اهتمام أكبر بعد الزلزال.. الإمارات تعزز فاعليتها في اللاذقية
سجّلت الإمارات منذ حدوث الزلزال المدمر في 6 من شباط، حضورًا واضحًا في الملف الإغاثي في مناطق سيطرة النظام السوري، وتحديدًا في محافظة اللاذقية، رغم تشارك ثلاث محافظات يسيطر عليها النظام ألم الكارثة.
وفي 6 من نيسان الحالي، أطلق “الهلال الأحمر الإماراتي” مشروعًا لإقامة ألف وحدة سكنية مسبقة الصنع، ضمن سبع مناطق في اللاذقية.
ومن المقرر أن يقام المشروع على مساحة 100 دونم، أنجزت فيه المحافظة أعمال تأهيل البنى التحتية، تمهيدًا لتركيب الوحدات السكنية في أحياء الغراف، وتوسع دمسرخو، والفيض، والنقعة، والفوار، وقرية اسطامو.
المشروع الذي اعتبره عبد الحكيم النعيمي، القائم بأعمال السفارة الإماراتية في دمشق، “تعبيرًا عن وقوف الإمارات إلى جانب الإمارات إلى جانب الشعب السوري”، لم يكن الأول أو الوحيد، إذ سبقه مجموعة خطوات وإجراءات كرست عبرها الإمارات كثيرًا من جهودها في المحافظة.
كما نفذ “الهلال الأحمر الإماراتي” في اللاذقية أيضًا، مجموعة برامج إنسانية، منها توزيع الخبز عبر “البطاقة الذكية” في جبلة، وتوزيع نحو 20 ألف سلة غذائية رمضانية، و2900 وجبة إفطار للصائمين يوميًا، في خمس مواقع مجهزة في اللاذقية وجبلة وريف القرداحة.
ومن المقرر أن يوزع “الهلال الأحمر الإماراتي” كسوة العيد ضمن اللاذقية وحماة وحلب وحمص، ليستفيد منها 17160 شخصًا، وفق تصريحات محمد الكعبي، ممثل “الهلال الأحمر الإماراتي” في سوريا.
هذه النشاطات المتعلقة بشهر رمضان، جاءت بعد توجيه ممثل حاكم إمارة الظفيرة الإماراتية، حمدان بن زايد، في 23 من شباط، بتخصيص 20 مليون درهم (أكثر من خمسة ملايين دولار حينها)، لتنفيذ برامج رمضان، واحتياجات السوريين الشهر الفضيل، دون تحديد المحافظات أو المناطق المستهدفة بتنفيذ هذه البرامج.
“الهلال الأحمر الإماراتي” أقام مطلع آذار الماضي، في مدينة جبلة باللاذقية، مخيّمًا ميدانيًا مؤقتًا يتكون من 50 خيمة، يتسع لـ300 شخص، مجهّز بالأسرّة والأغطية، والإنارة بالطاقة الشمسية، والطرود الغذائية.
للدعم مستويات
وفي 22 من شباط، انتقلت عملية “الفارس الشهم 2” التي أطلقتها قيادة العمليات المشتركة الإماراتية في سوريا وتركيا، بعد الزلزال، من مرحلة الاستجابة العاجلة إلى التعافي وإعادة التأهيل، وبموجبها تجري بعض هذه الفعاليات، وتقرر نقل المساعدات عبر البحر مع استمرار المجهود الجوي حسب الألويات.
وكان رئيس النظام السوري، بشار الأسد، استقبل في 12 من شباط الماضي، وزير الخارجية الإماراتي، عبد الله بن زايد، لبحث تداعيات الزلزال، في زيارة هي الثانية من نوعها منذ 2011، بعد زيارة سابقة في 4 من كانون الثاني الماضي.
كما زار ابن زايد بعد اللقاء مناطق متضررة في مدينة جبلة، جراء الزلزال، واطلع على جهود فرق البحث والإنقاذ الإماراتية التي كانت تعمل في تلك المناطق.
وفي 21 الشهر نفسه، زار وزير الصحة الإماراتي، عبد الرحمن بن محمد العويس، المواقع المتضررة جراء الزلزال في مدينة اللاذقية.
والتقى العويس حينها نظيره السوري، حسن الغباش، ومحافظ اللاذقية، عامر إسماعيل هلال، وعاين الأضرار في حي العسالية، بمدينة جبلة، في المحافظة.
لماذا اللاذقية؟
الدكتور في القانون والباحث في مركز “الحوار السوري”، أحمد قربي، أوضح لعنب بلدي أن ضخ الدعم الإغاثي الإماراتي في سوريا ليس مستغربًا على اعتبار أن الإمارات من أول الدول التي سلكت طريق التقارب مع النظام السوري، منذ عام 2018.
