منكوبو الزلزال بتركيا.. تعافٍ بطيء واستقرار بعيد المنال 

  • 2023/04/23
  • 11:10 ص

امرأة وشاب يسيران عبر أنقاض الزلزال في ولاية هاتاي جنوبي تركيا- 12 من شباط 2023–(GettyImages)

عنب بلدي – أحمد ديب

“الزلزال رح يبقى مأثر علينا وعلى حياتنا حتى لو بمر عليه عشر سنين”، بهذه الكلمات وصف أحمد خالدو تأثير الزلزال على حياة اللاجئين السوريين في جنوبي تركيا، بعد أن خلّف عشرات آلاف الضحايا، وتضررت جراءه مئات آلاف المنازل.

اختار أحمد خالدو (25 عامًا) وعائلته المكوّنة من ثمانية أشخاص العيش في خيمة بجانب منزله المتضرر بشكل جزئي من الزلزال، في ولاية كهرمان مرعش جنوبي تركيا.

ورغم أن منزله صالح للسكن، بحسب تقييم “إدارة الكوارث والطوارئ” (أفاد)، فإن تأثير الزلزال على عائلته وخوف أطفاله يمنعه من المكوث فيه.

وبعد مرور أكثر من شهرين على الزلزال، ومع اقتراب عيد الفطر، لا تزال عديد من العائلات والأفراد السوريين المقيمين في تركيا يكافحون للتعافي بعد فقدان منازلهم ووظائفهم، والعودة إلى الحياة الطبيعة التي كانوا عليها قبل الزلزال.

وفي ظل الظروف الصعبة، يواجه عديد منهم معوقات تبطئ تعافيهم من آثار الزلزال، وتزيد من معاناتهم.

كارثة صعبة النسيان

أوضح أحمد خالدو، اللاجئ في تركيا منذ عشر سنوات تحت قانون “الحماية المؤقتة”، لعنب بلدي، أنه عند وقوع هزة ارتدادية ضعيفة، يخرج الجميع إلى الشارع خوفًا من كارثة جديدة، مستذكرين أهوال الزلزال الذي دمر كل تفاصيل الحياة.

وفضّل أحمد العيش في خيمة بجانب منزله مع أفراد عائلته الثمانية، وقال إنهم في النهار يقضون أوقاتهم في المنزل، وفي الليل ينامون في الخيمة خوفًا من حدوث زلازل.

وأضاف أنه رغم عودة الحياة نسبيًا إلى طبيعتها في ولاية كهرمان مرعش، فإن الهزات الارتدادية تمنع عديدًا من الأهالي من العودة إلى منازلهم وتفضيل الخيام ومراكز الإيواء.

استمرار الهزات الارتدادية في المنطقة ترك العائلات في حالة اضطراب مستمر، غير قادرين على نسيان أهوال الزلزال وتأثيره.

“مرصد قنديلي” المختص برصد ودراسة الزلازل، أعلن، في 17 من نيسان الحالي، عن العدد الإجمالي للهزات الارتدادية، وبلغ 22 ألفًا.

وعلى أمل التعافي من آثار الكارثة، قرر اللاجئ جمعة رحال (25 عامًا) وعائلته التوجه إلى ولاية بورصة، التي يقطن فيها أقرباؤه، بعد نجاتهم من الزلزال وخروجهم سالمين من تحت أنقاض منزلهم المدمر في أنطاكيا، منتظرًا عودة الحياة إلى طبيعتها.

“كل ما بصير رعد أو صوت قوي منخاف من صوته ونحسبه زلزالًا”، وصف جمعة تأثير الزلزال بـ”الصعب نسيانه”، وقال إنه رغم خروجه من منطقة الزلزال، فإن تأثيره لم يخرج من ذاكرته هو وعائلته.

وكانت إدارة الهجرة التركية ألغت، في 7 من شباط الماضي، إذن السفر بين الولايات التركية بشكل مؤقت للسوريين المقيمين في المناطق “المنكوبة”، باستثناء ولاية اسطنبول، وتعتبر إقامة اللاجئ في ولاية أخرى قانونية لمدة 90 يومًا.

وعدّلت على القرار، في 14 من الشهر نفسه، وسمحت للسوريين باستخراج إذن سفر لولاية اسطنبول لمدة 60 يومًا.

جمعة رحال قال، إنه حصل على إذن سفر مدته 90 يومًا من إدارة الهجرة في بورصة، وهو على وشك الانتهاء.

وأوضح أنهم يعيشون من دون استقرار، بسبب عدم معرفة الإجراءات التي ستُتخذ بحق المنكوبين الذين خرجوا من منطقة الزلزال بعد انتهاء صلاحية الإذن.

فقدان الوظائف

أدى الزلزال إلى فقدان عدد كبير من العمال وظائفهم ومصادر دخلهم في المناطق المتضررة، وهم يبحثون عن فرص عمل جديدة من أجل تأمين لقمة عيشهم، محاولين التعافي من تأثيرات الكارثة.

خسر أحمد عمله في تركيب المفروشات المنزلية، وهي مهنته منذ أكثر من ست سنوات، ويعمل الآن في إخراج الأثاث المنزلي من المنازل المتضررة، وهو عمل خطر وصعب، بحسب وصفه.

