حمص – عروة المنذر
تشهد محافظة حمص انتشارًا واسعًا لعمليات السرقة، إذ تحولت إلى ظاهرة منظمة تمتهنها مجموعات محترفة، وتترافق مع شلل شبه كامل لدور جهاز الشرطة في حكومة النظام.
وتعد سرقة الدراجات النارية من أكثر السرقات شيوعًا، بسبب سهولة سرقتها وغلاء ثمنها، ما زاد من وضع الأهالي تعقيدًا في الريف والمدينة، باعتبارها وسيلة النقل الوحيدة التي بقيت في متناول أغلبية الأهالي، في ظل ارتفاع أسعار السيارات غير المسبوق، وضعف القدرة الشرائية للسكان.
الدراجات هدف لعصابات السرقة
تستهدف عصابات السرقة والسطو المسلح الدراجات النارية في الأماكن المعزولة، إذ تتم سرقتها من أمام المنازل أو المحال التجارية، أو من خلال عمليات السرقة تحت تهديد السلاح.
فايز الكنج، من مدينة كفرلاها في سهل الحولة بريف حمص، قال لعنب بلدي، إن موضوع سرقة الدراجة النارية تطور إلى مستوى أشبه بـ”المافيات”، فخلال ساعات تُسرق عدة دراجات نارية في ذات الحي، دون أن يستطيع أحد الإمساك بأحد اللصوص.
وأضاف فايز أن سكان المنطقة أصبحوا لا يسلكون الطرقات المقطوعة خوفًا من “التشليح” والسرقة، فاللصوص غالبًا ما يكونون مسلحين ويأخذون الدراجات من أصحابها بالقوة.
وتتجاهل مخافر الشرطة لدى حكومة النظام حوادث السرقات المتكررة، ويقتصر عملها على قبض الرشى مقابل تنظيم الضبوط التي تثبت المسروقات، حسب شهود من سكان المنطقة.
أنور الكعدة، من سكان مدينة الرستن، قال لمراسل عنب بلدي، إن مديرية المنطقة ومخفر الشرطة لا يتخذون أي إجراء للحد من السرقات، وإنما يأخذون 25 ألف ليرة سورية عن كل ضبط يجري تنظيمه.
ويضطر مالكو الدراجات النارية للذهاب إلى مخفر الشرطة وطلب تنظيم ضبط سرقة لدراجاتهم، “التي لن تعود إليهم”، حسب تعبير أنور، لكيلا يتعرضوا لأي مشكلة مستقبلية في حال ارتكب سارقو الدراجة أي عمل مخالف بواسطتها.
وترتفع أسعار الدراجات النارية الجديدة، ويبدأ سعرها من 600 وحتى 2500 دولار، بحسب نوع الدراجة وسعة محركها وطرازها وسنة صنعها، فيما تقدّر أسعار الدراجات المستعملة بحسب نظافة محركها ومتانتها، بدءًا من 200 وحتى ألفي دولار أمريكي.
شبكات لتصريف الدراجات المسروقة
يعمل سارقو الدراجات النارية على إرسال الدراجات المسروقة إلى محافظات أخرى لبيعها هناك، أو إرسالها إلى الحدود اللبنانية، حيث “تطمس” ورشات مرتبطة أرقام الهيكل والمحرك، ثم تعيد بيع الدراجات من جديد على أنها “مهربة”.
جهاد الشيخ صاحب محل لصيانة الدراجات النارية على الطريق السريع الواصل بين حمص ودمشق، قال لعنب بلدي، إن الدراجات المسروقة لها أسواقها المعروفة في كل محافظة، حيث تُرسل من حمص لبيعها في دمشق، والعكس بالعكس، وتُباع على أنها دراجات “مهربة”.
وبحسب جهاد، فإن الدراجات النظامية المسجلة في دائرة المرور تُنقل إلى منطقة وادي خالد بالقرب من الحدود اللبنانية، إذ تُزال أرقام الهيكل والمحرك، ومن ثم يعاد إدخالها لبقية المحافظات على أنها دراجات “مهربة” دخلت من لبنان.
خيار أبناء الريف الوحيد
يعتمد سكان الأرياف بشكل عام على الدراجات النارية في تنقلاتهم وقضاء حوائجهم اليومية، فهي سهلة الحركة وقليلة المصروف، وسعرها منخفض مقارنة بأسعار السيارات.
غسان الحمود من مدينة تلبيسة في ريف حمص الشمالي، قال لعنب بلدي، إن الدراجات النارية هي وسيلة النقل الوحيدة التي يستطيع سكان الأرياف الاعتماد عليها بعد تدهور وضعهم المادي، إذ لا يوجد نقل داخلي في الأرياف يربط أحياء المدن ببعضها أو مع القرى المجاورة، ما يدفع الناس للاعتماد على أنفسهم في إيجاد وسائل النقل المناسبة.
وأضاف غسان أن الدراجات النارية هي الوسيلة الوحيدة التي تضمن الوصول إلى الأراضي الزراعية، فالطرقات الترابية الوعرة تمنع السيارات من سلوكها، ناهيك بارتفاع مصروف السيارات من البنزين إذا ما قورنت بالدراجات النارية.
تعرضت طرقات أرياف مدينة حمص لأضرار كبيرة، بسبب العمليات العسكرية التي شهدتها المنطقة خلال فترة سيطرة فصائل المعارضة على المنطقة، إذ لم يتم تأهيل أي من الطرقات المؤدية إلى المدن أو التي تربطها بالقرى منذ دخول المنطقة باتفاق “التسوية” في صيف عام 2018، ما يسهل حركة الدراجات النارية مقارنة بالسيارات.