطق التي تعرّض أهلها لعمليات تهجير قسري، إذ تركّزت تلك العمليات على الممتلكات العائدة لمعارضين للنظام السوري.
وبحسب “مبادئ بينيرو“، التي تحكم حقوق الملكية للاجئين والنازحين داخليًا، “تحمي المبادئ اللاجئين والنازحين من التمييز، وتشترط ألا تكون التشريعات التي تغطي السكن والأرض واستردادها تمييزية، ليس بحكم الواقع ولا بحكم القانون، وأن تكون شفافة ومتسقة”.
–