أصدر حزب “البعث” في سوريا بيانًا بمناسبة الذكرى الـ77 لجلاء المستعمر الفرنسي عن الأراضي السورية قال فيه، إن “سوريا تخوض اليوم المعركة الأهم للقضاء على الاستعمار الجديد”، دون أن يحدد المقصود بهذا الاستعمار.
وجاء في البيان الصادر اليوم، الاثنين 17 من نيسان، المنشور عبر صحيفة “البعث” الحكومية التابعة للحزب، أن الاستعمار الجديد “يستخدم وسائل وأدوات أكبر خطرًا ووحشية من سابقه الاستعمار القديم”.
وتنسب وسائل الإعلام السورية الرسمية والمحلية صفة “الاحتلال” للوجود الأمريكي والتركي على الأراضي السورية، بينما تصف الوجود الروسي والإيراني بـ”الشرعي”، على الرغم من فارق الحجم والتأثير.
سيطرة روسية
لدى الولايات المتحدة الأمريكية نحو 900 جندي في سوريا متوزعين بين محافظتي دير الزور والحسكة شرقي وشمال شرقي سوريا، بهدف محاربة تنظيم “الدولة الإسلامية” مع دعم “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) وفق تصريحات مسؤوليها.
وتقود الولايات المتحدة التحالف الدولي ضد تنظيم “الدولة”، وتنتشر عبر الجغرافيا السورية في 28 موقعًا بدير الزور والحسكة، بين قواعد عسكرية وأمنية ونقاط مراقبة، بحسب دراسة لمركز “جسور للدراسات” في تموز 2022.
وأشارت الدراسة إلى أن النقاط التي توجد فيها القوى الأجنبية تمتلك كامل الصلاحية والقيادة، وتعتبر هذه المناطق والقواعد مناطق نفوذ مطلق لهذه القوات.
تركيا التي تقف في صف المعارضة، تنتشر في محافظة إدلب وأرياف حلب والرقة والحسكة، عبر 124 موقعًا موزعة بين قواعد عسكرية وأمنية ونقاط استطلاع، وتبرر تركيا هذا الانتشار باتفاقيات مع روسيا التي تعتبر فيها أنقرة ضامنًا لوقف إطلاق النار وخفض التصعيد، وحماية حدودها من “قسد”، وبهدف ضمان عودة اللاجئين السوريين الموجودين على الأراضي التركية إلى مناطق آمنة تبنيها في الشمال السوري.
وخلال النصف الأول من عام 2022، لم تطرأ تغيرات ملحوظة على الوجود الأمريكي والتركي في سوريا، بينما كانت هناك زيادة بسيطة في الحضور الروسي، أما إيران فقد كانت لها الحصة الكبرى من الزيادة في عدد المواقع ومساحة الانتشار، وفق الدراسة.
وتمتلك روسيا 132 موقعًا عسكريًا في سوريا بين قواعد عسكرية وأمنية ونقاط استطلاع موزعة على جميع المحافظات السورية ولكن بشكل غير متداخل مع نقاط الوجود التركي.
وفي العام الحالي، أضافت روسيا مطار “الجراح” العسكري في منطقة منبج على بعد 60 كيلومترًا من مدينة حلب بعد ترميمه إلى قائمة القواعد والمواقع الاستراتيجية التي أحكمت قبضتها عليها في سوريا، منذ تدخلها عسكريًا في 30 من أيلول 2015.
وتستخدم القوات الروسية 24 مطارًا في سوريا، منها مطارات تستخدمها موسكو وحدها دون أي وجود للنظام أو لطهران، وفق تقرير آخر لـ”جسور” في نيسان 2022.
وكشفت زيارة رئيس النظام السوري، بشار الأسد، الأخيرة إلى موسكو، عن احتمال عقد اتفاقيات سورية- روسية مقبلة، قد تفضي إلى سيطرة أكبر للروس في سوريا على مختلف القطاعات، أبرزها العسكري والاقتصادي.
وصرح في لقاء مع وكالة “سبوتنيك” الروسية، في 16 من آذار الماضي، أن وجود القواعد العسكرية الروسية لا يجب أن يرتبط بمكافحة الإرهاب، مضيفًا أن “توسيع الوجود الروسي في سوريا شيء جيد، وقد يكون ضروريًا في المستقبل”.
وأعلن الأسد التخطيط لتوقيع اتفاقيات، تشمل 40 مشروعًا استثماريًا في سوريا سيتسلمها الروس بمجالات الطاقة من كهرباء ونفط، والنقل، والإسكان، والصناعة، بالإضافة إلى مجالات أخرى لم يسمِّها.
ووقعت روسيا مع النظام عدة اتفاقيات، أتاحت لها السيطرة على مرفأ “طرطوس”، واستخراج الفوسفات والتنقيب عن النفط والغاز، وإنشاء صوامع للقمح، ومشاريع في مختلف القطاعات.
انتشار إيراني
بدورها، تمتلك إيران 469 موقعًا في سوريا، بين قواعد عسكرية وأمنية ونقاط استطلاع، تنتشر في معظم المحافظات، عبر القوات الإيرانية والميليشيات التابعة لها، مثل “الحرس الثوري”، و”حزب الله” اللبناني.
ونشرت عدة تقارير صحفية تتحدث عن التغلغل الإيراني في سوريا على مختلف الأصعدة (عسكريًا وسياسيًا واقتصاديًا)، معددة الجهود الإيرانية لنشر التشيع وتجنيد المقاتلين في صفوف قواتها.
وعلى ضوء الأحداث الراهنة، لا يلوح بالأفق تاريخ قريب لرحيل القوات الأجنبية عن سوريا، التي دائمًا تطالب نظيراتها بالانسحاب من الأراضي السورية في المؤتمرات والمحافل الدولية، بحجة أن وجودها غير قانوني، بينما تقول أخرى إن وجودها في سوريا بموجب اتفاقيات قديمة، أو لحماية المدنيين.
ويحيي السوريون بعد 77 عامًا ذكرى خروج آخر جندي فرنسي عن سوريا، في 17 من نيسان 1946.
–