نقص المدرّسين يفتح باب الدروس الخاصة في درعا

  • 2023/04/16
  • 12:33 م

قاعة صفية في مدرسة ابتدائية بريف درعا الغربي- 9 آذار 2023 (عنب بلدي/ حليم محمد)

درعا – حليم محمد

فرضت حالة النقص في الكادر التعليمي ضمن بعض مدارس محافظة درعا تأثيرًا اقتصاديًا إضافيًا على العائلة التي تضطر لإخضاع ابنها أو ابنتها لدروس خاصة، لتلافي النقص أو حالة الفقد التعليمي التي تعيشها بعض المدارس، ولا سيما بالنسبة لطلاب الشهادة الثانوية، الذين يقفون على بعد خطوة من الحياة الجامعية.

ويتجلى النقص في بعض مدارس ريف درعا بمدرّسي الفلسفة، وهي مادة موسعة لطلاب الفرع الأدبي، إلى جانب اللغتين الإنجليزية والعربية، والرياضيات، إحدى أبرز مواد الفرع العلمي.

عنب بلدي رصدت شكاوى بعض أولياء الأمور من نقص الكادر التدريسي، ما يؤثر في مستوى أبنائهم وجاهزيتهم لامتحانات الثانوية، وهو ما سعت العائلات لتلافيه بالدروس الخاصة، رغم العبء المادي المترتب عليها.

حلول مكلفة ماليًا

آية، طالبة في الثالث الثانوي ضمن إحدى مدارس ريف درعا الغربي، قالت إنها لم تحصل مع زملائها على أي درس في مادة الفلسفة منذ بداية الفصل الثاني، بعدما ترك مدرّس المادة الوحيد العمل في المدرسة.

وعبّرت الطالبة لعنب بلدي عن مخاوفها من احتمالية تدني مستواها في امتحانات الشهادة الثانوية، فاتجهت للدروس الخاصة في مادتي اللغة الإنجليزية والفلسفة.

وأوضحت آية أن عائلتها تدفع خمسة آلاف ليرة عن كل درس خاص لكل من المادتين اللتين تحصل على درسين لكل منهما أسبوعيًا، ما يعني أن التكلفة الأسبوعية لدروسها 20 ألف ليرة سورية.

ويعقد المعلم جلسة الدرس الخاصة لثلاثة طلاب معًا، يدفع كل منهم خمسة آلاف ليرة عن كل درس مدته ساعة واحدة، وهو رقم غير ثابت، يختلف مع كفاءة المعلم وعدد الطلاب.

وأمام تفاوت قدرات العائلات المادية، في ظل أوضاع اقتصادية متردية في عموم مناطق سوريا، تسعى شهد لتعويض عدم قدرتها على نفقات الدروس الخاصة بمتابعة جلسات تدريس لمنهاج الثانوية عبر “يوتيوب”، كبديل أقل تكلفة عن تلك الدروس، لكنه في الوقت نفسه أقل جدوى بالنسبة للطالبة، وفق ما أوضحته لعنب بلدي.

وإلى جانب نقص الكادر التدريسي، يعاني بعض الطلاب ازدحام الغرف الصفية التي يمكن أن تضم 40 طالبًا، إلى جانب غيابات المعلمين، ما يهدد بتأثير سلبي خصوصًا لدى طلاب الثانوية بفرعها العلمي الذي يتطلب منهاجها شرحًا وتبسيطًا للفكرة، أكبر من المطلوب لدى طلاب الفرع الأدبي.

فارس، طالب ثالث ثانوي في الفرع العلمي، أشار لعنب بلدي إلى أن سبيله لتجاوز هذه الحالة هو الدروس الخاصة التي يتلقاها مع بعض زملائه وتحديدًا في مادة الرياضيات، ولا تختلف فيها تكلفة الدرس عن مواد اللغتين العربية والإنجليزية والفلسفة.

في العام الدراسي 2022، بلغت نسبة النجاح في مناطق سيطرة النظام بالشهادة الثانوية بفروعها، 55.24% لطلاب الفرع العلمي، و53.98% لطلاب الفرع الأدبي، و65.19% لطلاب الثانوية الشرعية، وفق ما أحصته وزارة التربية في حكومة النظام حينها.

غياب التخصص وقلّة الراتب

معلمة لغة غربية في إحدى مدارس ريف درعا الغربي، طلبت عدم ذكر اسمها لأسباب أمنية، أوضحت لعنب بلدي أن النقص الأكبر في تخصصات اللغة ضمن المدارس يكون في اللغة العربية عادة، بسبب ميل المدرّسين للهجرة منذ 2011، إلى جانب تدني الأجور، ما يدفع المعملين نحو المدارس والدروس الخاصة.

كما أشارت المعلمة إلى ضعف في تعيين خريجين جامعيين مختصين أصلًا في اللغات، وهو ما تتجه بعض المدارس لتلافيه عبر خريجي قسم معلم صف، أو السماح لطلاب جامعيين بتدريس الإنجليزية مثلًا رغم عدم تخصصهم بها.

وترك عبد الكريم، وهو مدرّس لغة عربية، مهنة التدريس لعدم كفاية معاشه الشهري الذي لا يغطي متطلبات المعيشة لعائلته، ولجأ للعمل في تربية المواشي.

ويتقاضى المعلمون معاشًا شهريًا يتراوح بين 130 ألفًا و150 ألف ليرة سورية تقريبًا، منذ أحدث زيادة على الرواتب في كانون الأول 2021، وجاءت حينها بنسبة 30% للعاملين والموظفين، و25% للمتقاعدين.

كما حلّت سوريا في المركز الـ18 من أصل 117 بلدًا في مؤشر معدل فقر العاملين، بحسب تصنيف “منظمة العمل الدولية” لعام 2022.

في السياق نفسه، يحصل المدرّس على 15 ألفًا إلى 20 ألف ليرة سورية لقاء الدرس الخاص الواحد (الدولار يساوي 7550 ليرة سورية حتى إعداد المادة).

وفي أيلول 2022، أجرى مئات الطلاب في مدينة طفس وقفة احتجاجية بسبب تردي الواقع التعليمي، وطالبوا بتحسين الخدمات التي تقدمها مديرية التربية للمدارس.

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) قدّرت، في كانون الثاني 2022، عدد الأطفال المحرومين من التعليم في سوريا خلال السنوات العشر الأخيرة، بأكثر من مليوني طفل.

مقالات متعلقة

مجتمع

المزيد من مجتمع