ويرى قربي أن مسألة التركيز الإماراتي على اللاذقية مؤخرًا مرتبط تحديدًا بالزلزال، على اعتبار أن اللاذقية أكثر منطقة متضررة ضمن مناطق سيطرة النظام جراء الزلزال، فمن الطبيعي أن تتركز الجهود الإغاثية أكثر في هذه المحافظة، دون أن ينفي ذلك أهدافًا سياسية ربما، كمحاولة محتملة لإيجاد حاضنة، وبناء شبكة علاقات فاعلة مع التجار والمتنفذين لدى النظام، والوصول إلى الميناء، وخلق موطئ قدم في الساحل السوري تحت غطاء المجتمع المدني، كقوة ناعمة لأبو ظبي في سوريا.
وأضاف قربي أن الدعم الإغاثي الإماراتي موجود قبل الزلزال، عبر إقامة مستشفيات في مناطق متفرقة ليس منها اللاذقية قبل الزلزال، لكن بعد وقوع الكارثة بدا طبيعيًا إيلاء اللاذقية كمدينة منكوبة أكثر من غيرها، اهتمامًا أكبر.
ورغم عدم تقديم إحصائية مفصلة نهائية لتوزع وفيات الزلزال في مناطق سيطرة النظام، تصدّرت اللاذقية منذ الأيام الأولى للزلزال، أعداد الوفيات، بأكثر من 500 حالة وفاة، ونحو 800 حالة إصابة، إلى جانب دمار كلي طال ما لا يقل عن 102 بناء، وفق ما نقلته الوكالة السورية الرسمية للأنباء (سانا)، في 9 من شباط.
وبلغ عدد الأبنية الدمرة بالكامل في سوريا جراء الزلزال، 199 بناء، مع وجود نحو 4444 بناء غير صالح للسكن.
سفن وآلاف أطنان المساعدات
ذكر ممثل “الهلال الأحمر الإماراتي” في سوريا، محمد الكعبي، الاثنين الماضي، أن أبوظبي قدمت منذ وقوع الزلزال، وحتى وقت التصريح، 176 طائرة مساعدات إغاثية، وثلاثة سفن وصلت عبر البحر، يمعدل 11171 طنًا.
وكان عدد طائرات المساعدات الإجمالي إلى سوريا، حتى 23 من آذار، 316 طائرة، حصة الإمارات منها 169 طائرة.
وتحافظ الإمارات على حضور يومي في هذا الصدد، وعبر أكثر من بوابة، فإلى جانب طائرات المساعدات، أرسلت أبو ظبي، في 25 من شباط الماضي، عشر سيارات إسعاف مجهزة كهدية إلى سوريا.
أبوظبي “سبّاقة”
بادرت الإمارات منذ عام 2018 لاستئناف علاقاتها مع النظام وافتتحت سفارتها في دمشق، ما تبعه تنامي في الدعم الإماراتي ضمن مناطق سيطرة النظام، شمل مشاريع حيوية تتعلق بالمنظومة المائية وإقامة محطة طاقة كهروضوئية.
وفي محافظة حلب، شمالي سوريا، وبسعة 120 سريرًا، 40 منها للعناية المشددة، افتُتح مستشفى “الشيخ محمد بن زايد”، بدعم من “الهلال الأحمر الإماراتي”.
وزير الصحة في حكومة النظام، حسن محمد الغباش، ربط هذه الخطوة خلال مشاركته بالافتتاح، في 21 من تشرين الثاني 2022، بالاستجابة الإنسانية لجائحة “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، ودعم القطاع الصحي السوري، وتعزيز الصداقة والتعاون بين البلدين، وهي الأسباب ذاتها التي ذكرها أيضًا، في 30 من تشرين الأول، خلال مشاركته في افتتاح مستشفى حمل الاسم نفسه في حي المهاجرين، ضمن محافظة حمص.
المستشفى جاء أيضًا بدعم “الهلال الأحمر الإماراتي”، وبسعة 120 سريرًا، 20 منها للعناية المشددة، بينما اختلف عدد الأسرّة فقط في المستشفى الذي افتتحه غباش قرب قصر “المؤتمرات” في ريف دمشق، أواخر تموز 2022، بحضور إماراتي كالمرات السابقة، وضمّ المستشفى 135 سريرًا، 40 منها للعناية المشددة.
وتعتبر الإمارات من أوائل الدول الداعية لعودة النظم السوري إلى الجامعة العربية، كما زار رئئيس النظام السوري، بشار الأسد، الإمارات في 18 من آذار 2022، والتقى رئيس الدولة ورئيس الوزراء.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :