الممثل السوري نوار بلبل: نهاية “ابتسم أيها الجنرال” لا تشبه قصص الأطفال

  • 2023/04/18
  • 9:35 ص
الممثل السوري نوار بلبل بدور جهاد في مسلسل "ابتسم أيها الجنرال"

الممثل السوري نوار بلبل بدور جهاد في مسلسل "ابتسم أيها الجنرال"

يشارك الممثل السوري نوار بلبل في مسلسل “ابتسم أيها الجنرال” الذي يعرض خلال موسم دراما رمضان 2023، ويؤدي في العمل الذي يتناول حياة رئيس جمهورية دكتاتور ومستبد، شخصية جهاد، مهندس وشقيق شريك أنيس الرمي، رجل الاقتصاد الأول في الدولة التي تدور فيها الأحداث.

العمل الذي قدّم حكايته على أنها من وحي الخيال جاء متقاطعًا مع خطوط وأحدث حقيقية عاشها السوريون على مدار عقود في ظل حكم الأسدين، الأب والابن، ما جعل العمل سابقة برفع سقف النقد، واستهداف رأس هرم السلطة لأول مرّة.

وفي حديث لعنب بلدي، قال نوار بلبل إن الدراما السورية تسافر بعيدًا عنن المشكلة الأساسية، ولا تتطرق لها، ولا تستطيع حتى تناولها، ما يعني أن هذه الدراما ليست دراما بالفعل، وتدور في فلك التسلية فقط.

فشل الدراما السورية على مدار أكثر من عقد مرّ على اندلاع الثورة، بدا واضحًا عند عرض مسلسل “ابتسم أيها الجنرال” الذي كشف، وفق رأي بلبل، “بؤرة قذارة” وأسقط ورقة التوت عن الدراما السورية، إذ يتحدث العمل صراحة، فنيًا وعبر النص عن مشكلة ما تزال قائمة، بمعزل عن الأعمال التي تشيح بنظر المشاهد عن مشكلاته وقضاياه، بتركيزها على قصة حب هنا، وعمل بيئة هناك.

المتعة والفائدة

حول مستوى حضور الأعمال الناقدة في الدراما السورية، يرى نوار بلبل أن مسلسل “مرايا” على مدار أجزاء، حمل لمسة نقدية لكن عن بعد، بالاعتماد على التوريات وانتقاد الفئات الدنيا من السلطة.

ويعتبر الترفيه وظيفة من وظائف الدراما لكنه في الوقت نفسه “زبد” لا يبقى، والتركيز على هذه الوظيفة فقط، يخرج العمل من كونه فنًا ليندرج في إطار أعمال الترفيه، والترفيه المطلق.

يجب أن يركز العمل الفني على المتعة والفائدة كما قال بريخت (مخرج مسرحي ألماني)، فالمعتة بلا فائدة تحوّل العمل المسرحي مثلًا إلى سيرك، والفائدة بلا متعة تحوّل العمل إلى محاضرة، وجمع المتعة بالفائدة يدخل العمل مضمار الفن.

نوار بلبل- ممثل سوري

 

وأوضح بلبل أن النظام السوري لا يسمح باللعب خارج المساحات التي يتيحها، وأن التوجه نحو صناعة عمل اجتماعي تتطلب التركيز على الفقر الذي يعانيه الناس، وحالة الفقد التي يقاسونها، وهذا لا ينجح بالحديث عن مسؤول فاسد صغير يتحمل مسؤولية قضية أكبر من حجم سلطته، ويبّين أن صنّاع “مرايا” بعيدون عن جوهر القضية.

ورغم جماهيرية العمل ومتابعاته العالية يشكك نوار بلبل في أن تعرض شاشة عربية “ابتسم أيها الجنرال” مستقبلًا، “لا يحبّذون أن تتفتح عيون الناس على جزئيات من المجتمع وقضايا تلامسه”.

الممثل السوري نوار بلبل بدور جهاد في مسلسل “ابتسم أيها الجنرال”

للرقابة أنواع

يتابع نوار بلبل أن الدراما السورية لم تكن سوى حالة إلهاء، وتنفيس، حسب الشدّة، فحالة النقد التي تقدّمها أعمال مثل “بقعة ضوء” و”مرايا”، يمكن أن تحمل رسالة تحذيرية من النظام للشارع، على اعتبار أن انتقاد قسوة السلطة في التعامل مع النشاط السياسي، عبر الدراما، تأكيد وتلويح من السلطة ذاتها، باستخدام هذه القسوة في وجه من يسلك أي نشاط سياسي.

وبالحديث عن تفاوت مستوى الرقابة بين العمل الدرامي المحلي، والعمل المشترك (سوري- لبناني) فمن وظائف الدراما أيضًا الحديث عن المشكلات والقضايا المسكوت عنها، عبر الاستعانة بباحثين أو مختصين نفسيين يشرحون للرقابة ذاتها التأثير التوعوي لما تراه تجاوزًا للخطوط الحمراء.

