قالت صحيفة “Fainancial Times” الأمريكية إن روسيا اتبعت استراتيجيات متشابهة في خطابها الإعلامي في حربيها في سوريا وأوكرانيا.
ونشرت الصحيفة، في 16 من نيسان، تقريرًا للمحلل السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية “CIA” ومؤلف كتاب “محطة دمشق”، ديفيد مكوسكي، قال فيه إنه “برغم أنه قد لا يوجد الكثير من القواسم المشتركة بين الحربين إلا أن روسيا فكرت في الطريقة نفسها”.
وأضاف، “لا تقدم تجربة روسيا في سوريا تحذيرًا لما سيحدث إن لم ينتصر الروس فقط، بل تصمم العدسة التي يمكن رؤية السلام من خلالها وهو ما يعد نموذجًا لاستراتيجية موسكو في أوكرانيا”.
البداية.. أوجه شبه بين سوريا والشيشان
يشرح الكاتب في تقريره ملخص الرؤية الإعلامية التي فرضها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على وسائل الإعلام الحكومية والمقرّبة منه.
وترتبط هذه الرؤية الإعلامية ببنود تُصدّر للمواطنين الروس، الأولى هو انتصار الأسد بدعم روسي، ووجود عسكري طويل الأمد في شرق البحر الأبيض المتوسط.
أما ثالث هذه النقاط فهي “حكومة حليفة لروسيا في دمشق”، وهو ما يشكل وفق الكاتب “رسالة إعلامية للمواطنين الروس بأن موسكو تفوقت على واشنطن في ساحة المعركة”.
ونجح الروس عبر تدخلهم العسكري المباشر إلى جانب النظام السوري بإعادته للسيطرة على مساحات واسعة من الجغرافيا السورية كانت سيطرت عليها المعارضة في وقت سابق.
وبدأت روسيا بشكل مباشر تنفيذ عمليات عسكرية في سوريا منذ عام 2015، بذريعة محاربة تنظيم “الدولة الإسلامية” وبطلب رسمي من النظام السوري.
وهذا ليس التدخل العسكري الروسي الأول في دول أخرى، إذ سبق أن غزت روسيا كل من أفغانستان والشيشان وجورجيا، في حين تُعدّ أوكرانيا آخر الحروب الروسية.
ودمّرت روسيا أثناء حربيها في الشيشان (الأولى بين عامي 1994 و1996 والثانية بين عامي 1999 و2000) مدنًا كاملة على الأرض.
وربط الكاتب بين العمليات العسكرية التي نفذتها موسكو في سوريا وتلك التي نفذتها في الشيشان، وهي تكتيكات يرى أنها “متشابهة بشكل مخيف”.
وأضاف، “دمر الجيش الروسي عاصمة الشيشان ووصفتها الأمم المتحدة في عام 2003 بأنها المدينة الأكثر دمارًا على الأرض وكان مصير حلب هو نفسه”.
واعتمدت روسيا استراتيجية “الأرض المحروقة” في حروبها في سوريا والشيشان.
وتعني هذه الاستراتيجية “ترك الأرض قاحلة خلفها”، وإحراق وتدمير كل ما يمكن أن يستفيد العدو منه.
وفي الوقت الذي تعتمد موسكو هذه الاستراتيجية، فإنها تعمل أيضًا على خطاب إعلامي موجه لمواطنيها ومغاير للحقيقة.
التكتيك المتبع في أوكرانيا.. مشابه
وفي التقرير الذي نشره مكوسكي، أشار إلى أن موسكو غيرت الحقائق في سوريا لخدمة أهداف حملتها العسكرية، وتبرير الوحشية التي اتبعتها في المعارك”.
وأضاف، أن موسكو “ادّعت أن ما يحصل هو حرب أهلية بين الأسد والجهادية السلفية العنيفة”.
واتبع بوتين تكتيكًا محددًا ينقل مسؤولية قتل المدنيين واعتقالهم من قوات النظام السوري إلى المعارضة، وهو ما اعتبرته وسائل الإعلام الروسية “ردًا ضروريًا على الإرهاب”.
وبحسب “الشبكة السورية لحقوق الإنسان“، قُتل ستة آلاف و943 مدنيًا بينهم ألفين و44 طفلًا.
نقاط اتبعتها موسكو في روايتها
وضع التقرير ثلاثة نقاط أساسية اتبعتها روسيا لتبرير عملياتها العسكرية في سوريا وأوكرانيا، وتصدير خطابها الإعلامي لمواطنيها أو لمواطني الدول الأخرى.
وتتعلق الأولى بالتركيز على الأفكار العقائدية لا الأفراد، وذلك من خلال نفي وجود أي متظاهرين طالبوا برحيل الأسد بل إرهابيون، بينما في أوكرانيا اتجهت للحديث عن محاربة روسيا للنازيين.
وتتعلق النقطة الثانية باعتماد روسيا على قلب الحقيقة وتشويهها، وذلك عبر الحديث المتكرر عبر وسائل الإعلام بمحاربة الإرهابيين، في الوقت الذي هاجمت فيه الثوار المناهضين للأسد في عدة مناطق.
وأوضح مكوسكي، أن روسيا نسجت روسيا وحلفاؤها الأكاذيب حول استخدام النظام السوري للأسلحة الكيماوية ضد المدنيين.
ووثّقت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” 222 هجومًا كيماويًا في سوريا، منذ أول استخدام موثّق في قاعدة بيانات “الشبكة” للسلاح الكيماوي في كانون الأول 2012 حتى 30 من تشرين الثاني 2020.
وسبق لروسيا أن استخدمت حق النقض “الفيتو” عدة مرات في مجلس الأمن لإفشال مقترحات لإدانة النظام السوري بعد إثبات استخدامه للأسلحة الكيماوية.
الأمر نفسه وفق الكاتب اتبعته موسكو في أوكرانيا، وشنّت غارة على مسرح في مدينة ماريوبول أدت لمقتل 600 شخص ثم قالت إن المنفذين وحدة عسكرية أوكرانية لها جذور يمينية متطرفة، بالإضافة إلى تزييف حقائق مقتل مئات الأوكرانيين.
وختم الكاتب مقاله بأن “رواية الكرملين عن سوريا وأوكرانيا تقدم تحذيرًا قاتمًا حول الحقيقة الروسية وماتشكله بالنسبة للسوريين والأوكرانيين”.