د. أكرم خولاني
ألم العصب الوركي أو ما يُعرف بـ”عرق النسا”، هو أحد الأمراض الشائعة والتي يعرفها معظم الناس، وعلى الرغم من أن هذا الألم عادة ما يكون مبرحًا، تتماثل معظم الحالات للشفاء بالعلاج في غضون أسابيع قليلة، وبعض الحالات قد يستلزم علاجها إجراء الجراحة، ويمكن لبعض الإجراءات البسيطة سهلة التنفيذ أن تقي من الإصابة بالمرض.
ما المقصود بألم العصب الوركي
يشير ألم العصب الوركي أو التهاب العصب الوركي أو “عرق النسا” (Sciatica) إلى الألم الذي ينتشر على طول مسار العصب الوركي، وهو عصب كبير يمتد من أسفل الظهر إلى أسفل كل قدم في الطرفين السفليين، أي أنه يوجد عصبان وركيّان وهما أعرض وأطول أعصاب الجسم، ويتكون كل منهما من عدد من الجذور العصبية التي تخرج من الحبل الشوكي في أسفل الظهر، ويكون عرض العصب الوركي قريبًا من عرض الإصبع، ويمتد في كل جانب من الجسم بدءًا من أسفل العمود الفقري خلف مفصل الورك نحو الأسفل باتجاه الأرداف والساق والجهة الخلفية من الركبة حيث يتفرع إلى عدة فروع ويستمر إلى القدم.
عادة ما يحدث ألم العصب الوركي في أحد جانبي الجسم فقط، وغالبًا ما يكون بشكل لمعة أو صدمة كهربائية، وقد يترافق بالخدر أو التنميل أو الوخز أو ضعف عضلات الساق أو القدم في الطرف المصاب.
ما أسباب ألم العصب الوركي
يحدث ألم العصب الوركي عندما ينضغط هذا العصب، وهناك أسباب عديدة للإصابة، وأكثرها شيوعًا:
انفتاق أو انزلاق قرص فقري: يمكن أن يؤدي الضغط على الغضروف بين الفقرات من تلك التي فوقه وتحته إلى انزلاقه أو انفتاقه وضغطه على جذر العصب، ما يؤدي إلى الشعور بالألم، ويعد هذا أكثر أسباب ألم العصب الوركي شيوعًا.
نتوءات العظام على العمود الفقري: فرط نمو العظام على شكل نتوءات عظمية صغيرة خشنة على العمود الفقري قد يؤدي إلى تضيق القناة الشوكية، ما يؤدي إلى الضغط على أعصابها، وإذا حدث هذا الضغط على طول مسار العصب الوركي فإنه يمكن أن يؤدي إلى ألم العصب الوركي.
وتشمل الأسباب الأخرى:
تلفًا أو إصابة أو صدمة في العمود الفقري أو العصب الوركي.
أورام القناة الشوكية التي قد تضغط على العصب الوركي.
انزلاق فقرة بحيث لا تتماشى بشكل صحيح مع الفقرة التي فوقها، وهذا قد يتسبب في تضيق القناة الشوكية وانضغاط العصب الوركي.
ما العوامل التي تزيد من خطر الإصابة
هناك عوامل خطر تزيد من احتمال الإصابة بألم العصب الوركي أهمها:
العمر: تشوهات العمود الفقري، مثل الانزلاق الغضروفي والنتوءات العظمية تصبح أكثر تكرارًا مع تقدم العمر، ويمكن أن تؤدي إلى الإصابة بألم العصب الوركي.
مرض السكري: مرضى السكري أكثر عرضة لتلف الأعصاب.
السمنة: يمكن أن يسبب الوزن الزائد للجسم ضغطًا على العمود الفقري.
الوظيفة. قد تكون الوظيفة التي تتطلب تدوير الظهر أو رفع أحمال ثقيلة أو قيادة سيارة لفترة طويلة أحد العوامل التي تسهم في الإصابة بألم العصب الوركي.
انخفاض النشاط البدني: الأشخاص الذين يجلسون لفترات طويلة من الزمن وليسوا نشيطين بدنيًا هم أكثر عرضة للإصابة بألم العصب الوركي من الذين يمارسون هذه الأنشطة.
ما أعراض ألم العصب الوركي
عادة ما يحدث ألم العصب الوركي في أحد جانبي الجسم، ويمكن أن يمتد إلى أي مكان على طول مسار العصب، ومن المرجح أن ينتشر بداية من أسفل الظهر وصولًا إلى المؤخرة والجزء الخلفي للفخذ وربلة الساق.