ولا تقتصر الرقابة على العمل الدرامي في هذا السياق، على السلطة، والرقابة السياسية فقط، فهناك رقابة اجتماعية ورقابة دينية أيضًا، وكلّها تحد من تطور الدراما، عبّر نوار بلبل عن كل منها بثيمة لغوية تستعملها جهة الرقابة ذاتها، إذ تتجلى الرقابة الاجتماعية بـ”عيب ما بيجوز”، ورقابة الدين بـ”حرام”، ورقابة السلطة بـ”ممنوع”.

ومن مهام الفن الارتقاء بذائقة الجمهور، لأن الانحدار بالذائقة الجماعية، يعني توريط الناس وعدم تشخيص مشكلاتها بشكل صادق، وموضوعي، وفق نوار بلبل.

“ابتسم أيها الجنرال”.. البطولة للنص

عانى مسلسل “ابتسم أيها الجنرال” من بعض المشكلات الفنية، وكأي عمل آخر يمكن أن يتضمن ثغرات، لكن النص ما يزال أقوى من كل الممثلين ومن الإخراج أيضًا، وفق رأي نوار بلبل، المشارك في العمل، فلا يوجد ممثل تجاوز أهمية النص رغم الأداء القوي والمميز لبعض الممثلين، ما يبقي النص البطل الأول في العمل، وفق رأيه.

ولتسمية الأشياء بمسمياتها يجب أن يمتلك صنّاع العمل الحكاية الكاملة، وفي هذه الحالة فالكاتب يعرف بعض الحقائق، لكنه لا يملك الحقيقة كاملة، والتطرق لأي حدث بحرفيته يتطلب وثائق، فعند الحديث عن تجارب الكيماوي التي حصلت ما قبل الثورة على معتقلين في تدمر بشكل صريح، هناك حاجة للحقيقة المطلقة الكاملة وهي غير متاحة، بحسب بلبل.

ويكمن ذكاء النص، كما يرى الممثل السوري، في صناعة خليط على مستوى الشخصيات والأحداث جعل المشاهد في حيرة بين أن رئيس “دولة الفرات” هو بشار أم حافظ الأسد، وعاصي شقيقه، هو ماهر الأسد أم عمّه رفعت الأسد، وهذا ما أخرج النص بصورة عبقرية، طالما أن المقصودين ينتمون للمنظومة ذاتها، فالعمل إلى جانب توجيهه للسوريين بمختلف قناعاتهم السياسية، يلامس كثيرًا من واقع دول عربية مختلفة تعاني الظلم والاستبداد وغياب حرية التعبير.

الممثل السوري نوار بلبل بدور جهاد في مسلسل “ابتسم أيها الجنرال”

النهاية لا تشبه قصص الأطفال

تنقسم آراء الجمهور عادة حيال الأعمال التي تحمل لمحات تاريخية أو توثيقية، لكنها في الوقت نفسه “روائية” و”غير وثائقية أو تسجيلية”، فيتعامل معها الجمهور على أنها حقيقة مجرّدة منقولة بأمانة أو مشوهة، وسند تاريخي أصيل أو تعرض لتحريف.

ولا تنسجم هذه الرؤية مع بعض الآراء النقدية في هذا الصدد، إذ تلفت المجلة الإخبارية للجمعية الأمريكية التاريخية (Perspectives Of History)، التي تأسست عام 1962، في مادة بعنوان “التاريخ كترفيه أم الترفيه كتاريخ“، إلى ضرورة أن تكون الدراسة الواعية للماضي، رحبة بما يكفي للسماح بآراء وتفسيرات مختلفة، وهذا يشكّل جوهر الترفيه.

وكان الكاتب الدرامي، فؤاد حميرة، قال في وقت سابق، إن كاتب “ابتسم أيها الجنرال”، سامر رضوان، اختار صناعة رمز للدكتاتوريات كلها تاريخيًا ومكانيًا، قاصدًا التوسع في صورة المستبد دون اللجوء إلى تحجيمها بشخص بعينه.

وبيّن عبر “فيس بوك“، أن الكاتب استفاد من بعض الوقائع المعروفة لدى العامة فأسقطها على الرمز الذي اختاره بصباغة عبقرية جلبت له الكثير من الحسد والحاسدين.

وحول ما ينتظر المشاهد في الحلقات القليلة المتبقية مع قرب انتهاء شهر رمضان، أوضح الممثل نوار بلبل أن نهاية العمل لا تشبه قصص الأطفال التي ينتصر فيها الخير على الشر، إذ لابد من لمسة واقعية للحكاية التي جاءت أصلًا من واقع ما يزال معاش.

“ابتسم أيها الجنرال” من إخراج عروة محمد، ويتشارك البطولة كل من مكسيم خليل (الرئيس)، وسوسن أرشيد (سامية أخت الرئيس)، وعبد الحكيم قطيفان (العميد حيدر)، وغطفان غنوم (الضابط عاصي شقيق الرئيس) ومازن الناطور (رجل الأعمال المقرّب من السلطة أنيس الرومي)، ونوار بلبل (جهاد)، وريم علي (صوفيا زوجة الرئيس) وعزة البحرة (والدة الرئيس)، ومحمد الأحمد (وضاح)، ومرح جبر (ماريا صديقة وضاح)، وهو من إنتاج شركة “ميتافورا”.

مقالات متعلقة

فن وثقافة

المزيد من فن وثقافة