لا تخلو من المخاطر والصعوبات

محاصيل “الأنفاق” تخفض أسعار الخضراوات بإدلب

بائع خضراوات وفواكه في سوق مدينة إدلب- آذار 2023 (عنب بلدي/ أنس الخولي)

camera iconبائع خضراوات وفواكه في سوق مدينة إدلب- آذار 2023 (عنب بلدي/ أنس الخولي)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – إدلب

شهدت الخضراوات في أسواق مدينة إدلب انخفاضًا في أسعارها، بسبب طرح محاصيل زراعة “الأنفاق” (الباكورية) ذات الإنتاج المحلي مؤخرًا، بأسعار أقل من الخضراوات المستوردة.

محاصيل من الخضراوات المبكرة دخلت إلى الأسواق أدت إلى انخفاض سعرها، ونشّطت حركة البيع والشراء، وزادت من إقبال الأهالي على الشراء بكميات أكبر قليلًا من السابق.

نشاط لحركة البيع والشراء

يشعر حمزة مصلح (41 عامًا)، وهو تاجر يبيع الخضراوات في مدينة إدلب، بتفاؤل جراء زيادة مبيعاته عما كانت عليه في السابق، إثر انخفاض الأسعار، بسبب طرح الخضراوات “الباكورية” ذات الإنتاج المحلي.

وقال حمزة لعنب بلدي، إن الأسعار شهدت ارتفاعًا في بداية شهر رمضان، ما ضيّق خيارات الزبائن، الذين باتوا يشترون كميات قليلة، وحالت الأسعار دون وجود طبق سلطة على سفرة الإفطار لمعظم السكان.

وأوضح التاجر أنه منذ بدء قطاف محاصيل زراعة “الأنفاق”، مطلع نيسان الحالي، بدأت أسعار الخضراوات بالانخفاض بشكل تدريجي لتصبح مقبولة، ما أدى إلى تحسن المبيعات عما كانت عليه.

بداية شهر رمضان، في 23 من آذار الماضي، كان سعر كيلو الخيار 29 ليرة تركية، والكوسا 27 ليرة، والبندورة 16 ليرة، وبعد تدفق المحاصيل المحلية إلى الأسواق، انخفضت الأسعار إلى النصف تقريبًا، ما مكّن المواطنين من شراء الخضراوات.

حسناء السعدو (45 عامًا)، ربة منزل تقيم في إدلب، قالت بداية شهر رمضان، إنها كانت تعتمد على طبخات الأرز التي لا تحتاج إلى الخضراوات في إعدادها، بسبب ارتفاع الأسعار، واستغنت عن إعداد طبقي السلطة و”الفتوش” نظرًا إلى ارتفاع تكاليفهما.

وأضافت لعنب بلدي، أنها بدأت تشتري الخضراوات لإعداد بعض الأطباق مع الانخفاض الحالي الذي شهدته الأسعار مقارنة بالسابق.

بدورها، قالت الخمسينية هدى المزين، وهي ربة منزل مهجرة تقيم في إدلب، إنه لا بد من تنويع أصناف الطعام في رمضان، تلبية لرغبات الأولاد الصائمين، وبعض الأكلات التي تحتاج إلى الخضار كـ”محشي الباذنجان” كانت تكاليفها مرتفعة، وصار بمقدور العائلة إعدادها حاليًا.

انتعاش زراعة “الأنفاق”

باتت الزراعة بـ”الأنفاق البلاستيكية” إحدى التقنيات الواسعة الانتشار في الشمال السوري، رغم أنها “حساسة” وتحتاج إلى رعاية وظروف بيئية معيّنة.

ويركّز المزارعون على هذه الزراعة لزيادة عوائدهم المالية، وتغطية حاجة السوق من مختلف أنواع الخضراوات.

حسين العباس، مهندس زراعي يعمل في بيع مستلزمات زراعة “الأنفاق” بإدلب، قال في حديث إلى عنب بلدي، إن المحاصيل الرئيسة التي يزرعها الفلاحون في الشمال السوري من خلال تقنية زراعة “الأنفاق” هي الخيار، والبندورة، والكوسا، والفليفلة، والباذنجان، ويسهم تدفق هذه المحاصيل إلى الأسواق خلال فترة الإنتاج الحالية في خفض الأسعار بما يعود بالنفع على المستهلكين.

وكانت الأسواق تعتمد بشكل رئيس على الخضار المستوردة ذات الأسعار المرتفعة، بالإضافة إلى تكاليف الاستيراد والنقل والتخزين، لذلك لم يكن بمقدور السكان شراء الخضراوات، أو كانوا يشترون كميات قليلة جدًا وغير كافية.

