“البالة” وتزيينها.. وجهة الراغبين بشراء كسوة العيد في إدلب
تشعر هناء منصور بالراحة والطمأنينة لتمكنها من شراء ملابس العيد لطفلتيها، بعد أن ظنت أنها ستجبرهما على ارتداء الملابس القديمة، لعدم تمكنها من شراء كسوة عيد الفطر، بسبب ارتفاع أسعار الملابس هذا العام.
وقالت السيدة المهجرة (31 عامًا)، وهي تعمل ربة منزل وتقيم في إدلب، إنها كانت تكتفي بالتجوال في الأسواق والنظر إليها بشيء من الحسرة، لعجزها عن شراء كسوة العيد لبناتها، بسبب غلاء أسعار الملابس، وسوء أوضاعهم المعيشية.
تضيف ربة المنزل، أنها وجدت الحل بنصيحة من جارتها، بشراء الملابس المستعملة “البالة”، وإضافة بعض اللمسات من الإكسسوارات، لتبدو الملابس بأبهى صورة وكأنها جديدة.
ارتفاع أسعار الملابس هذا العام، دفع شريحة كبيرة من المواطنين في إدلب إلى اللجوء للبحث عن بديل يضمن لهم ارتداء ملابس جيدة، وإن كانت مستعملة، إذ باتت “البالة” وجهة الآباء الراغبين بشراء كسوة العيد لأبنائهم، ومع إضافة بعض الإكسسوارات تتجدد الملابس وتبدو “جديدة”
“البالة” بديل
علي الشامي (28 عامًا) مهجر يقيم في إدلب، ويعمل في أحد الأفران، قال في حديثه لعنب بلدي، “فقدنا الأمل بشراء ولو قطعة ملابس واحد لكل طفل من طفليه”، ووجد علي في محال “البالة” ضالته، واستطاع شراء ملابس “مقبولة” للأطفال بمبلغ “بسيط”.
عبد الحميد السعد، يعمل تاجر ملابس مستعملة، قال لعنب بلدي، إن “البالة” في الأعوام السابقة لاقت رواجًا كبيرًا، ولم تقتصر على فئة من فئات المجتمع، إلا أن هذه التجارة تراجعت بشكل كبير في العامين الماضيين، وذلك لتراجع نوعية البضاعة المستوردة، وصعوبات تتعلق بالاستيراد من أوروبا.
وأضاف التاجر، أن الطلب على “البالة” تحسن مؤخرًا بسبب ارتفاع أسعار الملابس الجديدة، لافتًا إلى أن العديد من ربات المنازل توجهن لشراء ملابس مستعملة، وإضافة بعض اللمسات من “الرش والسيلان” لإعادة تجديدها وإظهارها بمظهر الملابس الجديدة.
وبدورها، رحاب محمد (52 عامًا)، تحرص على البحث عن ملابس لأسرتها المكونة من خمسة أشخاص في محال “البالة”، وقالت، إنه ليس بالضرورة أن تكون الملابس المعروضة في تلك المحال ملابس مستعملة، إذ تعثر في بعض الأحيان على ملابس جديدة تناسب أحد أفراد الأسرة، وبأسعار أقل بكثير من تلك المعروضة في محال الملابس الجديدة وبنوعيات أفضل.
ذكرت رحاب لعنب بلدي، أنها تشتري الملابس السادة دون رسوم أو نقوش، وبعد تعديلات بسيطة في محل الخياطة، تشتري بعض الإكسسوارات المناسبة لقطعة الملابس، وتضيفها لتبدو القطعة بأبهى حلة وبسعر أقل من نصف أسعار الملابس الجديدة.
من جانبه، قال حسين الأشرف، إنه يتتبع منذ أعوام باعة الملابس المستعملة، وحال عرضهم لبضاعة جديدة يبحث فيها عن قطعة “فريدة ومميزة”، تكون جديدة وغير مستعملة وبسعر منخفض، لافتًا إلى أن بعض القطع التي أشتراها كانت جديدة تمامًا، وماركة عالمية، وبعضها يحتاج لإضافة بعض التطريزات أو الرسومات عند الخياط لتبدو وكأنها جديدة.
إقبال على الإكسسوارات
انتشار فكرة إعادة تجديد الملابس المستعملة أدى لازدهار تجارة الإكسسوارات وارتفاع الطلب عليها، خاصة أن الطلب على الإكسسوارات غير مرتبط بفئة معينة من فئات المجتمع، إذ زاد الإقبال على إضافة بعض الكُلف لتحلية الملابس.