وقد يبدأ الألم فجأة أو يتطور تدريجيًا، كما يمكن أن يتفاقم كلما جلس المريض أو عطس أو سعل، وقد يكون خفيفًا أو شديدًا وحارقًا، وقد يكون على شكل ضربة كهربائية، وقد يشعر المريض أيضًا بالضعف والخدر أو الحرقة أو التنميل في أسفل ساقه وربما يمتد حتى رؤوس أصابع قدميه، وتتضمن الأعراض الأقل شيوعًا العجز عن ثني الركبة أو تحريك القدم ورؤوس أصابعها.
كيف يُشخّص ألم العصب الوركي
يمكن أن تساعد مراجعة الأعراض وإجراء الفحص السريري في تشخيص ألم العصب الوركي وتحديد سببه، كما يمكن إجراء اختبارات تشخيصية أخرى للبحث عن أسباب الألم الأخرى، وتشمل تلك الاختبارات ما يلي:
التصوير بالأشعة السينية للكشف عن كسور العمود الفقري.
التصوير بالرنين المغناطيسي أو التصوير الطبقي المحوري لالتقاط صور لتراكيب الظهر.
دراسات لسرعة ناقلية العصب وتخطيط كهربية العضل لفحص مدى جودة انتقال النبضات الكهربية عبر العصب الوركي.
تصوير النخاع بعد حقن صبغة ظليلة بين الفقرات لمعرفة ما إذا كان الألم ناجمًا عن الفقرة أو القرص.
ما علاج ألم العصب الوركي
تهدف المعالجة إلى تخفيف الألم وزيادة القدرة على الحركة، وعادة تتضمن الاستراحة والعلاج الطبيعي واستعمال أدوية تخفيف الألم والالتهاب، وقد تحتاج إلى بعض الحالات للجراحة.
الأدوية
الأدوية الموصوفة لعلاج “عرق النسا” تشمل الأدوية غير الستيرويدية المضادة للالتهابات والمنشطات عن طريق الفم ومرخيات العضلات ومضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات، وفي بعض الحالات يمكن حقن الكورتيكوستيرويد في المنطقة المحيطة بالعصب للحد من الألم والالتهاب.
تهدف هذه الأدوية بشكل رئيس إلى الحد من الألم والسماح للمريض بالمشاركة في العلاج الطبيعي دون إزعاج زائد.
العلاج الطبيعي
يمكن أن يكون مفيدًا في تقوية العمود الفقري وعضلات أسفل الظهر والأرداف والساقين، ولكي ينجح العلاج الطبيعي في علاج ألم العصب الوركي من المهم القيام بالتمارين الرياضية الموصى بها بشكل منتظم، وتجنب الفترات الطويلة من الخمول البدني.
يمكن أيضًا استخدام العلاج بتقويم العمود الفقري لتحسين محاذاته وتخفيف ألم العصب الوركي.
الجراحة
يوصى بإجراء الجراحة فقط للمرضى عندما تتطور الحالة إلى درجة التسبب في ضعف زائد أو نقص في الحركة أو فقدان السيطرة على المثانة البولية أو الأمعاء، وتشمل الخيارات الجراحية ما يلي:
الاستئصال الجزئي للقرص: ويُستخدم هذا الإجراء لإزالة أجزاء القرص المنفتق أو المنزلق.
استئصال النتوءات العظمية: يتضمن هذا الإجراء استئصال كل من العظم والنسيج الذي يضغط على العصب الوركي.
علاجات منزلية
يمكن أن يساعد استخدام كيس ثلج أو كيس تدفئة في الحد من الألم والالتهاب، ويُنصح بوضع كيس ثلج على المنطقة المصابة كل ساعة لمدة 15 دقيقة في كل مرة، يليه كيس ساخن كل ساعتين، لمدة 15 دقيقة في كل مرة.
هل يمكن الوقاية من الإصابة بألم العصب الوركي
قد لا تضمن الإجراءات الوقائية النتيجة المرجوة، لكن مع ذلك يُنصح باتباع النصائح الوقائية التالية:
ممارسة التمارين الرياضية بانتظام لتقوية عضلات الظهر والمؤخرة والبطن التي تعمل على دعم العمود الفقري.
استخدام وضعية جيدة عند الجلوس والوقوف والنوم، لأن ذلك يساعد في تقليل الضغط على أسفل الظهر.
تجنب الجلوس لفترات طويلة.
رفع الأوزان بطريقة صحيحة: فعند رفع جسم معيّن يجب إبقاء الظهر مستقيمًا والنهوض بدفع الجسم من منطقة الوركين والساقين نحو الأعلى، مع وضع الجسم المحمول قريبًا من الصدر.