وأضاف المهندس أن هذه المحاصيل أنعشت تجارة الخضراوات في المنطقة، وكلما ازداد دفء الجو ازداد الإنتاج، ما يعني زيادة العرض وانخفاض الأسعار في المستقبل القريب.

ويرى حازم عثمان (48 عامًا)، وهو فلاح يعمل في زراعة “الأنفاق”، أن الخضراوات التي ينتجها الفلاحون في الشمال السوري تتميز بجودتها وكثرة إنتاجها وسرعة نضجها، وقرب أماكن الزراعة من الأسواق الرئيسة، ما يقلل تكاليف النقل على التجار، ويمكّنهم من الاستغناء عن الخضار المستوردة ذات الأسعار المرتفعة.

صعوبات الزراعة “الباكورية”

يعمد كثير من الفلاحين إلى استخدام تقنية زراعة “الأنفاق” لما تدره من أرباح جيدة في حال نجاح الموسم، ولكن يواجه المزارعون عديدًا من المخاطر والصعوبات التي قد تهددهم بخسائر فادحة.

المهندس الزراعي حسين العباس قال، إن أولى الصعوبات التي يواجهها الفلاحون في الزراعات المبكرة هي أعمال الحراثة وتجهيز الأرض للزراعة، إذ تكون الأراضي رطبة بسبب الأمطار المتواصلة والمناخ الشديد البرودة، كما يعاني الفلاحون صعوبات في تجهيز الأنفاق وارتفاع أسعار المواد والبلاستيك المستخدم في الزراعة، وصعوبات في وضع الشتلات داخل الأنفاق وزراعتها.

وبحسب المهندس، تواجه هذه الزراعة مخاطر كبيرة قد تؤدي إلى خسائر فادحة، كالعواصف والرياح التي تزيد سرعتها على 40 كيلومترًا في الساعة، والتي تؤدي إلى خلع وتمزق البيوت البلاستيكية وتكسر الشتلات.

وأضاف العباس لعنب بلدي أن موجات الصقيع هي الخطر الأكبر الذي يهدد المزارعين كل عام، ما يدفع عددًا كبيرًا منهم لعدم الزراعة باستخدام تقنية الأنفاق، ولكن موجات الصقيع هذا العام كانت مقبولة وبسيطة غير خطرة على المزروعات، ما يعني إنتاج محاصيل بوفرة هذا الموسم.

ولفت المهندس إلى أن ارتفاع درجات الحرارة يؤدي إلى تمزق البيوت البلاستيكية وحروق في أوراق المزروعات وتلف في المحاصيل، لذلك يعمد عدد كبير من المزارعين إلى التبكير في قطف الثمار وإزالة البيوت البلاستيكية.

المزارع حازم عثمان أضاف صعوبات أخرى تتعلق بارتفاع تكاليف الزراعة والأسمدة، إضافة إلى ارتفاع تكاليف استخراج المياه الجوفية، وعمليات الري التي تعتمد عليها هذه الزراعة.

ومن المخاطر التي يواجهها الفلاح، إصابة المزروعات بالأمراض الفطرية بسبب الرطوبة الزائدة وارتفاع تكاليف الأدوية.

وفي 18 و19 و20 من آذار الماضي، تعرضت معظم مناطق سوريا لهطولات مطرية بغزارة متفاوتة بين منطقة وأخرى، وسجلت فرق “الدفاع المدني السوري” أضرارًا مباشرة في 112 دونمًا من الأراضي المزروعة بالمحاصيل الصيفية “الباكورية”، كالفاصولياء والخيار والكوسا والبندورة، وأراضٍ مزروعة بمحصولي الكمون والقمح، شمال غربي سوريا.

وقال “الدفاع المدني”، إن الأضرار طالت شبكات ري تغذي أكثر من 100 دونم في منطقة عدوان بسهل الروج غربي إدلب، بعد غمر مياه السيول الأراضي الزراعية، وفي 30 و31 من آذار الماضي، تسببت عاصفة هوائية بأضرار كبيرة بعدد من المحاصيل الزراعية.

وفي 23 من الشهر نفسه، قال المدير العام للزراعة في حكومة “الإنقاذ” شمالي سوريا، تمام الحمود، إن 635 دونمًا تضررت جراء الفيضان خلال المنخفض الجوي، وتنوع الضرر ما بين الغمر والانجراف.

وقال مزارعون، إن الأضرار فاقت نصف الموسم، وطالت جذور وأوراق محاصيل الكوسا والخيار، وبعضهم قدّر الضرر بـ60%، وناشدوا الجهات المعنية بالمساعدة وفق الإمكانيات المتاحة.


شارك في إعداد التقرير مراسل عنب بلدي في إدلب أنس الخولي

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة