عروة قنواتي
كلنا أو أغلبنا يميل لأندية ومنتخبات بعينها، ويعشق نجوم الكرة ويدافع عن مستواهم إذا انخفض وطالته سهام النقد والتقييم، وكثير من هذه المعارك الكلامية دفاعًا وهجومًا انتهت بقطيعة بين الأصدقاء، وخصوصًا في المجال الإعلامي. إنها كرة القدم بكل أحوالها وتقلباتها.
أنا أحب المنتخب الهولندي ونادي برشلونة ومن بعده نادي إنتر ميلان منذ تسعينيات القرن الماضي، ولا أخفي هذا الأمر عن أحد، متحملًا عواقب وسخرية كثير من أصدقائي ومن المتابعين عندما تهتز صورة الفرق التي أعشق قمصانها ونجومها، وهذا ليس عيبًا، إنما وبعيدًا عن الحيادية بحد ذاتها، وبالقصد المفهوم والواضح للإعجاب، لا تستطيع أن تمر مرور الكرام على ما يصنعه بعض نجوم كرة القدم بزماننا وفي السنوات التي نعايش فيها كرة القدم بما يعادل طعامنا ونومنا.
كم كنت أتمنى أن يرتدي النجم الفرنسي الجزائري الأصل كريم بنزيما قميص البارسا في السابق، لطالما ارتدى قميص البارسا نجوم ومواهب، ولكن كم كنت أتشوق لرؤية هذا الحجر الكريم يغادر صندوق الخصم التقليدي باتجاه أسوار “الكامب نو”، ولكن أيضًا هي كرة القدم بكل محطاتها وفصولها.
موسم بعد موسم ويزداد هذا النجم لمعانًا وقدرة في ملاعب كرة القدم بكل العوائق والحملات التي صادفته وتصادفه منذ سنوات، آخرها استبعاده من مرافقة المنتخب الفرنسي إلى مونديال 2022 بحجة الإصابة، لتظهر بعد المونديال ملفات تقصّد أصحابها في إدارة المنتخب وكادره الطبي استبعاد النجم كريم بنزيما.
رمزية النجم الفرنسي تجلت بتوافق جميع عشاق كرة القدم على أنه الأجدر لنيل الكرة الذهبية عن الموسم الماضي (عشاقه وخصومه)، وهي لعمري حالة نادرة في كرة القدم وتاريخها، إذ إن التنافس بين النجوم يجعل هناك فرصة في السابق لتعطى 90% لأجل ليونيل ميسي و10% لأجل كريستيانو رونالدو، والعكس أيضًا وارد وحاصل، أما الآن فلا يجد عشاق ونقاد كرة القدم في العالم خصمًا ومنافسًا لما فعله وقدمه كريم بنزيما في الموسم الماضي، فهي نجمة خاصة ضمن رصيد قائد الفريق الملكي.
قائدًا لفريقه يحضر في الملعب، كاسرًا للأرقام يظهر لك في البطولات، منافسًا لغيره من النجوم يتجلى في ملاعب كرة القدم في كل عام، حجر كريم كلما تقدم في العمر ازداد جمالًا، ولا تستطيع في حضرة مداعبته للكرة إلا أن تصفق وتتمناه بقميص النادي أو المنتخب الذي تحب.
كريم يقاتل مع ريال مدريد هذا العام لنجمة جديدة في دوري الأبطال، ويبدو أن حجز بطاقة نصف النهائي باتت مسألة وقت، مع فوز الملكي على البلوز تشيلسي بهدفين في الذهاب، كما أن الفريق بقيادة النجم مرشح لحمل كأس الملك بعد إقصاء البارسا برباعية في نصف النهائي والتأهل لمواجهة أوساسونا في النهائي. صحيح أن المنافسة على لقب الليغا باتت شبه مستحيلة لابتعاد البارسا في الصدارة بفارق 13 نقطة، إلا أن كريم بنزيما لا يمل من ملاحقة البولندي روبرت ليفاندوفسكي ضمن صدارة الهدافين، الفارق بين النجمين ثلاثة أهداف والمتبقي عشر جولات.
من دون المنتخب لن يكون كريم بنزيما مرشحًا للبالون دور أو الأفضل في أوروبا والعالم عن الموسم الحالي، ولكنه ما زال قادرًا على اللمعان وحصد البطولات لفريقه الملكي، وما زال بجعبته ما يقدمه في ملاعب الساحرة المستديرة. ما زال كالحجر الكريم في متحف أصحاب القمصان البيضاء أبطال أوروبا.