يوم لقبت بـ”عاصمة الثورة”.. هكذا واجه الأسد اعتصام حمص 2011

  • 2023/04/18
  • 2:23 م
دوار الساعة في مدينة حمص (تعديل عنب بلدي)

دوار الساعة في مدينة حمص (تعديل عنب بلدي)

قبل 12 عامًا تجمع أبناء محافظة حمص، ونصبوا خيامًا تمهيدًا لإطلاق اعتصامهم، الذي طالبوا فيه بإسقاط النظام السوري في محيط دوار الساعة بمركز المدينة.

ومع مضي ثلاثة أيام على الاعتصام، فضّت قوات النظام جموع المعتصمين الذين لم تعرف أعدادهم بدقة آنذاك، بالرصاص الحي، تبع ذلك دخول مجموعات من “الشبيحة” (قوات عسكرية غير نظامية)، قتلت العديد من المعتصمين العزّل.

اشتهر برج الساعة بعدها، بصرح وثقت عقاربه اقتحام النظام لخيام المعتصمين، الذي انتهى، في 18 من نيسان 2011، بمجموعات “الشبيحة” واقفين في محيط الساعة يهتفون لرئيس النظام السوري، بشار الأسد.

“عاصمة الثورة”

في مساء 18 من نيسان من ذلك العام، أطلق معتصمو حمص على الساحة مسمّى “ساحة الحرية” ليحل محلّ “ساحة الساعة”، وقُدرت أعداد المشاركين بالاعتصام بادئ الأمر بأكثر من 40 ألف معتصم، من مختلف المكونات الاجتماعية والفئات العمرية.

ورغم أن إحصائيات دقيقة لأعداد المشاركين لم تتوفر حينها، لكن روايات سكان المنطقة تتحدث عن آلاف المشاركين.

ساحة حمص، أو الساعة الجديدة، كانت تشتهر محليًا كأحد أبرز معالم المدينة الحديثة وأشهرها، ولها مكانة لدى الحماصنة، زادتها دماء أبناء المحافظة شهرة، إذ صارت منذ عام 2011 شاهدة على قمع مطالب السوريين، ومنحت حمص لقب “عاصمة الثورة”.

وعلى مدار السنوات اللاحقة، أطلق ناشطون معارضون وحقوقيون نداءات متكررة للفت الأنظار إلى الأوضاع المعيشية الخانقة في أحياء حمص التي عانت من الحصار لسنوات، حيث كان السكان يقتاتون على الأعشاب والنباتات وحبات الزيتون، وسط نقص حاد في الأدوية والأغذية.

وشكلت حمص حينها مركزًا أساسيًا للاحتجاجات المناهضة للنظام، وتعرضت منذ ذلك الحين لسلسلة من العمليات العسكرية والقصف العنيف، وازدادت حدتها في أيلول 2011، مع تحول الحراك السلمي شيئًا فشيئًا إلى عمليات مسلحة، عندما حاول أبناء المدينة رد عنف النظام.

ووثقت منظمة “هيومن رايتس ووتش“، تصاعد العنف في محافظة حمص، في الفترة بين أواسط نيسان ونهاية آب 2011، فخلال تلك الفترة قتلت قوات الأمن 587 مدنيًا على الأقل، وهو أعلى عدد للخسائر البشرية في أي محافظة بسوريا، طبقًا لقوائم جمعها نشطاء سوريون.

أغلب أعمال القتل هذه وقعت في مدينة حمص، عاصمة المحافظة، وفي بلدات تلكلخ والرستن وتلبيسة.

ومع بداية كتابة هذا التقرير، الصادر في تشرين الثاني 2011، كانت حملة القمع في حمص قد اشتدت، مع مقتل 207 مدنيًا في شهر أيلول وحده، وهو أكثر الشهور دموية حتى الآن.

ونقلت “هيومن رايتس ووتش” لتوثيق ما جرى في مجزرة الساعة، عن أحد الشهود قوله، “حوالي منتصف الليل اقترب شيخ من المنصة تحت برج الساعة، وأعلن أنه تلقى مكالمة من ضابط في قصر الرئاسة يهدد بأنه على جميع المتظاهرين التفرق، وإلا فهم يتحملون النتيجة”.

وأضاف الشاهد أن “الشيخ دعا المتظاهرين للمغادرة، غادر الكثيرون، لكن مكثت مجموعة من حوالي ثلاثة آلاف شخص، حوالي الساعة 2:15 صباحًا، سمعنا فجأة إطلاق نار كثيف، في البداية بدا كأن قوات الأمن تطلق النار في الهواء، وبدأ الناس في الركض، وبدأت أركض، وسمعت الناس يصرخون بأن هناك من أصيب، حاولت قلّة منّا نقله لكن الآخرون صاحوا وقتها أنه مات، لمدة 20 دقيقة لم نسمع إلا إطلاق النار بلا توقف”.

وبحسب تقرير صادر عن “اللجنة السورية لحقوق الإنسان“، لم تتح حين المجزرة إمكانية توثيقه لعدة أسباب، أهمها أن قوات الأمن سحبت جثث القتلى، ولم يكن من الممكن لأي من المعتصمين العودة إلى الساحة للتعرف على الجثث وإجراء التوثيق.

إلى جانب أن “المجزرة كانت من أوائل المجازر التي شهدتها سوريا، وبالتالي فإن مهارات التوثيق التي تطورت لاحقًا بشكل كبير لم تكن متوفرة في ذلك الوقت”.

في حين قالت “هيومن رايتس ووتش” إن 150 شخصًا من المعتصمين أصبحوا في عداد المفقودين، كما عثر على 35 جثمانًا في مكب نفايات بالقرب من مقبرة “النصر” في اليوم الذي عقب الهجوم.

في ذكرى الرحيل

الذكرى التي يصفها نشطاء من أبناء المحافظة بـ”الأليمة”، تقابلها أخرى من جانب مؤيدين للنظام في حمص، يحتفلون في منطقة الاعتصام نفسه إحياءً لذكرى السيطرة على المنطقة تحت الضربات العسكرية.

وفي 10 من أيار 2015، نظم مؤيدون للنظام احتفالًا في ذكرى مرور عام على خروج فصائل المعارضة من أحياء حمص القديمة، تخلله إعادة تأهيل الساعة الجديدة وسط المدينة بعد الأضرار التي حلت بها جراء القصف والمعارك التي شهدتها خلال أكثر من عامين.

وكالة “سانا” نشرت صورًا للاحتفال أظهرت انتشارًا لميليشيا “الدفاع الوطني” وعناصر من قوات النظام، إضافة إلى مشاركة طلابية من قبل منظمات “شبيبة الثورة” و”طلائع البعث” في محيط الساعة، بحتفلون تحت ظل صور الأسد بتهجير أبناء المنطقة.

من احتفالات موالي النظام في محيط برج الساعة بمدينة حمص- 10 أيار 2015 (سانا)

مقالات متعلقة

  1. المعارضة تبسط سيطرتها على مدينة حمص
  2. الساعة الجديدة.. الرمز الذي حمله الحمصيون إلى مناطق نزوحهم
  3. صلاة الغائب في حلب على أرواح "مجزرة ساعة حمص"
  4. إزالة "ساعة حمص" الشاهدة على أكبر اعتصامات المدينة ومجازرها

سوريا

المزيد من سوريا