بدوره، خسر جمعة عمله بالموبيليا، الذي عمل به أكثر من خمس سنوات، واضطر للبحث عن عمل جديد في مدينة جديدة، وأمضى أكثر من شهر قبل أن يعثر على عمل في شركة شحن.

وصف جمعة عمله الجديد في شركة الشحن بـ”الصعب جدًا”، لأنه لم يعتد هذا النوع من العمل، بالإضافة إلى طول ساعاته.

وكشفت منظمة العمل الدولية (ILO) عن تأثير الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا، في 6 من شباط الماضي، على العمالة، ودعت إلى “دعم عاجل” للذين فقدوا وظائفهم وسبل عيشهم في سوريا وتركيا.

وقالت المنظمة في تقريرها، الصادر في 28 من آذار الماضي، إن الزلزال في تركيا ترك أكثر من 658 ألف عامل غير قادرين على كسب عيشهم.

وتقدّر المنظمة أن هؤلاء العمال المتضررين يواجهون خسائر في الدخل يزيد متوسطها على 230 دولارًا أمريكيًا شهريًا لكل منهم.

إلى جانب خسائر الوظائف، يحذر تقييم منظمة العمل الدولية بشأن تركيا من زيادة المخاطر على السلامة والصحة المهنيتين، بالإضافة إلى عمالة الأطفال.

وبحسب أحدث إحصائية لوزارة العمل، بلغ عدد الحاصلين على تصريح عمل في تركيا بنهاية عام 2021، 91 ألفًا و500 شخص سوري الجنسية.

الزلزال يغيّب طقوس العيد

يواجه عديد من منكوبي الزلزال الذي ضرب عشر ولايات جنوبي تركيا صعوبات وتحديات في استقبال عيد الفطر هذا العام، نتيجة الأضرار الكبيرة التي لحقت بممتلكاتهم ومنازلهم، ما ترك كثيرًا من السوريين في المنطقة دون مأوى وممتلكات.

ويتمثل التحدي الرئيس لمنكوبي الزلزال في الاستعداد للاحتفال بعيد الفطر، حيث يحتاجون إلى الحصول على عديد من المواد الغذائية، والملابس والهدايا لأطفالهم وأسرهم، وهو أمر يشكّل تحديًا كبيرًا في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعانونها.

“الزلزال غيّب جميع طقوس العيد التي كان الأطفال ينتظرونها بفارغ الصبر”، قال أحمد خالدو.

وأضاف أن فقدان السوريين وظائفهم والعيش في مراكز الإيواء غيّبا طقوس وتحضيرات استقبال عيد الفطر.

بينما قال اللاجئ السوري المقيم في ولاية كهرمان مرعش محمد ديب (30 عامًا)، إنهم في كل سنة قبل العيد بأيام، كانوا يشترون لجميع أطفالهم ملابس جديدة، تضفي البهجة عليهم، ولكن فقدانه لعمله بسبب الزلزال، وعدم العثور على فرصة عمل، منعا أطفاله من عيش أبسط طقوس العيد.

وفضّل محمد العيش في مركز للإيواء في أطراف ولاية كهرمان مرعش، بعد أن دمر الزلزال منزله، وخسر جميع ممتلكاته.

وإلى جانب نقص فرص العمل في المنطقة، وصف محمد أجواء العيد في مراكز الإيواء بـ”المعدومة”، وأرجع السبب إلى فقدان جميع من يعيش في مراكز الإيواء منازلهم، أو فقدان ذويهم تحت الأنقاض.

وارتفع عدد ضحايا الزلزال إلى 50 ألفًا و96 حالة وفاة، في أحدث إحصائية عن إدارة الكوارث والطوارئ التركية.

وأسفر الزلزال عن إصابة 107 آلاف و204 أشخاص في تركيا، وفق ما نشرته وكالة “الأناضول” التركية، في 20 من آذار الماضي.

وتستمر بعض الأبنية المتصدعة بالانهيار، كما تضرب بعض الهزات الارتدادية المناطق الجنوبية من تركيا، بعد مرور أكثر من شهر على الزلزال الذي وُصف بـ”كارثة القرن”.

وأوضح وزير الداخلية، سليمان صويلو، خلال مؤتمر صحفي في مركز تنسيق الطوارئ بولاية ملاطيا، في 13 من آذار الماضي، أن هناك 6660 أجنبيًا، النسبة الكبرى منهم سوريون، من وفيات الزلزال.

ويبلغ عدد اللاجئين السوريين المقيمين في المناطق المتضررة من الزلزال مليونًا و700 ألف شخص، بينما يبلغ إجمالي عدد اللاجئين السوريين في تركيا حوالي 3.4 مليون لاجئ.

ورصدت عنب بلدي، في تقرير سابق، وضع السوريين جراء الزلزال في تركيا، والوجهات التي سلكها السوريون أو التي فرضتها عليهم ظروف الكارثة، وحجم الدعم المقدّم سواء من قبل السلطات أو المنظمات غير الحكومية.

مقالات متعلقة

مجتمع

المزيد من مجتمع