عبد القادر سيد يوسف، صاحب “نوفوتيه” وكُلف خياطة في مدينة إدلب، قال لعنب بلدي، نظرًا للظروف المعيشية القاسية وارتفاع أسعار الملابس، توجه عدد كبير من المواطنين لشراء الملابس المستعملة، والعمل على تجديدها من خلال إضافة بعض الكُلف والرش.
وبحسب التاجر، تشهد تجارة إكسسوارات الملابس إقبالًا متزايدًا، وتضاعفت المبيعات في العام الحالي مقارنة بالأعوام السابقة.
وعن تكلفة إعادة تجديد الملابس قال التاجر، يختلف الأمر من سيدة لأخرى، بعض السيدات تضيف الكُلف بنفسها وتختار لوحدها الكُلف اللازمة لإعادة تجديد الملابس، وتحتاج لمبلغ زهيد جدًا يبدأ من ثلاث ليرات تركية.
وأضاف سيد يوسف، أنه بالنسبة للسيدات اللواتي لا يُجدن الخياطة وإضافة الكُلفة، تتعاون السيدة مع الخياط في اختيار الكُلف، ومع أجرة الخياطة تصل تكلفة إعادة تجديد القطعة لـ25 ليرة تركية، أو تزيد حسب نوع الكُلف التي ترغب بإضافتها.
ويختلف الطلب على الكُلف باختلاف أذواق الزبائن، ونوع القطعة المطلوب تزيينها والإمكانيات المادية للزبون، ويرغب بعض الزبائن بإضافة “الغيبير العريض”، ويصل سعر المتر إلى 15 ليرة تركية، بينما تفضل زبونات أخريات إضافة “الدانتيل” الذي يصل سعر المتر فيه إلى خمس ليرات.
وتوجد بعض أنواع الكُلف والتزيين، يصل سعر المتر الواحد منها لـ60 ليرة تركية، إلا أن الطلب عليها نادر جدًا على حد قول التاجر.
ويتركز الطلب على الكُلف والإكسسوارات من أجل الملابس النسائية وملابس الأطفال، وبدرجة أقل هناك طلب على بعض أنواع الكُلف الخاصة بتزيين الألبسة الرجالية العربية، وفق سيد يوسف.
وأشار التاجر في حديثه لعنب بلدي إلى أن الطلب على الكُلف ارتفع بشكل ملحوظ خلال العشر الأواخر من شهر رمضان، لافتًا إلى أن الطلب غير مرتبط بفئة معينة من فئات المجتمع، كما أن إضافة الكُلف والتحليات للملابس قد يكون للملابس الجديدة والمستعملة حسب رغبة الزبون.
ارتفاع عالمي في الأسعار
تشهد أسعار الملابس ارتفاعًا كبيرًا مقارنة بالوضع الاقتصادي والمعيشي في المنطقة، وعزا تجار الملابس ارتفاع أسعارها، إلى ارتفاع عالمي في أسعار القماش، وارتفاع تكاليف الشحن، بالإضافة لتوقف العديد من معامل وورشات صناعة الألبسة في تركيا بسبب الزلزال.
وعن صعوبات استيراد الملابس قال تجار لعنب بلدي، إنه بالنسبة للبضائع التركية كان يتم استيرادها من المعامل التركية الواقعة في الجنوب التركي، حيث توقفت هذه المعامل عن الإنتاج بسبب الزلزال، أما اليوم فيتم استيراد البضائع من اسطنبول ومناطق أخرى بعيدة نسبيًا، ويستغرق وصول البضاعة من سبعة إلى ثمانية أيام.
وبالنسبة للبضائع المستوردة من حلب، فيتم نقل البضاعة من حلب إلى لبنان، ثم تصل إلى مرسين في تركيا عن الطريق البحر، ثم يتم إدخالها إلى الشمال السوري، وتستغرق هذه العملية مدة تزيد عن 20 يومًا، وسط تكاليف نقل باهظة جدًا، ما أدى لتراجع الألبسة الحلبية في أسواق الشمال السوري.
اقرأ أيضًا: أطفال سوريون محرومون من ملابس العيد
تأخر وصول البضائع من مناطق التصنيع للشمال السوري، يجبر التجار على استيراد البضائع قبل الموسم، ما يعني وقوع التجار بخسائر كبيرة في حال عدم بيع البضائع المستوردة.
شارك في إعداد التقرير مراسل عنب بلدي في إدلب أنس الخولي
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :